المخرج محمد فاضل يدقق سنوات في اختيار نصوصه: لا انحاز لفردوس ولكني اهتم بموهبتها

ت + ت - الحجم الطبيعي

محمد فاضل المخرج التلفزيوني المتميز, يعتبر نفسه من الجيل الذي عاش زهو الانتصارات القومية ولهذا كان الانكسار الذي اصاب الجيل نفسه صعبا, غير انه خرج من هذا الانكسار ليغرس نفسه في تقديم اعمال تلفزيونية رائعة لمست هموم الناس البسطاء الذين صنعوا كل انتصارات الوطن... قدم فاضل في نهاية الستينات (القاهرة والناس) ثم عددا من المسلسلات ابرزها (الراية البيضا) و(عصفور النار) و(ليلة القبض على فاطمة) ومن الافلام التلفزيونية (ناصر 56) و(طالع النخل) واخيرا مسلسل (الشارع الجديد) . - محمد فاضل كيف كانت البداية؟ ــ تخرجت من كلية الزراعة العام 1958 والتحقت بالتلفزيون منذ بداية العام 1960 حيث عملت مساعدا للمخرج الراحل نور الدمرداش واول مسلسل لي كان في الاذاعة بعنوان (والله عال) وتخلصت منه بعد اذاعته في المرة الاولى لاحساسي انه غير موفق ثم سافرت لألمانيا في بعثة وعندما عدت للعام 68 قدمت مسلسل (القاهرة والناس) الذي نال نجاحا واسعا واستمر خمس سنوات متتالية ثم عملت رئيسا لافلام التلفزيون فمديرا لاستوديو الجيب ومنتجا فنيا لاستديو (1) و(10), وقدمت استقالتي في منتصف الثمانينات من كافة الاعمال الادارية حتى اتفرغ بالكامل للابداع الفني. - وهل يعيق العمل الاداري الابداع؟ ــ لا يعيقه بشكل واضح وصريح ولكني شخصيا افضل التفرغ لعملي الابداعي كما افضل ان اكون حرا حتى استطيع تقديم كل ما اريده بصدق ودقة ووضوح. - تتعرض في اعمالك لمشكلات المجتمع وقضاياه الى درجة ان البعض يعتبر هذا اساءة للمجتمع؟ ــ هذا غير صحيح بالمرة فانا اعرض الحقائق دون رتوش لتصحيح الاوضاع الفاسدة في هذا المجتمع, واذا كانت الصحافة واجهزة الاعلام يمكنها تناول هذه القضايا بصورة اسرع واكثر توفيقا فعلى الدراما ان تلعب دورا لا يقل اهمية وهو ان تبحث عن اسلوب منفرد لمعالجة القضايا الاجتماعية ومناقشة جذورها. - وكيف تواجه هذه المناقشة؟ ــ اركز على عاملين الاول هو الالتزام بقضايا المجتمع الحية والساخنة وهذا بدوره يؤدي الى تكوين جذور من الثقة مع المخرج وحيوية في المشاهدة والعامل الثاني هو الشكل الفني الجذاب والممتع والذي يجعل المشاهد في حالة جيدة ويشارك في مناقشة العمل ولذلك اجعل نهايات اعمالي مفتوحة او صادمة. - ولكنك في مسلسل (الشارع الجديد) ابتعدت عن قضايا المجتمع الساخنة او المعاصرة؟ ــ ربما, ولكن استلهام التاريخ واسقاطه على الواقع المعاصر يعد احد الوسائل في مناقشة قضايا المجتمع المعاصرة, كما ان عرض فترة تاريخية مهمة تبرز الروح الوطنية في وجدان الشعب وتؤكد على وعيه ونضاله وهذا امر نحتاج اليه في هذه الايام وبالتأكيد نحن نحتاج الى تذكرة الناس من آن لآخر بوطنيتهم الراسخة في اعماقهم والتي قد تختفي خلف متطلبات الحياة المتزايدة. ورواية الشارع الجديد للكاتب محمد عبد الحليم عبد الله جذبت انتباهي لهذا السبب لذلك سارعت بتنفيذها بعد ان قامت ماجدة خير الله بعمل المعالجة وكتابة السيناريو والحوار لها. - كيف تختار النص؟ ــ يستغرق اختياري للنص وقتا طويلا في الالتقاط والبحث والتطوير فعلى سبيل المثال مسلسل (ليلة القبض على فاطمة) استغرق تحضيره اربع سنوات كاملة و(مسلسل عصفور النار) خمس سنوات ولا يعد هذا مبالغة مني بل هو امر طبيعي جدا. -لكنك في فيلم (ناصر 56) لم تستغرق وقتا طويلا في الموافقة على الفكرة والتحضير للبدء في العمل! ــ لأنه كان حلم الصبا فكم تمنيت ان اخرج فيلما عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لذلك وافقت على الفكرة بعد اتصال الكاتب محفوظ عبد الرحمن مؤلف الفيلم والفنان احمد زكي. - ما المشكلات الانتاجية التي تواجهك؟ ــ للأسف المحطات التلفزيونية تنظر الى الفن نظرة المشتري بالكيلو والساعة وليس بقيمة ما يحتويه شريط الفيديو ولذلك يلجأ بعض المنتجين الى تعبئة الشرائط بأي شيء قليل التكاليف, ولكن ذلك يقل يوما بعد يوما مع ازدياد الوعي. وعلى الحكومات العربية ان تنظر للتلفزيون كما تنظر للأمن القومي ولا ابالغ اذا قلت ان التلفزيون يعد احد اهم اسلحة التنمية الاقتصادية خاصة مع دخولنا عصر الفضائيات ومرحلة التحدي الاعلامي ومواجهة ما يغزونا به الغرب. - قدمت اعمالا من انتاج حكومي واخرى من انتاج القطاع الخاص فما الفارق؟ ــ اولا انا لست موظفا ولذلك فانا اقول كلمتي في اي مكان يسمح لي بذلك وبصراحة القطاع الخاص اهم مميزاته التخلص من البيروقراطية اما الانتاج الحكومي فتحكمه لجان متفرغة من لجان تصب في عمل لجان! فمثلا شراء (مفرش) في احد المسلسلات استغرق اسبوعين كاملين!! ومع ذلك فهناك مميزات لقطاع الانتاج بالتلفزيون المصري اهمها امكانياته الهائلة فنيا وماديا وقدرته على انتاج الاعمال الضخمة بالاضافة الى عدم سيطرة المنطق التجاري عليهم بالكامل بل ان القيمة الفنية والفكرية هي الاساس. - ولكنك وقعت فريسة للمنطق التجاري عندما قدمت مسرحيتك (البحر بيضحك ليه) مستغلا النجاح الساحق لمسلسل (ليالي الحلمية) وفريق العمل الذي قدم المسرحية؟ ــ هذا غير صحيح لأننا لا يجب ان نقع ضحية للتعميم الخاطىء بأن كل اعمال القطاع الخاص رديئة فهذا غير صحيح فمثلا يوجد لينين الرملي ومحمد صبحي وعادل امام ومسرحية (البحر بيضحك ليه) التي قدمتها اعتبرها في هذا المجرى الجاد والمحترم, وفي الوقت نفسه لا انكر استغلالي لنجاح فريق عمل مسلسل ناجح وهو (ليالي الحلمية) ولكن ذلك لا يسيء للعمل المسرحي فالربح ليس سبة والبحث عنه ليس عملا سيئا المهم هو كيف ستربح ومن ناحية اخرى فان الاشكال الفنية المختلفة هي وسائل كالبقية لا تتناقض مع بعضها فأنا قدمت ايضا في السينما الكثير من الاعمال مثل شقة في وسط البلد وحب في الزنزانة وغيرهما. - اهتمامك بكافة التفاصيل الصغيرة في العمل ربما يؤدي الى الوقوع في دائرة التطويل ويقع بالمشاهد في حالة من التشتت؟ ــ هذا غير صحيح فأنا مؤمن ان التفاصيل الصغيرة هي التي تصنع الاعمال العظيمة ولأني اهتم بكافة التفاصيل فدائما اعمالي تقع في فترات زمنية قصيرة حتى استطيع ابراز ملامح هذه الفترات الزمنية رغم انه من المستحيل ان تتحدث عن كل شيء في عمل واحد, لكننا نحاول قدر المستطاع. - هناك سؤال يطرح نفسه دائما لماذا الاصرار على زوجتك فردوس عبد الحميد في كل اعمالك؟ ــ ليس في كل اعمالي لكن ربما في معظمها وهذا نابع من اني مؤمن للغاية بموهبتها كما انها فنانة حقا تستطيع تقديم كل الانماط والشخصيات بل انها ليست مبالغة ان اقول انني لا اجد ممثلة اخرى يمكنها ان تقوم بالدور الذي اسنده لفردوس. - ولكن في مسلسلك الاخير (الشارع الجديد) الدور لا يتناسب مع الفنانة فردوس عبد الحميد لأنه دور فتاه في السابعة عشرة من عمرها! ــ الدور لم يقف بالشخصية عند سن السابعة عشرة بل كان يتطور وهناك مراحل سنية كثيرة يعرضها المسلسل تمر بها هذه الشخصية ولأني بعد قراءتي للسيناريو وجدت ان هذه الشخصية في مراحلها الاخيرة تناسب فردوس فأسندت الدور لها والاستعانة بقليل من الماكياج لكل من فردوس وعزت العلايلي ثم ان هناك نقطة اخرى وهي ان المسلسل يقوم بشكل البلاي اي ان الابطال يتذكرون الاحداث ثم روايتها للمشاهد وهذا ما اوضحته في الحلقة الاولى للمسلسل والتي كانت مدتها ساعة ونصف. - هل يصلح الماكياج للتحايل على عمر الفنان الحقيقي؟ ــ ليس دائما ولكن هناك نقطة شديدة الاهمية وهي ان هناك ما يعرف بالخيال الفني في اي عمل تلفزيوني وسينمائي وهذا الخيال الفني هو ما يجعل المشاهد يقبل ان يقوم فريد شوقي بضرب عشرة فتوات رغم علمه بكبر سنه وجعلنا ايضا اقبل قيام ليلى مراد بدور فتاة مراهقة وهي في الاربعينات وهكذا... والماكياج هنا يعتبر عاملا مساعدا لا اكثر انما الاعتماد الاساسي على موهبة الفنان وتقبل المشاهد له وتصديقه للعمل. القاهرة ـ اسلام نشأت

Email