البعض يعتبرها شعوذة وادعاءات: مهنة التداوي بالاعشاب تقول وداعا للأدوية الكيماوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

انتشرت في سوريا خلال السنوات الماضية, كما حدث في دول العالم اجمع عودة الى التداوي بالاعشاب الطبيعية والنباتات البرية, حتى ان الشركة الوطنية لصناعة الادوية اتجهت هي نفسها الى صناعة تلك الاعشاب , وتقديمها بوصفها ادوية طبيعية, ويعتقد المعالجون الشعبيون بالاعشاب انهم قادرون على شفاء العديد من الامراض, ودون ان يحتاج المريض الى تناول ولو حبة دواء صغيرة, ويشاطرهم في هذا الامر العديد من الاطباء والاختصاصيين الذين يعتقدون ايضا ان للاعشاب فائدة كبيرة وشفاء للعديد من الامراض , حتى ان بعضهم يؤكدون اننا سنصل الى اليوم الذي سنعتمد فيه كليا على الاعشاب مستعيضين عن الدواء الذي يحمل بداخله الفائدة والسموم على حد سواء. (البيان) التقت بدمشق محمد درويش الابرش احد ممارسي مهنة طب الاعشاب... ودار معه الحديث التالي: - هل تحدثنا عن موضوع التداوي بالاعشاب؟ ـ خلق الله النباتات على الارض قبل ان تطأها قدم انسان او حافر حيوان وهي الغذاء الاساسي لكل مخلوق حي وبدونه لا وجود للحياة. ومنذ ان خلق الله الانسان والحيوان وجدت الامراض التي تنتابهما وكما ان الله جل جلاله قد جعل النباتات غذاء لا تستغني عنه الحياة, فقد اوجد ايضا الدواء للامراض واعطى الحيوان الذي لا يعقل ولا يفكر غريزة الاهتداء الى نوع النباتات التي تشفيه من مرضه. وترك للانسان العاقل ان يهتدي الى النباتات الشافية من الامراض بالدراسة والتجارب والاستنتاج وكمثال على ذلك وقد شاهدته بأم عيني في مزرعة تعود لصديق لي, ان الكلب وهو حيوان من فصيلة اكلة اللحوم التي لا تأكل الثمار والاعشاب قام وهرول باحثا عن شيء في المزرعة وكنت اراقبه وقد تناول ثمار شجيرة صغيرة برية, فالكلب ما اكل من هذه الثمار اذن الا وهو بحاجة اليها وقد اهتدى اليها بغريزته وميزها عن باقي الاعشاب. ان تاريخ التداوي بالاعشاب قديم جدا يرجع الى العصور الاولى من التاريخ وقدماء الهنود كقدماء المصريين مارسوا هذه المهنة وبعدهما جاء حكماء اليونان ووضعوا مؤلفات عن التداوي بالاعشاب في القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد وجاء العرب وقد زادوا على هذا العلم شيئا بتجارب جديدة وفي مقدمتهم ابن سينا والرازي. واليوم تسترد الاعشاب مجدها الطبي, فعلى سبيل المثال تستهلك المانيا سنويا مايزيد عن المليون كيلو جرام من ازهار البابونج المجففة وخمسمائة الف كيلو جرام من ازهار الزيزفون... وفي دمشق تزداد هذه الايام الحوانيت التي تبيع الازهار المجففة حتى ان بعض الشركات اصبحت تغلف الازهار وبعض الاعشاب المجففة وتزود بها الصيدليات. - هل تؤدي الاعشاب والنباتات الطبية الى علاج كل الامراض؟ ــ اولا ليس من المحتم على كل عشبة او نبات طبي ان يشفي كل مصاب وان بعض الامراض يمكن شفاؤها بعدد كبير من الاعشاب والنباتات الطبية ولكن عشبة معينة منها تكون الاكثر فائدة عند زيد في حين ان عشبة اخرى تكون اكثر فائدة عند عمر... لذلك يستحسن ان تستعمل الاعشاب عادة بشكل مزيج مكون من مجموعة اعشاب مختلفة الانواع ولكن كل واحد منها فعال في معالجة المرض المقصود, وهذا المزيج من حيث النوع والنسبة لا يتوقف على مهارة من يقوم باعداده وحسن تقديره لحالة المريض الماثل امامه ومزاجه فحسب بل ايضا على خبرة سابقة في استعمال الاعشاب والنباتات الطبية, والامر هنا لا يختلف عن مثله في وصف الادوية الكيماوية ايضا... ومن الامور المهملة ايضا في استعمال الاعشاب والنباتات الطبية, الا يتجاوز المريض في استعمالها المقادير المسموح بها او المطلوبة للتداوي وتسمى بلغة الطب: الجرعة العلاجية فالبابونج مثلا هو في مقدمة الاعشاب المفيدة لمداواة الكثير من الامراض, غير ان تجاوز القدر المسموح به في تعاطيه قد يؤدي الى عواقب وخيمة ومن البديهي ان كمية الجرعة العلاجية تختلف دائما باختلاف الدواء وجنس المريض وسنه. قطف الازهار وجمعها - كيف ومتى تجمع الاعشاب والنباتات الطبية؟ ـ تقطف الازهار والاوراق بكل اناة ودقة, وتجمع في سلة يتخللها الهواء دون اي ضغط عليها لان ذلك يهيئها للتخمر وفقدان الكثير من فوائدها, هذا اولا, وثانيا: تقطف الازهار في الصباح بعد ان تجف من قطرات الندى حيث تكون في اوج نضارتها وفعاليتها واذا كانت ازهار النبتة المطلوبة تستمر طويلا تجمع ازهارها المبكرة... ثالثا: اما الاوراق وباقي اجزاء النبتة فتجمع دائما بعد الظهر حيث تكون قد تشبعت من شعاع الشمس وازدادت محتوياتها من المواد الفعالة... ورابعا: تجمع الجذور في بداية الربيع او الخريف حيث تكون غنية بالمواد الفعالة وتغسل قبل البدء بتجفيفها... - هل لعملية تجفيف الاعشاب شروط معينة؟ ــ نعم ان عملية التجفيف هي من اهم الاعمال في المحافظة على المواد الفعالة في النبتة ووقايتها من الفساد واعدادها للتخزين... وتستهدف عملية التجفيف ازالة الماء كليا من النبتة او اجزائها المعدة لهذه العملية ازالة تامة... لان بقاء جزء قليل من الرطوبة يعرض النبتة عند التخزين للتخمر والتعفن فتفسد وتفقد كل خواصها وتجفيف الازهار والاوراق يجب ان يتم في الظل بينما البذور يمكن بل يفضل تجفيفها في الشمس, اما الجذور فتجفف بعد غسلها وتنظيفها جيدا وشقها طوليا الى نصفين, وتقطيعها الى قطع صغيرة في الشمس مباشرة على ان تظل الاجزاء متباعدة عن بعضها وكذلك الثمار. السفر خير معلم - كيف اصبحت مداويا بالاعشاب؟ ــ انا اعمل سائق سيارة, وكنت في بدايات عملي اقوم برحلات بين المحافظات السورية. ذات يوم طلب مني شخص ان اوصله الى طبيب شعبي وقد اثار فضولي هذا الامر ــ كان المريض يعاني من الم في العرق الانسر وقد عالجه الطبيب الشعبي بالكي وشاهدت المعالجة بأم عيني, وفي الوقت ذاته وصف الطبيب لشخص اخر دواء عبارة عن مغاطس بمغلي اوراق الكينا لعلاج الروماتيزم ووقتها ايضا كان احد اطفال يعاني من حساسية في عينيه, وما نسميه باللغة الدارجة (رمد ربيعي) وقد طلبت من ذلك الطبيب الشعبي وصفة علاجية فدلني على استعمال عصير نبات البقلة (الرجلة) كقطرة عينية وبالفعل اتبعت نصيحة ذلك الطبيب الشعبي وكانت مفيدة لولدي... بعد تلك الحادثة اصبحت ابحث في مواضيع العلاج بالاعشاب واقرأ الكتب في هذا المجال حتى تمكنت من تفاصيل هذه المهنة. دمشق ـ سامي رجا

Email