من الواقع: نيابة عن البغدادي، الكويت .. شكرا، بقلم محمد خليفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما اقدم عليه أمير دولة الكويت .. وسام شرف سوف يحمله صدره على مر التاريخ, باعلانه الثلاثاء الاخير الافراج عن الدكتور البغدادي. لقد كنا وصدقا نتمنى الا تحصل هذه السابقة في بلد اخذناه دائما نموذجا للمساحات الواسعة لابداء الرأي والرأي المضاد. والكويت كانت دائما وطنا وفيا لهذه التقاليد , ولذلك كان الخروج عن هذه القاعدة حتما سيكون واقعا مؤلما عند كل الذين احترموا الخيار التسامحي والخيار الديمقراطي عند ابناء الكويت. فبصرف النظر عما حدث وكيف حدث, الا ان الواقع كان فظيعا ان ينتهي الدكتور البغدادي الى هذه النهاية المأساوية, قد تختلف آراؤنا في الحياة الى حد التصادم وهذه للعلم ظاهرة صحية في اي مجتمع كان, لان المجتمعات التي لاتختلف فيها الافكار والعقول هي بالضرورة مجتمعات جامدة راكدة, والركود والجمود حتى في المياه التي هي اصول الحياة, تتحول وبطريقة آلية الى مصانع لتفريغ مختلف انواع الجراثيم الضارة والقاتلة. لذلك فالحركة كانت دائما سمة حياة ونضج ومحاولة لامتلاك المستقبل وصياغة الحاضر في افضل صوره. لهذه القناعة ان تتحول بعد ذلك قضية البغدادي الى القضية الرائدة في الكويت وفي الوطن العربي. هذه صورة طيبة للواقع الفكري في الوطن, وهنا اتجاوز فحوى الخلاف بين انصار وخصوم ماطرحه البغدادي, انما تشبث بمنظور اراه مقدسا في الممارسة الثقافية في حياة اي امة كانت. فالقاعدة الذهبية التي ليست عندها ديمقراطيات العالم الآخر كانت دائما (هي ان اختلف معك في الرأي وهذا حقك, ولكن على استعداد دائم للموت حتى تقول رأيك) . وطبيعي ان يكون هذا هو اعظم اشكال الحرية العقلية والفكرية, وعلى هذا الاساس, نحن نأخذ جانب الدكتور البغدادي ونترك البقية لسلطات قضائية نعتقد فيها دائما انها تملك سلطة التقدير والحسم في فحوى النزاع القضائي المطروح امامها. والصدفة ان تتزامن قضية البغدادي مع قضية مارسيل خليفة في لبنان, ومارسيل صوت نجله ونحترمه, وهو ايضا معروض امام القضاء الآن, ولكن اعتقادنا الدائم ان لبنان كان تاريخيا بلد حريات, وحكمة القضاء في لبنان حتما لن تدفع بمارسيل وهو احد رموز المقاومة العربية الى السجون, وكم سعدنا ان علماء لبنان او بعضهم على الاقل انصف مارسيل. فكم نسأل الله ان تصل ازمة مارسيل الى نفس النهاية السعيدة التي وصلت اليها ازمة البغدادي في الكويت.

Email