في معرض الفنانين العراقيين بالمجمع الثقافي: رسالة عاجلة عن الفن والحياة والانسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشتمل المعرض التشكيلي المقام حاليا في المجمع الثقافي للفنانين العراقيين على مائة واربعة وعشرين عملا فنيا , ويشارك فيه خمسة عشر فنانا من مختلف التوجهات والمدارس الفنية, ويحتل الخط العربي والحروفيات نصيب الاسد في هذا المعرض الذي تنظمه جمعية الهلال الاحمر ضمن حملة (حقيبة مدرسية لاطفال العراق) وتهدف من خلاله الى دعم الشعب العراقي واغاثته في محنته وما يواجهه من الحصار القاسي والصعوبات المعيشية والحياتية. وتتنوع الاعمال المعروضة بين الاكليريك والاحبار والمائيات والزيت والمواد المختلفة والجرافيك والرسم على الزجاج, والنحت على الخشب, وتبرز الاعمال الخطية جماليات الخطوط العربية التي زينت الآيات القرآنية واسماء الله الحسنى وبعض الحكم والحروفيات والتراث البغدادي وصفات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها من التراث الديني الذي يحث على الايمان والصبر والتقوى, كما يضم المعرض عددا من الاعمال التجريدية ورسوم الاطفال والتراث العربي والاماراتي والخيول والاعمال الزخرفية والبرافانات او القواطع المرسومة على الزجاج. الفكرة والهدف ويعكس المعرض بشكل عام اهتمامات الفنان العراقي وحضورة الابداعي وقدرته على الانجاز والابتكار رغم ظروف الحصار الصعبة , وهو الهدف الرئيسي من اقامة هذا المعرض كما يقول الفنان جسام المياح صاحب الفكرة والمسؤول عن المعرض, ويتابع جسام: بدأت الفكرة تراودني بعد زيارتي للاردن انا وزميلي الفنان علاء الكوفي, فقد اقمت معرضا ناجحا في العاصمة الاردنية عمان, وعدت منه ببعض المال حيث بيعت الاعمال على نحو ادهشني, وحين عدت الى العراق كنت فرحا بما حققت من النجاح لكنني لم اجد من يشاركني فرحتي من الفنانين بسبب ظروفهم القاسية وعدم قدرتهم على شراء المواد اللازمة للرسم او لبيع اللوحة او اقامة معرض, وطلبت منهم تكرار التجربة واقامة معرض فتعذروا بعدم وجود الامكانيات المادية. ويتابع جسام: قررت حينها ان اعطي ما حصلت عليه من المال لهؤلاء الفنانين ليقوموا بانجاز اعمالهم الفنية, ثم عرضت عليهم اقامة معرض باسمهم يجري اقتسام ريعه مناصفة بينهم وبين اطفال العراق وهذا اقل ما يمكن ان يقدمه الفنان لبلاده , فوافقوا وبدأنا التحضير للمعرض. وحول اسباب اختيار الهلال الاحمر قال: تحظى هذه الجمعية باحترام كبير من قبل الجميع, وهي تتمتع بمصداقية كبيرة وبصماتها وخدماتها جلية وواضحة خصوصا لشعب العراق, وربما لو اقمنا المعرض بالتعاون مع جهة اخرى لما صدقنا الناس, كما ان دولة الامارات اعطت للعراقيين الكثير, وهذا هو الذي دفعنا لاقامة المعرض في هذه الدولة الحبيبة التي كان صوت رئيسها صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان نقطة الضوء الوحيدة في النفق المظلم, وهو بصيص الامل الذي رآه شعب العراق. رسائل فنية انسانية وحول رسالة المعرض قال المياح: هذا المعرض عبارة عن رسالة من شقين: الاول يختص بالفنان العراقي الذي ينبغي اثبات حضوره ووجوده