من الواقع: العالم في دبي، بقلم محمد خليفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما أقدمت عليه امارة دبي هذا الاسبوع, اكبر خطوة عملاقة في تاريخ الوطن العربي, فدبي باختيارها اعلان مدينة للانترنت واصرارها على الانطلاقة العملية للمشروع خلال سنة واحدة, اشارة من ان المدينة الامارة لاتريد بأية صورة من الصور ان تتأخر عن لغة العالم في القرن المقبل, والحقيقة ان خطوات دبي ومنذ زمن غير قصير كانت دائما تحلق باتجاه الحداثة وامتلاك العالم باليدين وما اصعب ان تشكل لك موقع قدم في عالم اليوم المزدحم المنافسة والمتكاتف الصراع مع مطلع كل شمس. الا ان ما اقامته دبي من انجازات كإرساء تقاليد اقتصادية من خلال المهرجانات العالمية, وهو الامر الذي سحبت به البساط من تحت اقدام مدن عالمية رائدة, واصبحت مهرجانات دبي خانة مميزة في اللوحة الاقتصادية العالمية فإذا كان المحور الاقتصادي الاسيوي سابقا هو مدينة (هونج كونج) في زمن السيطرة البريطانية, الا ان تحول هونج كونج باتجاه الصين حول اتجاه البوصلة العالمية باتجاه دبي, وللتاريخ ان هذا الدور التاريخي والمحوري ليس جديدا على دبي بالنظر الى تلك الامدادات العميقة لما كانت دبي هي مدار الحركة التجارية بين شبه القارة الهندية والشرق الاوسط ومن بعده بقية العالم. اليوم دبي وبصورة حداثية جدا, تحاول امتلاك الكمبيوتر, لان المستقبل يملكه الذين يملكون ادوات السيطرة على هذه التقنية الرائدة, فلقد ادرك آل مكتوم ان الوطن العربي هو صاحب النسبة الاضعف عالميا في استهلاك (الانترنت) , كما ان امتلاك اسرائيل وفي منطقة الشرق لاكبر شبكة كمبيوتر في المنطقة زائد ماليزيا التي تحتفظ به بالصدارة وبأكبر شبكة للانترنت عالميا في الوقت الحاضر, فدبي وبهذه المعطيات لاتريد ان تظل في موقع المتفرج على هذه التحولات العالمية فكان لابد من دخول المعركة وامتلاكها وتلك دائما كانت عادة دبي في التعامل مع اسباب النجاح, حتى وان كان الطريق الى ذلك بتكلفة 200 مليون دولار وهو رقم يبدو للوهلة الاولى فلكيا ومحلق في السماء, الا انه وبالنظر الى حجم الطموح المتوفر في المشروع, فالأمر يستحق هذا المبلغ وربما اكثر, لان تكون في المقدمة ليس سهلا ولا بسيطا, وقديما قال المتنبي وعلى فكرة هو شاعر قتله طموحه, وضاقت به ارض العرب ذرعا لانه في محطات كثيرة كانت اقل مما يطمح اليه. لولا المشقة لساد الناس كلهم.. الجود يفقر والاقدام قتال.. ولأن المستقبل الاقتصادي كله مرتبط بالتجارة الالكترونية, فلا تجارة خارج شبكة الكمبيوتر, ولاتجارة ايضا ولا اقتصاد خارج شبكة معلوماتية قوية وفاعلة, هذه مدارك دبي الجديدة, التي تسعى من خلالها دائما الى جعل اسم الامارات عاليا و رائدا, وتلك واحدة من افرازات النظام العالمي الجديد الذي لايرحم ضعيفا ولامكان فيه لمتخلف عن امتلاك اسباب القوة والتفوق والسنوات القليلة الماضية اكدت هذه الحقائق مما اعطى صورة انطباعية واضحة عن شكل صورة المستقبل وكيف ستكون عنيفة التوجه والصراع بين الاقوياء. فكيف بالالفية الثالثة المقبلة, وهي الفية ستمارس فيها التجارة العالمية عن طريق شفرات الكمبيوتر, وسوف يتحول فيها الهاتف المحمول الى جهاز مكتب متحرك, حينها فقط كيف ستكون صورة مجتمع مازال جاهلا بأسرار الانترنت, دبي تريد للعربي وللعرب امتلاك اسباب القرن, وتلك عادة الذين تعودوا دائما ان يكونوا في المقدمة, فلا غرابة ان يأتي هذا في دبي دانة الدنيا.. ولؤلؤة الخليج.

Email