استراحة البيان: عيال الفانتا: يكتبها اليوم- ظاعن شاهين

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما تعيد الذاكرة الى انتباهنا بعض الامور القديمة, والمفردات الماضية تثير فينا تداعيات الماضي القريب, خاصة ونحن نواجه تغييرا سريعا يأخذنا بسرعة الصاروخ الى حيث لا ندري . ويبدو صراع الآجيال أو تفاضل الاجيال بشكل أكثر دقة واضحا في تفاصيل الحياة المعاشة, ذلك ان كل جيل يرى نفسه الافضل والاقدر والاحسن في ظل حالات الاستسهال التي يعتقدها بعضنا في الجيل الذي يليه بحكم التطور والمدنية والرفاهية. وما زلت اتذكر صدى عبارة كان يطلقها علينا احد كبار السن والمقام عندما كنا صغارا خاصة عندما يأمرنا فلا نلبي الامر, فهو كثيرا ما يردد عبارة (عيال الفانتا) وقد كانت المرطبات وخاصة الفانتا والكوكا كولا هي من مستجدات ذاك الزمان, ومن طفراته الاقتصادية. وهنا هو بيت القصيد, فكل جيل يرى نفسه نموذجا خاصا لن يكرره,الزمان أو يجود بمثله, وإذا أرادت البشرية ان تنسخه بمعايير وموازين الجيل الحالي فإنها ستنسخ جيلا باردا وضعيفا لا يقدر على فهم نوبات الزمان أو ادارة أزماته كما نعتقد, وهذا هو الخطأ الكبير الذي نقع فيه جميعا, فمثلما قامت الاجيال السابقة بتسيير دفة الامور بفهم ودراية ولغة ذاك الزمان واصل عيال الفانتا حياكة عباءة الحداثة بخيوط الاصالة ونجحوا بتقدير عال. وهكذا لا تتوقف الحياة عند جيل بعينه رغم تفاوت الحظوظ من جيل الى آخر, لكن التفاضل سيستمر باستمرار الحياة وستتواصل معها مفردات وتسميات كثيرة, وقد رأينا عيال الفانتا أولئك الاطفال الصغار في دورة الايام يكبرون ويرون جيلا آخر يكبر امام أعينهم فيطلقون عليه ما أرادوا من تسميات فهو جيل الهامبورجر والكنتاكي والبامبرز والأكلات السريعة وحبة فوق وحبة تحت, مثلما هو جيل مايكل جاكسون وكمننا وأطفال الانابيب والفياجرا وهكذا تستمر دورة الايام. ولكن هل يقف الزمن عند جيل بعينه؟ الاجابة تحمل النفي بكل تأكيد, لأن لكل جيل حالته وتكوينه وشكله ورؤاه, ولكل جيل بصمته الخاصة. وحتى لا أقف جبريا عند جيل بعينه أقتطف مقطعا لمثال طريف لصاحب النظرية النسبية وهو محاولة للاجابة عن السؤال الذي شغل الاذهان يومذاك, هل نصل للقمر؟ وقد كان ذلك حلما غير قابل للتصديق. يقول اينشتاين في مقاله بأن السفر الى القمر والتنقل بين الكواكب والاجرام السماوية, ذلك الحلم البراق الذي طالما هفا بعقول الاقدمين أصبح اليوم من الاحتمالات العلمية التي يمكن ان تتحقق, على انني لا استطيع منذ الآن تحديد الوقت الذي يتم فيه اتصالنا بالقمر أو يخرج الى الوجود اختراع المحرك ذي المقاومة الذاتية وهو محرك صغير الحجم ولكن قوته رهيبة تستطيع ان تدفع مركباتنا الصاروخية فتنطلق بسرعة خيالية عبر الفضاء متجهة الى القمر. وهكذا يتنقل صاحب النظرية النسبية في رسم افكاره وأحلامه وخطوطه بدقة متناهية فيضيف: قد يحلو لنا ان نتساءل هنا ماذا تكون عليه رحلات المستقبل؟ ويستطرد قائلا: من الحقائق المسلم بها ان العلماء درسوا في عناية وبحث دقيق ومستفيض كل ما سيتعرض له المسافرون في المستقبل, وأول ما يعترضنا في مثل هذه الرحلات مشكلة التنفس فليس هناك من يقبل ان يختنق نتيجة الانطلاق كالقذيفة بسرعة رهيبة. هذا هو اينشتاين وذاك هو زمنه فهل وقف الزمن جبريا عنده؟ اننا الآن نعيش عصرا مفتوحا لا تحده ابواب أو زوايا أو حدود, عصرا مثيرا في كل شيء يسمى عصر التقنية الجينية, ويسمى عصر الفياجرا وعصر الشباب, انه العصر الذي ينتج فيه عصير بنكهة السمك وطماطم لا تفسد ابدا وتفاح لمرضى السكر وهو كذلك عصر الاستنساخ والنعجة دوللي, فأين نحن عيال الفانتا منه, وماذا سنطلق على أولادنا, هذا الجيل الذي يفتح عينيه فيجد زمنا يدخله في حدود الآلة والانترنت وينقله الى عوالم وآفاق مثيرة, ماذا نقول اذن... هل نصرخ في وجوههم ونقول كفى يا عيال الانترنت... أم نصمت لأن لكل جيل لغته وأفكاره وإدارته!!

Email