حفاظا على الخصوصية المحلية: سكان المدن في ساحل العاج يناجون الأرواح بمهرجانات غريبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يغمض جوزف اكبامان عينيه وهو يرفع السكين اللامعة إلى فمه وبحركات سريعة ينشر لسانه إلى ان يسقط في كفه ما يبدو انه قطعة دامية من اللحم البشري . وبينما الأصدقاء والأقارب يتابعونه باهتمام وصمت يرفع أكبامان (45 سنة) باعتزاز قطعة اللحم بأصبعين أمام أنظار الجميع ولكنه يبقي فمه محكم الاغلاق لمنع الجمهور المحتشد للتفرج على ما يقوم به من رؤية لسانه. ثم يركض ببطء من ساحة القرية حيث قام بعمله ويختلف في الغابة المطرية ليعود للظهور بعد عدة دقائق بلسان سليم مغطى بمضيغ أخضر من أوراق الأشجار يقول انه خليط من الأعشاب الشافية. وبين هتاف الجمهور المنبهر يعلن أكبامان: (انني صاحب القوى السحرية) . سواء كان ما قام به أكبامان عملا سحريا حقيقيا أو مجرد خفة يد فإن أداءه جاء في احتفالات دامية ومجنونة تسمى ديبري وهي احتفالات تجسد التعارض بين المجتمعين الغربي والتقليدي في ساحل العاج, البلد الأفريقي الذي يحتضن الثقافة الغربية ولكنه ظل يحافظ ويحمي تقاليده القبلية بقوة. ان (ديبري) هذا هو احتفال صاخب في القرى الناعسة بين حقول الكاكاو والغابات الاستوائية المحيطة بابيدجان العاصمة التجارية لساحل العاج, مدينة ناطحات السحاب وأكواخ الأحياء الشعبية. الغرباء بمن فيهم السياح الأوروبيون يتطلعون نحو سكان المدن الذين يأتون بقوافل من سيارات الأجرة وباصات المرسيدس للمشاركة في المهرجان الذي تجرى فيه أعمال مازوشيه تتحدى الموت بالنصال المعدنية وشظايا الزجاج. وبالنسبة لاكبامان, الذي ولد في كوخ حجري في ساوي ولكنه يعمل الآن في أحد مصانع أبيدجان على بعد 65 ميلا, يشكل الاحتفال مناسبة للعودة الروحية إلى مسقط رأسه. ويقول أكبامان في لقاء فسحة الاستراحة وهو ممسك بضفدعة سيأكلها حية: ان قلبي موجود في القرية وليس لي أي خيار سوى ان أعيش مثلما عاش والدي ومن قبله جدي. مهرجان ديبري, الباقي منذ ما قبل مرحلة الاستعمار عندما كان ملوك قبليون يحكمون الاقطاعات في الغابات المطرية في المناطق الجنوبية من ساحل العاج, يقام على مدار السنة في أكثر من عشر قرى تسيطر علىها قبيلة أبيدجي الصغيرة. وتهدف الطقوس الهمجية تقليديا إلى ابقاء الأرواح بعيدة عن القرى ولكنها اكتسبت في السنوات الأخيرة أهمية على صعيد تقوية الأواصر والجذور بين سكان المدن وبين أجدادهم. يقول سيري ديدي استاذ علم الاجتماع في جامعة أبيدجان ان الكثيرين من ممارسي الطب التقليدي كانوا في الماضي يتقنون أداء الأعمال السحرية مثل قطع وشفاء لسان أكبامان, إلا ان فن (العلاج السحري) الأبيدجي القديم قد أصبح متقنوه نادرين. ويضيف ديدي ان التقاليد القديمة اخذت تختفي, وهناك البعض لا يزالون قادرين على اجتراح هذه الأعاجيب, إلا ان أسرارهم اخذت تختفي. ويضيف ديدي ان التقاليد القديمة أخذت تختفي, وهناك البعض لا يزالون قادرين على اجتراح هذه الأعاجيب, إلا أن أسرارهم أخذت تختفي. ومع ان القبائل التي تعيش في الغابات حققت منذ أكثر من جيل مقدارا مرموقا من الازدهار والثروات مع المزارع التي تنتج أكبر محاصيل الكاكاو في العالم, إلا ان التنمية جلبت العصرنة إلى ساحل العاج, ويقيم كثيرون في أبيدجان حيث يوجد مجمع للتسوق ومحلات تجارية راقية, إلا انه في الطرف الآخر ينتشر الفقر في الأحياء الشعبية. ومع ذلك يعتقد الطاعنون بالسن في القرية, مثل كادجا أوبولو الذي يقول ان عمره 105 سنوات, وهو يبدو كذلك فعلا, ان مهرجان ديبري سيبقى لأنه يعيد الناس إلى الأماكن التي جاؤوا منها. ويقول اوبولو: (اننا سننقرض كشعب إذا لم نحترم تقاليدنا) . ساحل العاج ــ جلين ماكينزي

Email