الثقافة العربية بين التهميش والتشويش: أستاذ الأدب العربي في جامعة ليدن يؤكد: مطلوب نظرية نقدية عربية بعيدا عن أسس النقد الاستعماري

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمر الثقافة العربية بمنعطف خطير شكلته التحديات المعاصرة من تشويش قادم من الغزو الثقافي الغربي, وتغييب من المثقفين العرب انفسهم , غير ان هناك لا تزال فئات من المثقفين في اوطاننا العربية بل وخارجها مهتمة ومهمومة بالثقافة العربية لغة وادابا, يرحلون لاجل نشرها, ويحملونها في قلوبهم كتابا مقدسا, ومن هؤلاء الدكتور اسعد جابر الذي خاضت معه البصيرة في ارجاء هموم المثقف العربي ومأزق الثقافة العربية بين التهميش في الوطن والتشويش من الخارج. والدكتور أسعد جابر فلسطيني الاصل هولندي الجنسية درس علم النفس والشرق الاوسط في جامعة حيفا, ومارس مهنة التدريس, ومنذ عام 1979 وهو يدرس اللغة العربية وآدابها في جامعة ليدن مع التركيز على الادب العربي المعاصر. وقد اصدر الدكتور اسعد عدة كتب ترجمت جميعها للغة الهولندية ومنها: هولندا والعالم العربي, الخارجية الهولندية عام 87 ـ كتب لتدريس اللغة العربية للهولنديين ـ ترجمة معاني القرآن الكريم بالاشتراك مع المستشرق الهولندي هانس يانسين 92 ـ تقديم ديوان جهاد ابوسليمان : قصائد الليل بودابست 93 ويعد الآن لاصدار ثلاثة كتب جملة واحدة هي: ـ محاور وتيمات في الادب العربي المعاصر ـ انطولوجيا الادب الهولندي المعاصر ـ ترجمة ديوان محمود درويش (لماذا تركت الحصان وحيدا) بالاشتراك مع نيلاند. وبجانب الكتب نشرت للدكتور اسعد عشرات المقالات في الصحف العربية والهولندية. (البيان) التقت مع الدكتور الجابر في حوار عن أزمة الثقافة هذا نصه: ماهي الاسباب التي ادت بالثقافة العربية الى الوصول للمستوى الذي نحن بصدده الآن؟ ــ هناك مقولة معروفة وتتردد دائما وهي ان الاستعمار هو الذي دفع بالثقافة العربية الى الهاوية او المنحدر, ولكننا لا يمكن ان نلقي بكل شيء على تبعات الاستعمار, اذ يجب تناول القضية في الواقع بشيء من الصدق, فاذا عدنا الى فترة الاستعمار من ناحية الادب, نرى ان المستعمر وضع اسسا وقواعد وقوانين للنقد الذي وصلت اليه المراحل النقدية الادبية, اذا الاطر النقدية تكونت في الدول الاستعمارية كلية, فالشعوب او الدول المستعمرة لم يكن لديها اي شيء الا الانتاج فالمسألة كانت شخص يضع قوانين, وشخص ينتج ويستهلك, وهذا ما حدث, المستعمرة العربية بدأت تنتج ادبا وتنتج فكرا ولكن دون نقد ذاتي, نقد ينبع من تراب المكان نفسه, فكانت تؤخذ نظريات النقد الغربية, وتطبق على النتاج الادبي للدول المستعمرة, وهذا هو الحال حتى الآن اذا نحن في طور استهلاكي فقط نحن (كالبقرة) مع الاعتذار في التشبيه, ننتج شيئا ونطبق عليه النظريات النقدية التي كونت وتكرست في وسائل غربية واطر ومعتقدات غربية ومختبرات غربية او دول مستعمرة وهذا بغض النظر عن الدولة, وهذا شيء اساسي, فلو تمكنا من انتاج نظرية نقدية عربية, مؤسسة على ما عندنا لكان بامكاننا انتاج فكر عربي اخر ادبيا, ونحن الآن ماذا نفعل عمليا؟ ننتج ما يريد ان يسمعه الاخر, او بالاحرى نرد على النظريات الغربية الموجودة والدليل واضح جدا كلما صدرت رواية يتم تصنيفها هذه تتبع الاسلوب الاستعماري او ما بعد الاستعماري او الكولونيالي, فما هي العلاقة بيننا كعرب الآن وبين المستعمر البولنيالي او الكولنيالي؟ لا توجد علاقة لكنه لا يزال موجودا في قلوب العرب والنقاد لانهم تربوا على ذلك, ومن هنا ادعو ــ ولست الاول في ذلك ــ الى انتاج نظرية نقدية عربية حسب الدول (شرق اوسطية او غيرها) تنبع من ارض المكان واسس الجذور العربية, لكي يكون هذا الانتاج الادبي موازيا لهذه النظرية النقدية, ومن هذا الاساس ينبع النقد والتقييم وكذلك التقدير الادبي والمادي, فلماذا يتم تقييم الادب العربي في الغرب وبجوائز غربية فقط, لما لا يكون التقدير والتقييم على اسس نظرية نقدية عربية, وللحياد في هذا الصدد فقد فاز مؤخرا الاديب العربي عبدالحمن منيف بجائزة الرواية العربية في مصر وانا آمل ان تكون هذه بداية لتأسيس نقد عربي ونظرية نقدية عربية تؤسس لنتاج عربي ادبي خاص, فهي المرة الاولى التي يفوز فيها اديب عربي على هذا النحو وكل اسسه واطاراته عربية, وقد فاز بها في مهد الرواية العربية في مصر وباجماع النقاد العرب في مصر, وارى انها خطوة اولى ايجابية لايجاد نظرية نقدية عربية. مؤسسة لترجمة الأدب العربي وما هو في رأيكم سبب تعلق المثقفين او المفكرين العرب ببقايا سيادة الاستعمار في النقد الأدبي؟ ــ لن أقيم افرادا, ولكن بشكل عام فان الغالبية من الادباء المشهورين عندما يكتبون فان اعينهم تكون مصوبة نحو المؤسسات الغربية الكبرى لتترجم اعمالهم ومن ثم اعينهم على جوائز ادبية غربية ما, ومن هنا فهم يضعون نصب اعينهم اسس ونظريات النقد الغربي والتي سيتم على اساسها التقييم, ولذلك فهم مستقطبون من قبل المؤسسات الغربية الكبرى, وايضا هم في الوقت نفسه يستقطبون هذه المؤسسات, اي ان العملية هي جذب متبادل بين الطرفين, ولا يمكن للقارىء العربي ان يقف بمواجهة الالة الكبرى لحركة الترجمة دون ان يتأثر لذلك اطالب بانشاء مؤسسات عربية لترجمة الادب العربي بكل اللغات, وان تكون هي المستقطبة للادباء واعمالهم, وذلك دون الاعتماد على المؤسسات الاوروبية فقط لانها كثيرا ما تكون انتقائية, بالطبع لا غضاضة في الانتقاء فترجمة كثير من الروايات والكتب العربية التي تنادي بحرية الرأي والاستقلال الفكري والاستقلال الديني والحرية الجنسية كل هذه الاشياء من مكونات الفكر الاوروبي لا تناسب المعطيات العربية او التراث الشرقي العربي, اذ هذه الترجمات تدعو الى انسلاخ كلي عن ما يسمى تقاليد وتراث, رغم هذا يجب ان تكون لها قيمتها في حياتنا المعاصرة ولكن دون ان تسيطر علينا سيطرة كاملة, وهذا هو الاساس, ولكن يمكن ان تكون هذه الترجمات كما حدث في الفترة العباسية مثلا او الاندلس فترة التواجد العربي في اسبانيا وهي قمة الحضارة, اذا العرب لديهم المكونان, الاول التراث العربي, الثاني المكون الاوروبي الذي كان موجودا في تلك الفترة, ونحن الآن نعيش ونمارس ذات الفترة الزمنية وذات المعطيات, ربما يكون المفكرون العرب او المثقفون منساقين بشكل او بآخر, ولكن تواجد مثقفين عرب في الغرب بشكل عام يعطي امكانية للابتعاد عن مراكز ومناطق الضغط في دولنا العربية ويمكن رؤية