ليلة الزهبة في قرية التراث أمام جميع الجنسيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

الليلة قبل الماضية... كانت ليلة من ليالي ألف ليلة... لم تكن ليلة عادية. لم تكن كذلك لأن منطقة الشندغة التراثية شهدت حفل زواج بدوي كان يقام قبل نصف قرن ثم انقرض مثلما انقرضت أشياء كثيرة من تراثنا بسبب ما نسميه بالتطور والرقي . ولم تكن كذلك لأن هذا الحفل الذي أشرفت على اقامته دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي كان صورة طبق الاصل في محاولة منها لاحياء تراث الوطن. ولم تكن كذلك لأن هذا العرس التراثي النادر اجتذب مختلف الجنسيات وجميع الأعمار. ولم تكن أيضا كذلك لأن عدسات القنوات الفضائية والمحلية والصحافة العربية والاجنبية تسابقت لرصد هذا الحدث المحلي الاجتماعي الفريد. لقد كانت هذه الليلة غير عادية حيث كان شباب المواطنين من الجنسين على موعد مع حدث سمعوا عنه كثيرا لكن (ظروفا) كثيرة لم تساعدهم على معاصرتها أو حتى مشاهدتها. جاءوا لكي يعقدوا مقارنة بين أفراح زمان... وأفراح هذه الأيام. جاءوا لكي يعرفوا الفرق بين ركوب الناقة... وركوب المرسيدس. ولكي يعرفوا الفرق بين العرس الذي يقام داخل خيمة من الخيش... والعرس الذي يقام في الفنادق (الفايف ستار) . ولكي يعرفوا الفرق بين المهر الذي كان يتراوح بين نسخة من القرأن الكريم أو كمية من التمر أو جوالين من الأرز ومهور هذه الايام التي تصل الى ارقام فلكية جعلت قطار الزواج يمر بسرعة امام محطات راغبي الزواج دون ان يسمح لهم بالركوب. جاءوا لكي يعرفوا ان العرس... أي عرس أيام زمان... كانت الدعوة فيه مفتوحة لكل القرية أو البلد وليست مقصورة على من توجه لهم الدعوات التي ترسل بالبريد أو الفاكس. جاءوا لكي يعرفوا ان العرس كان مناسبة تتجلى فيها معاني المشاركة والتواصل الاجتماعي والتعاون. جاءوا ليعيشوا لحظات من الزمن الجميل الذي ولى. كم كانت الفرحة على الوجوه وهم يعيشون ليلة بدوية دبوية حقيقية من ليالي ألف ليلة. مراسم الحفل يقول عبدالله بن دلموك مسؤول قرية التراث ان هذا الحفل يسمى ليلة الزهبة وهي الهدايا التي كان يقدمها العريس لعروسه من ملابس وذهب وعطور وخلافه. ويبدأ الحفل بوصول العروس وهي تمتطي ناقة يجرها العريس ويسير خلف الناقة اهل العروس يحملون أمتعتها الى أن يصل الركب الى الخيمة حيث تجلس العروس وتعرض على صديقاتها وجاراتها ما قدمه لها عريسها. وخارج الخيمة ترقص الفرق الشعبية وتعزف الموسيقى حتى الصباح حيث يصطحب العريس عروسه الى منزلها لاتمام الزواج. كان ذلك هو الشق الثاني من زواج أهل البادية اما الشق الاول الذي لم يحدث في هذا الحفل فهو سباق الهجن واطلاق النار حتى تعرف البادية بهذه المناسبة. ويقول عبدالله ان أعمار العروسين كانت تتراوح بين 13 و16 عاما أما المهر فكان عبارة عن كمية من التمر أو ناقة أو جوالين من الأرز او نسخة من المصحف الكريم. ويضيف ان كل البادية كانت تشارك في هذا الفرح سواء بالغناء أو الرقص أو المساهمة بأي شيء. لكن هذه الاشياء الجميلة انقرضت بعد النفط والسيارات الفارهة والفيللات والموبايلات والمكيفات حتى أصبحنا الان في زمن القابض فيه على التراث... كالقابض على الجمر. ليلة رصدها: سعد السيد

Email