استراحة البيان : عودة الشيخ الى صباه: يكتبها اليوم- ظاعن شاهين

ت + ت - الحجم الطبيعي

وماذا بعد فياجرا..؟! ذاك الدواء السحري المثير الذي رمى وراءه ملايين الوصفات الشعبية ونسف ذاكرة الحضارات القديمة والحديثة بدءا من اليونانية مروراً بالرومانية والفرعونية وانتهاءً بذاكرة القرن العشرين . هل سيظل فياجرا بطلاً حقيقيا في زمن لايعترف بالبطولة المطلقة ابداً, وهل فياجرا هو الدواء الاكتشاف أم أنه دعاية امريكية مثله مثل رامبو وترافولتا ومايكل جاكسون ومادونا وشوارزينجر؟. كثيرة هي التساؤلات وكثيرة هي الاجابات والاستفسارات التي دارت ومازال يهمس بها الناس سواء كانوا هنا أو هناك, خاصة إذا كانت مثل تلك الاسئلة تصب في خانة واحدة وتحت مسمى عودة الشيخ الى صباه.. فمنذ ان عرف الانسان الكتابة والقراءة وهو يبحث ويدون أسرار الدواء السحري الذي يفك عقدة المتعوس فيجعله سعيداً.. لهذا لا عجب ان نرى ذاك التسابق المحموم على نشر تفاصيل التفاصيل عن هذا الدواء, ولا عجب ان نرى كذلك ذاك الاهتمام المتواصل من قبل الاعلام ونحن نعيش عصر الانفتاح او من قبل الناس الذين اصبحوا اكثر فهماً وادراكاً لما يطرح أو يتناول. لقد ظل فياجراً موجوداً في الذاكرة الشعبية لكل بلد على حدة ولكن بشكل مختلف وبأسم مختلف وبايحاء مختلف, ومن يقرأ كتب التاريخ ويتمعن في تفاصيلها يجد ان أكثر المدونات كانت تصب في ذاك الاتجاه, بل ان هناك حضارات قديمة اسست هذا الاتجاه وجعلته ركيزه اساسية من ركائزها وديمومتها. وفي الوقت الذي تعلن فيه الشركة المصنعة للدواء عن انجازها العلمي تقوم شركات اخرى سواء كان ذلك في امريكا نفسها او في دول اخرى من العالم لتعلن عن انجاز مماثل مما يدل على ان هناك ذاكرة لا يمكن ان تنسى اسرار البحث في هذا المضمار المثير.. وان هناك تسابقا محموماً لاعادة الفحولة الى الرجال بعد ان سقطت المعايير واختلفت المقاييس.. عموماً يظل فياجرا وغيره من المسميات الدوائية الاخرى التي تصب في هذا الاتجاه حتى ولو لم يثبت جدواها وفاعليتها تظل محاولة معلنة بعد أن كانت مثل تلك المحاولات تتم في الظل بعيداً عن العيون والآذان وتتداول سراً.. وحتى لا نبعد عن هذا الدواء السحري أترك مفعوله السريري كما يحلو للاطباء وصفه جانباً واتحدث عن مفعوله المعنوي حيث رسم منذ الاعلان عن مقدرته الفائقة, رسم صورة وردية لدى شوابنا ــ أطال الله في أعمارهم ــ فتخيلوا انفسهم خيولاً بأجنحة, وصالوا وجالوا وهم لم يجربوا بعد! وفي ظل هذا الانجاز التاريخي كما يحلو للبعض وصفه وتأكيده لأنه اعاد بارقة أمل لأولئك المتداعين المتهالكين الذين يرددون (ياالله بحسن الخاتمة) تعلن تقارير صحافية عن انجاز آخر حول نجاح عطور مطعمة بمادة صناعية في معالجة الضعف الذي يصيب الذكور, حيث تقوم مادة الفيرمون بمحاكاة خصائص المواد الطبيعية التي تفرز في ابط الرجال اذ يعتقد العلماء الذين درسوا سلوك الحيوانات ان تلك المادة تلعب دوراً مهماً في جذب اقرانها من الجنس الآخر بشكل لاشعوري, ورغم تلك الدراسات التي أكد الامريكيون نجاحها الا ان باحثين بريطانيين شككا في نتائجها.. ويجمع شواب العالم من ليوا الى نيكاراجوا على أمر واحد وهو عودة الشيخ الى صباه خاصة في هذا الزمن الفضائي المثير الذي طغى عليه اللون الوردي دون ان يدخلوا في جدلية النجاح والفشل او التشكيك لما يطرحه العلم والعلماء, فقد انتهى زمن الجفاف وبدأ زمن الوجوه الملائكية الجميلة التي يتساقط ندى الصباح من على خدودها, فمن محطة فضائية الى أخرى تتعدد الوجوه وتتعدد البرامج وتتلون العيون بألوان الطيف المثيرة دون ان يحرك هؤلاء ساكناً سوى الحسرة والندم على زمن فات ومضى, ولكن الأن وصل من يعيد الأمجاد وعاد الفارس ليمتطي صهوة فرسه.. ولم يعد ذكر الفياجرا حدثاً طارئاً لدى كثير من المتقاعدين منذ زمن بعيد أو الذين انتهت علاقتهم بمن حولهم منذ سنين, حيث أصبح هؤلاء عند كل سالفة أو حديث عابر يرسمون أحلاماً ويصورون افلاما للزمن الآتي. عموماً ركز الاعلام بشكل مكثف على هذا الدواء العجيب فنسي الناس كل قضاياهم ومشاكلهم وعاش اكثرهم في غيبوبة مؤقتة, ولم يعد لقضية السلام في الشرق الاوسط مكان في تفاصيل الاحاديث اليومية.. المثير ان البعض بدأ في جلب هذا الدواء واستيراده من لندن وأمريكا بعيداً عن صدعة الاسهم المحلية, بينما بدأ آخرون في بيع اسهمهم للدخول في صفقة رابحة من وجهة نظرهم وهي المتاجرة في الفياجرا.. ونعود لنمسك بعصا أبو سالم الذي اثاره الحديث عن الفياجرا فقرر عند وصول اول علبة اليه الزواج فوراً ولاندري ان كان ابو سالم قادراً على الوفاء بمتطلبات الزواج ام لا خاصة وانه بلغ من العمر عتيا.. والشاعر في ذلك يقول: فما أقبح التفريط في زمن الصبا **** فكيف به والشيب في الرأس شامل هكذا يأتي الشيب راكضا إلينا فنتجمل بالاكاذيب ونتعلق بالآمال الواهية, وننسى ان الشباب باكورة الحياة وان اطيب العيش أوائله واطيب الثمار بواكيرها وابلغ الشفعاء عند النساء هو الشباب واكثر الوسائل لقلوبهن وقال أحد الشعراء: قالت أراك خضبت الشيب قلت لها **** سترته عنك ياسمعي ويابصري فقهقهت ثم قالت من تعجبها **** تكاثر الغش حتى صار في الشعر

Email