دراما نفسية رومانسية في أجواء سريالية:(مقعد في الحديقة)مسلسل تلفزيوني أبطاله لبنانيون وسوريون

ت + ت - الحجم الطبيعي

مشاهدو الشاشة على موعد مع مسلسل تلفزيوني جديد يحمل في طياته إبداعات ورؤى جديدة يقدمها المخرج محمد علي أديب في أول تجربة تلفزيونية . (مقعد في الحديقة) دراما نفسية رومانسية مفعمة بالأحلام ذات الأجواء السريالية في تشكيل بصري ممتع, اعتمد فيه توظيف الاضاءة والديكور ليخدم الحدث الدرامي جماليا وفكريا بعيدا عن الابهار المجاني, فالمشاكل والصعاب والأزمات حاضرة في كل الأزمنة والأماكن وإن تغيرت الأحداث والمواقف لكن تبقى الحرية هي النبض الأوحد للإنسان, والعمل محاولة لتجسيد هم الحرية بكافة أشكالها وأنواعها. ضمن هذه الأجواء تدور أحداث مسلسل (مقعد في الحديقة) عن نص الكاتب مروان ناصح وبطولة عدد من النجوم السوريين واللبنانيين منهم جمال سليمان, مي اسكاف, كاريس بشار, أحمد رافع, أحمد حداد, خليل حداد, كمال البني, بيار جمجيان, وداد جبور, سهير صالحاني, جهاد الزين وضيوف الشرف: سعد الدين بقدونس, هالة شوكت, إيمان عبدالعزيز, سمر كوكش. (البيان) التقت مخرج العمل أثناء عمليات المونتاج حيث حدثنا عن عمله الجديد فقال: العمل كفكرة لا يطرح مشكلات اجتماعية تقليدية محاولا ايجاد الحلول لها, بل هو عبارة عن استعراض لحالات وصور اجتماعية تقدم للمشاهد الواعي ليأخذ منها الموقف الذي يلائمه منطلقا من مبدأ مهم, وهو أن المشاهد طرف ايجابي وفعال يتلقى المادة الدرامية ويتجاوب معها. ومن المميز في مسلسل (مقعد في الحديقة) هو الطرح غير التقليدي لهموم الإنسان العربي وتطلعه إلى الحرية من خلال شخصيات العمل, كالدكتور هشام الذي خاض تجربة عميقة في الحياة واستطاع أن يكون لنفسه اسما معروفا كأشهر جراح في تلك الفترة, ولكن مقابل كل هذا النجاح المهني نجده يعاني من احباط اجتماعي نتيجة زيجاته الفاشلة مما يجعله رجلا انطوائيا منعزلا تلاحقه خيبة أمله المتكررة خاصة بعد فشل الوحدة بين سوريا ومصر, وبعد موت ابنه الوحيد حين تصدمه دورية عسكرية أثناء قيامه بالصاق مناشير مناهضة للانفصال. ومن الشخصيات الأساسية في المسلسل (حنان) التي تجسد هاجس الطموح والأمل بالمستقبل من خلال مجموعة من المفارقات التي تقودها بداية من عملها في إحدى الفنادق وحبها للمطالعة والقراءة مرورا بعالمها الداخلي المليء بالخيالات والأحلام المقهورة, إلى لحظة لقائها بالدكتور هشام الذي تتطور علاقتها به حتى الزواج والارتباط. إن عالم حنان الداخلي وأحلامها هو تعبير عن الضغوط والمشاكل التي تعترض حياتها بعد عملها كصحفية في إحدى الجرائد المحلية ووقوعها في مأزق, حين تقدم على نشر صور لمظاهرات مضادة للانفصال في صحافة بيروت. في جانب آخر نجد سامينا مطلقة الدكتور هشام الرسامة الشفافة الحالمة ذات الطريقة الخاصة في التعامل والتفكير المتمردة دائما على كل التقاليد والأعراف البالية ما زالت على علاقة جيدة مع طليقها الدكتور هشام وتربطها به صداقة غريبة! كما انها تساعد (سمر وعفيف) في سعيهما للزواج على الرغم من الفوارق الكثيرة بينهما. لكنها في النهاية (أي سامينا) تجد أن عالمها الداخلي بعيد جدا عن عالمها الخارجي فتقرر الانسحاب والعودة إلى ألوانها وأحزانها. والعمل فيه الكثير من النفحات الرومانسية, فمثلا نلاحظ التغيير الواضح في شخصية الدكتور كرم الغارق في الماديات حينما يلتقي سامينا فتوقظ فيه الإحساس الجميل بالأشياء واللحظات الوجدانية لكنه استيقاظ متأخر لا يستطيع عبره اللحاق بعجلة الأيام والزمن. وبالمقابل نجد أيضا لمحات واقعية مريرة, كشخصية نذير الصحفي الانتهازي وكذلك العقيد فهيم رجل الاستخبارات الذي عمل في فترة الوحدة وفي فترة الانفصال أيضا وكأنه رمز لتبديل المواقع في الساحة الواحدة. مؤلف موسيقى العمل الفنان محمد هباش, قال عن الموسيقى التصويرية للمسلسل انها جيدة على مستوى الأعمال الدرامية وهي تحتل حيز 40% من العمل. ولدى سؤالنا عن كيفية ايجاد هذا الحيز أوضح هباش انه تعامل مع الموسيقى كعنصر أساسي في العمل تحمل شخصيتها ومعالمها التي تعتبر مهمة, لما تعمله من تعميق للشخصيات وسيشاهد الجمهور أن الموسيقى تتطور وتتغير ابتداء من الحلقة الأولى حتى النهاية, وهذا طرح جديد للموسيقى التصويرية في الأعمال الدرامية بكل مفاهيمها. وحول ما إذا كانت الموسيقى عنصر أساسي وكيف أكد على ذلك معتبرا أن العمل مكتوب ومعالجة النص تركت حيزا للموسيقى لتعبر عن مضامين وايحاءات يود طرحها العمل, وقد اخترت أن تكون الموسيقى على النمط الحديث مع حملها لمسة الستينات, وبنفس الوقت يوجد تعبيرات فنتازية, دون اللجوء للمؤثرات الصوتية. وعن قدرته على التعبير عن طموحه قال: ان طموحي أكبر من أن تزداد شهرتي وعلو اسمي, فأنا أشعر بالنشوة والفرح عندما أسمع الموسيقى التي تحمل تعبيرات جميلة وخلاقة. دمشق ــ (البيان) ــ ميادة بستوني

Email