احتفالا بــ(سرير الغريبة): محمود درويش.. الحاضر بؤرة الزمن والشعر ممكن

ت + ت - الحجم الطبيعي

اقيمت امسية احتفالية بديوان (سرير الغريبة) للشاعر محمود درويش في مركز السكاكيني بمدينة رام الله القى الشاعر كلمة استعرض فيها صعوبة الشعر وضرورة اعادة الواقعي الى واقعه دون ان يفقد الخيالي وظيفته الوسيطة, وقال ان تغييرا جذريا يجري في واقعنا المادي وفي واقعنا المعنوي اللغوي على السواء . لا لأن السياق العام غامض وملتبس بل لان التجربة تولد على قارعة الطريق, ولان الطريق يأخذنا او يجرفنا إلى ما لم نألف يأخذنا الى ما يشبه الشيء لا الى الشيء نفسه. فالعائد منا لا يعود الى ماترك ولا الى ما رأى المخيلة وربما كف اللاجىء منا ازاحة الصدأ عن مفاتيح بيته والباقي منا على ارضه لم يتحرر تماما من آثار الاحتلال ولم ير في الشرطة الوطنية ملائكة رحمة. وهكذا لم يتمكن احد منا الى الانصراف الى مراجعة احلامه, ليميز بين حدود الاسطورة وبين حدود الواقع فلا الخارق عادي ولا العادي الطبيعي لا الماضي مضى ولا الآتي اتى وهنا الآن يبدو ان طارئين على شعر المرحلة الذي ادمنا على كتابته منذ نصف قرن وما دام الطريق لم ينته فلن نقول مجازا ان المرحلة ابتدأت. نصنا الشعري لم يكن واقعيا من فرط ما سعت الجماليات لدفعه الى مرتبة الخيالي مرة والى مرتبة المقدس مرة اخرى او من فرط ما ادى اهمال الجماليات الى وضعه في مرتبة الضخم الجامد. فكيف نعيد الواقعي الى واقعه دون ان يفقد الخيالي وظيفته الوسيطة؟ ان اقرب الطرق اللاشعرية هي ان يعتذر البعض منا عن وقوعه في قفص الزواج المقدس بعدما رأى شيخوخة هيلينين الحلم, دون ان ينتبه الى شيخوخته هو لقد صنع الزمن بالشاعر ما صنعه بالقافلة وبالطريق وليس في وسع احد ان يستعيد مذاق الرغبة السابقة, فالحاضر هو بؤرة الزمن مهما جاهرت اللغة الشعرية بقدرتها على اختراق الازمنة. وسيعكف البعض منا على تطوير موضوعة جديدة ــ قديمة هي: التبرم بوطن موعود بنهاية احتلال لمن يتطور الابداع خارج شروطه, دون ان يتساءل: وماذا لو كان الوطن حرا؟ الا يبدع الشاعر خارج العبودية؟ اليس في سيرتنا الانسانية وفي علاقتنا بالوجود ما يكفي لوضع سؤالنا الشعري والوطني الخاص في سياق السؤال الانساني الثقافي العام؟ لا اسعى الى الاجابة لاني في هذه اللحظة موضوع البحث, سأواصل التهرب في الكلام من الشخصي الى العام, دون ان أنسى التعبير عن امتناني العميق لارساء هذا التقليد الجديد الذي قد يسهم في وضع الشعر في نسيج حياتنا الاجتماعية وينقلنا الى مناخ يختلف عن مناخ الحديث في سوء الادارة والفساد فنحن في حاجة الى التنقيب عن جماليات حياتنا وفاعليتها والى القدرة على تلوين الرماد والتأمل في الطريقة التي تنفجر بها ارضنا بشقائق النعمان والتدرب على اسماء الزهور والطيور وان كان لي ان اشكركم على شيء فلانكم تعيدون اليّ ثقة افتقدها في قدرتي على التكيف من جهة وعلى تجديد لغتي من جهة ثانية فالشعر صعب, لكنكم تقولون اليوم ان الشعر صعب ولكنه ممكن. رام الله ــ عبدالرحيم الريماوي

Email