استراحة البيان: صناعة المعلومات: بقلم - سعيد حمدان

ت + ت - الحجم الطبيعي

تلقينا في مركز المعلومات للدراسات والبحوث بالبيان قبل يومين رسالة من رجل اعمال عراقي يطلب فيها عنوان شخصية معروفة تسكن في دبي, حدد اسم الشخصية وذكر في رسالته انه حاول الحصول على اية وسيلة اتصال بها من خلال سفارتنا بالاردن ولكنه لم يوفق, في المركز حاولنا الحصول على عنوان هذه الشخصية لكننا لم نوفق ايضا, فأرسلنا الرسالة التي تحمل اسم الطالب والمطلوب الى اكثر من جهة ولم نزل ننتظر الرد. وحالات الاستفسار وطلب المعلومات من خارج الدولة وداخلها عملية يومية يقوم الزملاء في المركز بمتابعتها وتوفيرها, ولا يجد الزملاء اية عقبة في توفير المعلومة مهما كانت تخصصية وحديثة, وبأقصى سرعة في وجود شبكة الانترنت وقواعد البيانات ومزايا ثورة التكنولوجيا بشكل عام, المشكلة الكبرى التي تجعل سرعتهم بطيئة جدا, هي عندما تكون المعلومة المطلوبة تخص الامارات, فرغم الارشيف الضخم ووجود قواعد تكنولوجية جاهزة انجزها المركز في سنواته الاخيرة, الا ان طلب معلومة عن الامارات تبقى محل قلق وشكوك عند الموظف الباحث عن مدى توفرها وبالشكل المطلوب وفي الوقت المحدد. فإذا رغب دارس او باحث او صانع قرار في الحصول على معلومة عادية, مثل نبذة تعريفية عن شخصية بارزة كوزير, سفير, فنان, تاجر.. الخ او معلومة توثيقية عن تاريخ حدث او عناوين المراجع التي كتبت عن موضوع ما, او رقم احصائي حديث لتجارة معينة او صناعة محددة او حجم ونوعية المعارض التي اقيمت في فترة زمنية او.. او.. فانه لا يعرف اين يبحث عن هذه المعلومة, واذا وصل الى جهة مهتمة بالمعلومات ووفرت له هذه الجهة جزءا من مطلبه, فانها لاتعرف هي ايضا الى من ترسله ليكمل بحثه. هذا اذا كان الطلب على معلومة عامة يفترض انها متوفرة وسهل الحصول عليها, فاذا كان الطلب على معلومة تخصصية دقيقة, كيف سيكون حال طالب المعلومة؟! لاتوجد عندنا للاسف الشديد جهة معنية بتوفير المعلومات التي تخص الامارات والتي يمكن ان يرجع لها الباحث وطالب المعلومة, ففي الدولة مراكز ومكتبات ضخمة ولكن معظمها ان لم يكن جميعها يعاني من مشكلات اهمها: شح المعلومات التي تتحدث عن الدولة, ايضا عدم الاخذ بتقنيات التكنولوجيا الحديثة (صناعة وتعريب التكنولوجيا وتحديدا في مجال الحاسب الآلي مشكلة يعاني منها الوطن العربي بأكمله). كذلك عدم التنسيق ومحاولة دعم التكامل وتبادل المعلومات فيما بينها. فغالبا ما يجد الباحث انه امام خيارات لا يفضل الاخذ بها ولكن لا سبيل سواها مثل الاعتماد على مراجع اجنبية, وفي هذه المراجع ما فيها من معلومات مغلوطة وغير دقيقة, فتصبح مع كثرة استخدامها مراجع اساسية لاي باحث, كذلك الاعتماد اذا تعلق الموضوع بمعلومة رقمية على احصاءات وارقام قديمة, وطبيعي ان الرقم الاحصائي القديم يضعف مشروع الدراسة والبحث كأن تتحدث عن مشروع زراعة الفراولة او تطور صناعة الزجاج في السنوات الاخيرة وتستخدم احصائيات سجلت في نهاية الثمانينات مثلا. ففي هذا العصر, وهو عصر المعلومات, وفي بلد عصري متطور ينمو بهذه السرعة ويشهد ثورة في كل شيء, تغيب عنه صنعة توفير المعلومات وتنظيمها وتوظيفها, فمطلب توفير مركز متكامل لحفظ وصناعة المعلوماتية التي تخص الامارات هو في الواقع من الضروريات الملحة, او دعم المراكز الموجودة وايجاد علاقة تعاون وتكامل فيما بينها, وهو امر تنشده هذه المؤسسات لو وجدت المبادرة والتشجيع, واشعارها ان المعلومات لم تعد مجرد ارشيف وملفات ومكتبة وانما هي صناعة متطورة, وانها شعار العصر ومفتاح الدخول الى المستقبل. فالعالم اليوم ــ المتطور طبعا ــ يتنافس على هذه الصناعة.. وبقوة.

Email