استراحة البيان: من يحمي صندوق اسرارك؟! بقلم - سعيد حمدان

ت + ت - الحجم الطبيعي

شركة (اتي اند تي) الامريكية العالمية لديها قسم خاص اسمه (تايجرتيم) يضم مجموعة من الموظفين المحترفين في انظمة الكمبيوتر, مهمة هذا القسم هي محاولة فك ألغاز برامج الشركة والدخول على النظام وكشفه, فهؤلاء الذين يبدأ دوامهم من الصباح وحتى المساء مهمتهم الوحيدة هي تقليد (المخربين) وكشف العيوب والثغرات في برامج واجهزة الشركة, فالشركات العالمية والعالم المتقدم تكنولوجيا وصل الى ان يؤسس اقساماً خاصة تقوم بعملية (التخريب) من الداخل بدل انتظار دخول اللصوص من الخارج. وفي عالم الكمبيوتر فان اهم ما في النظام هو مدى توفير الحماية له وتحصينه من اللصوص والمخربين, فالنظام يعني السرعة والدقة وسهولة الانجاز, ولكن اهم من هذه العوامل جميعها هو السرية, فصندوق اسرارك لابد من حمايته, واختيار افضل الوسائل لهذه الحماية وتجربتها ومحاولة تدقيق واختبار هذه الدروع الحامية وبشكل مستمر, فثورة الكمبيوتر يكاد يكون تفاعلها وتطورها حدثا يوميا, وكذلك ابتكارات ووسائل لصوص المعلومات والمخربين تتجدد وتتنوع بشكل كبير ومتواصل. وفي الحماية تختار القوي والافضل, واحدى المؤسسات المحلية ذهبت الى ذلك عندما وقع اختيارها على شركة عالمية لتصنع لها برنامج الحماية, ولكن هذه الشركة العالمية المشهود لها هي في الاساس شركة صهيونية, وعندما تدخل الى موقع هذه الشركة على (الانترنت) تجد في مكان بارز اشادة من نتانياهو بدور هذه الشركة الوطنية التي حققت نجاحات وتطوراً كبيراً في مختلف انحاء العالم, فمهم ان تختار الافضل ولكن ان يقع اختيارك على عدوك ليحميك, لابد ان تشعر بالخوف والقلق, فكيف يكون حارسك الامين يهودياً؟! وأين في عالم المعلومات التي هي سلاح بل انها اخطر سلاح في عصر المعلومات هذا؟ وقبل موضوع الحماية يأتي موضوع الانسان الذي يدير ويشكّل النظام, فالمبرمج او الاعلى منه وهو محلل النظم هو في الواقع اهم من الاجهزة والبرامج مهما كانت تكلفة وضخامة وتقنية النظام الموجود, فهو الذي يتحكم ويوجه هذه التقنية, ويمكنه ان يتلاعب بها ويخلق منها (مصيبة) للمكان الذي هي فيه. وحدث في احدى المؤسسات ان احد المبرمجين فيها تلاعب في النظام, فبرمجه على ان يصرف راتبه مضاعفا ثلاث مرات شهريا, ولم يكتشف امره حتى عندما تم انهاء خدماته او استقالته, وانتقل للعمل داخل الدولة وفي مؤسسة اخرى وطبعاً انقطع راتب واحد وهو الاساسي واستمر في صرف الراتبين, حتى انكشف امره ــ ولا أعلم كيف تم ذلك ــ ووصلت القضية الى المحاكم. هذه قضية من قضايا عديدة, موضوعها قد يكون (سهلا) فهي استغلال وخيانة للامانة وسرقة للمال, ولكن قد تكون هناك سرقات اكبر تتعلق بعالم المعلومات, فمحلل النظم هو اغلى واهم من اي نظام, ولابد من الاختيار الحذر للمحلل, وضرورة المراقبة, واهم من ذلك التفكير في تغذية وصناعة ابناء من هذا الوطن يقومون بهذه المهمة الخطيرة على الاقل لضمان الولاء والخوف على الوطن, ومن يملك شراء التقنية المكلفة بالتأكيد انه يملك امكانيات توفير الشخص الامين الذي يدير النظام, فالتقنية انجاز وتطور ولكن لها وجه آخر.

Email