النتاج الادبي بعيون اخرى تماما مثلما فعل ادوارد سعيد فقد استقرأ وقرأ النتاج الاوروبي في فترة ما بعد الاستعمار وفترة الاستعمار ووضع له نظريات جديدة وابرز التأثيرات والترسبات النفسية لهؤلاء الادباء, وغير ادوارد سعيد يوجد ادباء ونقاد كثيرون في هذا المجال, فهو ليس الوحيد الذي طبق هذه الافكار في كتاباته, فكثير من عمالقة الاستشراق وبطريقة الاسقاط النفسي فعلوا ذلك مثل عبدالرحمن جان محمد, اعجاز احمد, قمقم سنجاري, سارسوليري, كل هؤلاء بلادهم كانت مستعمرة لكنهم درسوا الفكر والاراء النقدية بمجملها ثم انسلخوا عن هذه الاراء وبدأوا في البحث عن افكار واسس نقدية اخرى لنتاج ابناء جلدتهم وكذلك نتاج الاوروبيين الذين استعمروا بلادهم. اذا هذا الاسلوب الذي اتبعه المستشرقون السالف ذكرهم يختلف كلية عن الاسلوب المتعارف عليه في بلادنا العربية, والذي يقوم على اخذ النظريات النقدية الجاهزة وتطبيقها على هذا الكتاب وتنتهي المسألة, لكن هؤلاء استخرجوا من النتاج واعطوا النظرية النقدية. بالطبع استخدام النظريات النفسية والاجتماعية يلعب دورا كبيرا في تعميق فهم الناقد للنتاج الادبي في فترة من الفترات الزمنية. ما قبل الصحو لو عدنا الى نقطة مهمة وهي تشبث المثقفين والمفكرين بنسق ونظريات الادب والنقد الغربي ترى من وجهة نظركم ماهي الاسباب الحقيقية لذلك, هل هو نوع من الضعف الثقافي ام هي غيبوبة مؤقتة قد تنتهي؟ ــ يجب الا ننسى اننا تطبعنا لفترة طويلة جدا على نموذج معين من التفكير, ومن الصعب الخروج من هذا الاطار, اذا لنقل ان النتاج الادبي لمثقفينا العرب الآن ليس في غيبوبة كاملة ولكن في مرحلة ما قبل الصحو, ونحن بحاجة الى صدمة اقوى من صدمة 67 لايقاظ ما تبقى من مشاعرنا والصدمة في تصوري هي قادمة قريبا, ويشكر الشخص الذي سيسببها لنا وهو نتانياهو, ونتانياهو تعني بالعبرية (عطا الله) ولعله هو بالفعل عطية الله فاذا اخذنا الافكار والحسيبية او الصوفية وطبقناها على اسمه فقد يكون هو بالفعل منة من الله علينا ليعيد الينا الصواب, فهل نحن الى هذه الدرجة ان نصدق كل ما يقوله هذا الشخص او نعطيه فرصة تلو فرصة... الى متى؟ وهو سائر في ذات الخط والطريق الذي سطره في كتابه (مكان تحت الشمس) لذلك اعتقد ان صدمة اخرى قادمة هي التي ستعيد الينا وجودنا. هل توجد اسباب او امراض تؤدي الى تهميش الثقافة العربية؟ ــ بالقطع توجد اسباب اخرى في مقدمتها ابتعاد المفكر العربي عن مراكز صنع القرار. وعدم اعتياد المواطن على نوع او هامش او نسبة كبيرة مما يسمى بالديمقراطية. اذكر على سبيل المثال قبل عشر سنوات اني قرأت مقابلة مع (زعيم دولة عربية) مرموقة في مجلة عربية معروفة تصدر في اوروبا, ووجدته يقول انه يمنح المواطن جرعة من الديمقراطية, فهل يعقل هذا ان يستيقظ زعيم عربي في الصباح ليقول (سأعطي اليوم المواطنين جرعة ما من الديمقراطية) كلام غير منطقي او مقبول, فكيف يمكن لزعيم عربي ان يفكر بهذا الاسلوب الا اذا كان يرى ان الجموع العربية او المواطنين هم ملك له او عائلته وهو رجلهم, فالاطار نفسه الذي تدار فيه العائلة العربية تدار فيه للاسف الدولة, وهذا شيء محزن ثم هناك مسألة الامن الاقتصادي, وهذا شيء