وقدرته على الابداع والاستمرار رغم الحصار, وان يساهم هذا الفنان رغم كل شيء في عملية تمويل المواد الغذائية لاطفال بلده, ودعوة كل الفنانين العراقيين خارج العراق وفي المنافي لاقامة معارض مشابهة تحقق اهدافا انسانية ورسالة الفن لان الفن عمل انساني في الاساس وقبل ان يكون عملا جماليا فقط. ام الشق الثاني فيختص بالفنان العربي, حيث يمكنه الاسهام في خدمة قضايا أمته العربية, وتعميم الفكرة لتشمل دولا اخرى تعاني من اوضاع صعبة مثل فلسطين, وبدلا من جمع التبرعات وذل السؤال يقدم الفنان عملا فنيا ويخدم بلاده في الوقت نفسه, والامر يحتاج فقط الى بعض التضحية من الفنان. ويؤكد المياح: ان هذا المعرض جهد خالص ولا علاقة له بالدول او الحكومات من قريب او بعيد, كما انه بعيد عن المزايدة حول وطنية اي احد, فهناك اعمال معروضة لفنانين موجودين خارج العراق ويعيشون بعيدا عنه, وقبلوا الفكرة ورحبوا بالمشاركة مادامت طريقة العرض تحترم ابداع الفنان. حروفيات وخط عربي وحول غلبة الطابع الاسلامي والخط العربي وفنونة على المعرض قال: هناك عامل مشترك بين جميع الدول العربية يتمثل في الاسلام, مما يجعل تقبل اللوحة الدينية اكثر سهولة من الجمهور, علاوة على قدرتها الدخول الى اي بيت, في حين يمكن ان تواجهنا مشكلة في موضوعات اخرى مثل النحت او صور المرأة وغيرها, وفي الحقيقة ان هذا المعرض لا يعبر ولا يمثل الفن العراقي, بل يقدم نخبة من اعمال فنانين عراقيين لان كل فنان عراقي مدرسة في حد ذاته خصوصا من الرواد. وعن المطلوب من الجمهور والاعلام قال المياح: يبدو ان المعرض لم يحظ بالاهتمام الاعلامي المطلوب, فالكثير من الزوار لا يعرفون الهدف من اقامته واسباب انخفاض الاسعار التي جاءت فقط لاسباب انسانية وخيرية, اما الجمهور فادعوه الى رؤية الفن حتى نحقق واحدا من اهداف المعرض على الاقل, ونثبت للناس اننا موجودون ومازلنا نتمتع بالعافية الفنية لان من يمتد تاريخه الى ثمانية آلاف عام لا يمكن ان يموت, ربما يؤثر به الجوع لكنه لا يقضي عليه, ونحن وضعنا القوانين قبل امريكا التي تفرض علينا الآن قوانينها الظالمة , وكانت قوانينا انسانية وليس قوانين حرب والعالم كله يعرف (حمورابي) ويعرف حضارة وتاريخ العراق, هذا ما ندعو اليه, اما البيع فيأتي في المرتبة الاخيرة من اهتماماتنا وليست هدفا اوليا لنا, بل غايتنا دعم الفنان والطفل العراقيين) . صعوبات الحصار وحول الصعوبات التي يواجهها الفن في ظل حصار لا يرحم وحاجة الناس الى ابسط المواد التموينية قال: هذا صحيح نحن لا نملك زيتا للطبخ فكيف نملك زيتا للرسم, في الواقع , وفقني الله لجمع بعض المال من مشروع فني خاص نفذته هنا في الامارات ووضعته مع ريع معرضي في عمان في خدمة زملائي الفنانين, وهكذا فقط تمكنا من انتاج هذه الاعمال , اما الوضع هناك فصعب الى حد لا يمكن وصفه, وما يروى من الحكايات والاخبار صحيح رغم انه يبدو من الخرافة, لقد خرجت من بغداد حكايات الف ليلة وليلة , والسندباد وغيرها من الحكايات الخرافية وما يجري في العراق الآن يشبه هذه ويبدو ان بغداد موعودة بالخرافات. كتبت - شهيرة احمد

Email