استراحة البيان: .. لوكنت مكان ذلك اللاعب، كتبها اليوم قاسم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما نشاهد مباراة في كرة القدم نتحمس كثيراً ونشجع الفريق الذي نحبه بدرجة التطرف ولاتخلو متابعتنا من توتر وانفعال.وربما عدم ظهور أحد لاعبينا المفضلين بالمستوى المطلوب يجعلنا تارة نفقد شهية المتابعة, وتارة اخرى تعلو اصواتنا, وتنقلب عواطفنا عندما يضيع هذا اللاعب هدفاً في مرمى الخصم وننعته بكل الصفات, ونردد تلك الجملة الشهيرة: لو كنت مكانه لفعلت كذا وكذا ولأحرزت عدة أهداف من هذا الموقع . ولأننا لسنا في موقع ذلك اللاعب نستسهل الأمر, وهكذا دائماً في كل أمور حياتنا كل منا يرى أنه يستطيع أن يحقق معجزة لو كان مكان الآخر وذلك طبعاً لأننا في موقع المتفرج ولسنا في موقع التنفيذ. وعلى سبيل المثال عندما اقترح علي الأخوان في جريدة (البيان) الكتابة في الاستراحة, بتشجيع منهم استمريت في ذلك وأنا أعي تماماً بأنني لست كاتباً ولا أدعي بأن عندي المقدرة على ذلك, بل ان ما اكتبه ليس الا تجارب ومواقف أريد أن أشارك القراء فيها, ومع الاستمرار في الكتابة أدركت مدى صعوبة إرضاء جميع الأذواق. فمثلاً بعد كل موضوع ينشر أتلقى وجهات نظر مختلفة وآراء متضاربة ومتباينة من الأخوة والأصدقاء وكذلك من بعض القراء, وأدركت تماماً بأنه ليس بالضرورة كل ما يكتب من مواضيع يتقبله الجميع, فأدركت انني كنت استسهل مهام الكتاب الذين هم مطالبون بالكتابة يومياً ويشاركون هموم مجتمعهم بها, فقد كنت أعتقد في كثير من الأحيان ان المواضيع التي تكتب لاتشبع اهتمامات الناس, ولاتستحق الكتابة عنها, هكذا كانت وجهة نظري وكأني كنت ارى أن جميع القراء متفقون معي ولأني كنت في موقع القارىء, وكان لسان حالي يقول لو كنت مكان الكاتب لكنت كتبت بأسلوب أقوى وفي أمور أهم تستهوي الجميع, ولم أكن أدرك معاناة الكتاب وما يمرون به من مواقف تتطلب منهم الكتابة يومياً في مواضيع ومجالات متعددة. ان كلاً منا في موقع عمله قد يتعرض الى مواقف كثيرة ومتشابهة, إذ ان بعض الناس لايقدر ان الموقع يستلزم مراعاة خصائص وقواعد العمل الذي نقوم به ويفرض علينا اتخاذ القرار في الوقت المناسب. هذا هو السلوك الطبيعي للانسان, لايدرك ان هناك تفاوتاً بين الموقع والموقف, وكل منا ينتقد الآخر ويعتقد أن بامكانه فعل المعجزات لو كان مكان صاحب الموقع.

Email