اساسي جدا, فاذا كان الفرد غير آمن على اقل تقدير للحصول على قدر كاف معين لاطعام اسرته ونفسه, فهو مستعد في هذه الحالة ان يفعل اشياء كثيرة او يتغاضى عن اشياء كثيرة من اجل الحصول على لقمة العيش, وهذا للاسف الشديد موجود في العالم العربي كله بسبب الفقر والمشكلات الاقتصادية, بالرغم من الغنى الطبيعي للعالم العربي, ولنأخذ مثلا السودان, نجد انها غنية جدا بثرواتها الى درجة يمكن ان تصدر منها للعالم العربي كله وتكفيه, ولكن الصراعات والمشكلات سبب في هذه المشكلات الاقتصادية. وتصل بي هذه النقطة الى العديد من التساؤلات, ما الذي يمنع العرب من اقامة سوق عربية مشتركة, ولماذا نجحت اوروبا بعد اربعين عاما من انتهاء الصراعات والحروب والكراهية, نجحت الآن في التعايش وكل جانب يعاون الاخر ووجدوا صيغة للتعاون؟! الديمقراطية مفهوم واسع من منطلق علاقة الديمقراطية بالثقافة يثور سؤال, فهل الديمقراطية تمنح ام تكتسب؟ ام يتم تعلمها وان هناك فئات عليها تربية الجيل؟ ــ في البداية نحن نعلم ان مفهوم الديمقراطية واسع جدا وهي ليست اختراعا اوروبيا, فقط هي اطار اوروبي, والديمقراطية معناها ان تفعل فقط اي شيء تريده, ثم بعد ذلك حددت في اطر وقوانين معينة, اذا الديمقراطية موجودة في كل زمان ومكان كما سبق ان قلت, الفارق هو كم هذه الديمقراطية الموجودة, كم يطبق منها او يعطى ولاي هدف؟ مثلا يقال ان الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط هي اسرائيل وهي واحة الديمقراطية, لكن المواطن هناك يعرف ان هذه الديمقراطية اصبحت الآن في ظل نتانياهو كأي ديمقراطية موجودة في العالم العربي, فاسرائيل بفضل نتانياهو اصبحت كأي دولة عربية في الشرق الاوسط لانه الزعيم الوحيد الذي يتخذ القرار بمفرده في الداخلية والخارجية ويتدخل في كل شيء, واذا كنا نعترف انه توجد ديمقراطية في اسرائيل فعلينا ان نعرف انه توجد في ذات الوقت مشكلات كبيرة جدا وهذا ليس موضوعنا. ولكن ما يهمنا من هذا الطرح انه يجب تواجد التربية الديمقراطية, يجب ان تستمع الى رأيي كما استمع الى رأيك حتى لو كان مناقضا لرأيك, وان تحاول مهما كان الامر ان تفهمني وافهمك. هل يعني هذا انه يجب اعادة النظر في مناهج التعليم في الوطن العربي؟ ــ بدون ادنى شك وبنسبة مائة في المائة, ودعني اضرب لك مثلا عن هذه المناهج العربية, في هولندا يحق للطلاب العرب ان يدرسوا تراثهم ولغتهم في المدارس الهولندية, ولكن ماهي المصادر او الكتب التي يستمدون منها دروسهم, نجد انه حتى الان يتم احضار الكتب التي يدرسها المغاربة في المغرب لتدرس بحذافيرها للطلاب المغاربة في هولندا, ونجد ان الكتاب يتضمن دروسا كالآتي: ( علي يحمل محراثه ويأخذ معه البصل والخبز كل صباح) ولنا ان نفكر ونتصور, هل يمكن لهذا الطالب العربي ــ الهولندي ان يتقبل هذا المنهج او الدرس, فأي منطق هذا في حين نجد المنهج الهولندي يقدم ما قل ودل كما قال ابن المقفع, ونجد الطالب في هولندا يدرس بالكمبيوتر وبكل الطرق الحديثة. لذلك مطلوب تطوير المناهج العربية, وتبسيط اللغة للمناهج التي تدرس للطلاب العرب في اوروبا لتتلاءم مع المتغيرات الحضارية للعصر, لكي يجرؤ هذا الطالب على تعلمها ولا يهرب منها. هل يعني ذلك ان الانظمة العربية تساهم في تهميش الثقافة العربية؟ ـ بالطبع ولا تريد من المثقفين العرب او الجاليات العربية الموجودة في اوروبا الا ان ينقلوا الاموال الى اوطانهم وليس نقل الافكار لتطوير او ربط هذا الابن الموجود في الخارج بالوطن, وينسون ان هذا الابن الموجود في الخارج هو سفير غير عادي لبلاده, وان عليهم ان يعطوه الامكانية لان يتكلم ويفكر ويشع ويعطي حضارة ويفخر بأن يجهر انه عربي ولا يخجل من هذا حتى لا يرمى بالتخلف. استثمارات في الثقافة في اوروبا يوجد كثير من رجال المال والاعمال يمولون الثقافة الاوروبية, وهذا غير موجود في دولنا العربية, ترى ماهو السبب في تصورك, وماهو الدور المطلوب من رجال المال العرب للقيام بدور في الثقافة العربية؟ ـ مايحدث من عمليات تمويل في الغرب في هذا المجال لا تحدث فقط حبا للعلم والفكر, ولكن يحدث بأمل الحصول على مردود من هذا التمويل, فلا يجب ان نتصور ان هذا التمويل سيحدث من اجل عيون المثقفين, ولكن يجب ان نأخذ في عين الاعتبار ان الشعوب والاوطان تقوم على عدة أعمدة ولا يمكن ان تقوم على عمود واحد اسمه سياسة, بل تقوم على حضارة وثقافة وعلم وصناعة وفن... الخ وكل هذه الاشياء مقومات للدولة تبني مواطنا للقرن الواحد والعشرين, اذا مطلوب اعطاء نسبة معينة وامكانية مالية للمؤسسات العلمية والثقافة المختلفة لتقوم بدورها وعملها في رفعة المجتمع ودفعه للامام, واذا كانت دولة مثل مصر خفضت الضرائب على اموال المغتربين المصريين بالخارج لتشجيع جذب اموالهم لمصر فلا تهرب للخارج, فمن باب اولى ان يعطى مثل هذا التشجيع للمؤسسات العلمية والفكرية لتشجيع المفكرين والعلماء على الابداع والعطاء لرفعة وتقدم الوطن, ولا نغفل ان اي دعم لهذه المؤسسات انما هو دعم للبلاد وللحاكم. فلا يوجد اي سبب في اوطاننا العربية من تقديم الدعم لهذه المؤسسات الا الخوف من وجود فكر متحرر, وهذا يعود بنا الى عقدة السلطة غير المنتخبة او غير القائمة على انتخابات نزيهة مائة بالمائة, فأرى انه من المفيد استقطاع المبالغ التي تدفعها الشركات الخاصة للمؤسسات الثقافية في شكل تبرعات او دعم من الضرائب التي تفرضها الدولة. تناولنا بالتفصيل ما يحدث للثقافة والمثقفين العرب من تغييب داخل الوطن ونصل الى الطرف الثاني من الاشكالية وهو التشويش, فما هي عناصره وكيف يمكن مقاومته؟ ــ لو تناولنا التشويش نجد ان الصحافة تأتي في مقدمة الوسائل التي تستخدم للتشويش على الثقافة العربية, ففي الوقت الذي تلعب فيه الصحافة دورا كبيرا في التوعية, توجد صحافات مدسوسة, وصحافات موسمية تخرج من آن لاخر كفقاعات صابون لا اكثر وهي تشوش اكثر مما تفيد, ولكن مهنة الصحافة والصحافي الذي يحترم نفسه يعرف ماهو الدور الاساسي للاعلام ولا يقع في براثن هذا التشويش ويكون اداة من ادواته او يتأثر بمؤثراته. ولو اخذنا الآن الاعلام بصورة عامة, لوجدنا ان الاعلام المسيطر الآن هو الفضائيات, الكلمة الطائرة او الهائمة, فماذا يوجد في هذه الفضائيات؟ الاجابة لا شيء, لا شيء على الاطلاق, وان حدث ان طرح شيء له هدف او قيمة معينة يتم هذا من قبيل الخطأ او المصادفة. حوار سعيد السبكي ـ هولندا

Email