استراحة البيان5/11:العظيمات، بقلم ـ محمد المر

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل عدة سنوات صدر للكاتب(مايكل هارت)كتاب عن العظماء المائة من الرجال طيلة القرون الماضية وقد أثلج صدورنا كمسلمين أن يضع المؤلف الغربي رسول الانسانية محمد صلى الله عليه وسلم على رأس تلك القائمة ولم يكن ذلك السرور راجعا إلى كوننا كمسلمين عرب نحتاج إلى تلك الشهادة لتثبيت إيماننا أو لدعم يقيننا في أهمية ومركزية شخصية النبي الأعظم. إن الايمان بنبوة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وبكونه خاتم الرسل ومنقذ البشرية من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام هو من صلب عقيدتنا ومن أهم اسس ديننا الاسلامي الحنيف. ولكن اعتراف مفكر من الدول الغربية التي كانت الى زمن قريب تمتلىء كتبها بكل انواع التحامل والدس ضد ديننا الاسلامي وضد شخصية رسولنا العظيم يدل على أنهم اصبحوا ينظرون بموضوعية الى مواضيع وشخصيات كانت في الماضي لا تقابل الا بالافتراءات والتزييفات. العجيب ان تلك الموضوعية لم تستمر طويلا فهذه المؤلفة الامريكية (ديبرا فيلدر) تخرج لنا مؤخرا كتابا عن العظيمات المائة, وقد اختارت فيه مائة شخصية من النساء العظيمات اللواتي اثرن في مصائر البشر طيلة القرون الماضية من تاريخ الانسانية. وقد ذكرت في هذا الكتاب مجموعة من النساء اللواتي لا يختلف الكثيرون على أهمية الدور الذي لعبنه في مجال العلم او السياسة او العمل الخيري او الفنون... الخ. من نماذج النساء اللواتي أثرن في مجال السياسة والحكم ذكرت المؤلفة الأسماء التالية: الملكة الانجليزية اليزابيث الأولى (1533 ـ 1603) التي كانت من أشهر ملكات الانجليز, والملكة الانجليزية فيكتوريا (1819 ـ 1890) التي سمي القرن الذي حكمت فيه بالعصر الفيكتوري, والامبراطورة كاترين العظمى (1729 ـ 1796) التي حكمت روسيا لمدة طويلة من الزمن, والملكة المصرية كليوباترا سليلة البطالمة وصاحبة الشهرة الذائعة, وأنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند المعروفة. ومن نماذج النساء اللواتي أثرن في مجال العمل الانساني والخيري أوردت المؤلفة الاسماء التالية: الممرضة فلورنس نايتنجيل (1820 ـ 1910) وهي التي ينسب إليها تأسيس مهنة التمريض والعناية بالمرضى, والأم تيريزا (1910 ـ 1997) التي أشرفت على رعاية الفقراء والمرضى في مدينة كالكتا الهندية. ومن نماذج النساء اللواتي ساهمن في مجال التعليم والعلوم ذكرت المؤلفة الأسماء التالية: ماري كوري (1867 ـ 1934) وهي العالمة التي اكتشفت الراديوم وحصلت على جائزة نوبل للعلوم, وماريا مونتسوري (1870 ـ 1952) وهي المربية الشهيرة بطريقتها التعليمية الخاصة للأطفال. ومن نماذج النساء اللواتي ساهمن في مجال الأدب والفكر ذكرت المؤلفة الأسماء التالية: عالمة الأنثروبولوجيا الأمريكية مارجريت ميد, والأديبة الروائية الانجليزية فرجينا وولف, والأديبتان شارلوت واميلي برونتي, والفيلسوفة والمفكرة حنا اردنت. ومن نماذج النساء اللواتي برزن في مجال الفنون ذكرت المؤلفة الاسماء التالية: الممثلة الفرنسية الشهيرة ساره برنار, والرسامة الامريكية ماري كاسيت, والمغنية الامريكية بيلي هوليدي, ومغنية الاوبرا اليونانية ماريا كالاس, والممثلة الامريكية لوسيل بول. كل هذه الاسماء لها مساهماتها المعروفة كل منهن في مجالها السياسي او العلمي او التعليمي او الفني او الفكري.. الخ. ولكن المؤلفة تذكر اسماء لنساء لا اعتقد ان حظهن سيكون كبيرا من الشهرة او من الشهرة الايجابية اي بمعنى التأثير الانساني الايجابي. فهي تذكر من العظيمات هيلاري كلينتون زوجة الرئيس الامريكي! يا ترى ما هي انجازات تلك المرأة سوى الصبر على مغامرات زوجها العاطفية؟! وهي تذكر من العظيمات جولدا مائير رئيس مجلس الوزراء الاسرائيلي السابقة صاحبة القول الشهير (من هم الفلسطينيون؟!) وزعيمة دولة لها ايديولوجية عنصرية واضحة ضد عرب فلسطين! ولاعبة كرة التنس بيلي جين كينج صاحبة السمعة المثيرة في الملاعب وخارجها!! وفوق كل ذلك تذكر المؤلفة مائة شخصية نسائية عظيمة من الشرق والغرب وفي كل العصور ولا تذكر من بينها اي شخصية نسائية اسلامية؟! المؤلفة شخصية اكاديمية وباحثة معروفة, ألم تفكر عند اعداد كتابها بقراءة شيء عن تاريخ الاسلام والمسلمين الذين يزيد عددهم على مليار انسان ويزيد تاريخهم على ألف وأربعمائة سنة؟! أمر غريب ولكن نعود ونقول انه مزيج من الجهل والتعصب والحساسيات الحضارية المغلوطة وذلك يأتي من أناس يفتخرون بموضعيتهم الاكاديمية وحيادهم العلمي؟! ملحوظة: في مقالتي السابقة (ينابيع الذاكرة) ذكرت ان السير هنري مور هو الذي تحدى الملك الانجليزي هنري الثامن, والصحيح انه السير توماس مور. وعلى الرغم من أن المقالة اثارت العديد من ردود الافعال الا انني احب ان اذكر ان تجربة المصرفي والدبلوماسي عيسى صالح القرق في المجال الدبلوماسي تعد من ابرز تجاربنا الدبلوماسية, فهو لم يكتف بالدور البيروقراطي في العملية الدبلوماسية بل شارك بكل همة وعزيمة في النشاطات الاماراتية في بريطانيا سواء مع التجمعات الطلابية او مع الوفود التجارية او مع اللقاءات الاعلامية.. الخ. وكان في الفترة الماضية من ابرز الوجوه الدبلوماسية العربية في العاصمة البريطانية لندن, ومثل دولة الامارات العربية المتحدة تمثيلا دبلوماسيا حضاريا وراقيا يحسب له في ميزان ادائه الدبلوماسي المميز وخدمته العامة البارزة لوطنه وأمته.

Email