استراحة البيان: مؤتمرات الوردة والحقيبة! يكتبها اليوم - ظاعن شاهين

ت + ت - الحجم الطبيعي

بيني وبين المؤتمرات والندوات واللقاءات الخارجية والداخلية ود قديم متجدد, فأنا شغوف بحضور تلك الفعاليات رغم الكلام الكثير الذي يحدث فيها وخلالها والفعل القليل الذي ينتج عنها شأنها شأن كل المؤتمرات العربية لذلك عاهدت نفسي على المشاركة السلبية الصامتة , والتأمل في المشهد العام دون التدخل في شؤون الاخوة الاعداء الذين تعودوا على طرح نفس الكلام ونفس الشعارات ونفس الافكار في كل مؤتمر سواء كان سياسيا أو أدبيا أو فكريا. وشغفي في الحضور يتركز على رؤية ودراسة نماذج بشرية عجيبة وغريبة, خاصة اذا ما عرفنا أن الجهات الداعية غالبا ما تؤمن للمشارك ان كان من اصحاب النظريات الفلسفية المتحدثة والمجادلة في السياسة والاقتصاد والبطيخ أو من اصحاب الكهف نفس الامتيازات وهي تذاكر السفر والاقامة المجانية والمواصلات, وهنا لا يتبقى للضيف الا ان يقول (كفن ببلاش خليني أموت) ! والمثير ان بين مؤتمر عربي وآخر اختلاف كبير من حيث امكانية البلد المستضيف, ففي الوقت الذي يغدق احد المؤتمرات على ضيوفه بسخاء ويعامل المشاركين فيه وكأنهم ملوك ورؤساء, يتقشف مؤتمر آخر الى حد المجاعة ويعامل ضيوفه بجفاء وخشونة تجعل المشارك يهرب على أول جناح طائر قبل انتهاء المؤتمر معتذرا بارتباطاته الكثيرة. وتبدو المؤتمرات والندوات واللقاءات والمهرجانات المختلفة التي تستضيفها دول الخليج اكثر المؤتمرات عافية, لذا يقبل عليها المشاركون بقوة, ونادرا ما يعتذر أحد المشاركين عن عدم حضورها, بل يحاول اغلب الحضور مد الدعوة أياما اخرى بعد انتهاء المؤتمرات كي يلتقطون الانفاس كما يحلو للبعض قوله, وهذه نقطة تحسب لصالح الدول الخليجية التي تعودت على كرم الضيافة, لكني سأحاول في السطور القليلة المقبلة ان التقط طرف الخيط لأحدد ملامح وتفاصيل بعض الوجوه التي رأيتها وتلمستها عن قرب فتعالوا معي نتعرف عليها.. الوجه الأول: وجه دائم الحضور في أغلب المؤتمرات الثقافية والادبية واللقاءات الخارجية, يتنقل كالنحلة من طاولة الى اخرى ومن جلسة جادة الى جلسة خفيفة, الجميع يحفظ هذا الوجه, والجميع يكاد لا يعرف اسمه, هو شاعر كما يقول لكنه رغم الحضور في كل المهرجانات لم يسبق له ان القى قصيدة واحدة او فاضت قريحته ببيت واحد, كل الفعاليات الثقافية والأدبية سواء كانوا شعراء أو نقادا أو باحثين أو حتى صحفيين يدركون حقيقة واحدة هي ان صاحب هذا الوجه, رجل طيب, يرتدي بدلة واحدة مشهورة في كل المهرجانات تزينها وردة حمراء صغيرة, يكاد لا يتخلى عنها حتى ولو كان نائما... الجميع يقول بأن أبا وردة هو فاكهة المهرجانات, لذا تصبح تلك المؤتمرات دون صاحب الوردة الحمراء بلا نكهة أو نكتة! الوجه الثاني: وجه ينفر منه الجميع, هو عكس الوجه الأول, الطيبة لا تعرف مكانا في تفاصيل وجهه الذي تميزه عينان ضيقتان وشعر أجعد يحاول ان يلملم منه خصلات ويلصقها في جانب آخر من مؤخرة رأسه الأصلع, وتكاد تلك الحقيبة ــ الدكان ــ لا تنفك من يده اليسرى وكأنها من تكوين شخصيته الملساء المنافقة, هو يبيع كل شيء ويتاجر في كل شيء, فهو كما يقول صحفي ورجل دعاية واعلان وناقد ونديم في المجالس وشاعر أحيانا وناشر, وفي كل ذلك تشهد تلك الحقيبة السوداء التي يحملها على حقيقة واحدة هي ان هذا الرجل بياع كلام, موضوعاته النقدية جاهزة وكلامه الجميل الناعم جاهز لمن يدفع فقط! الوجه الثالث: وجه شاب من الشعراء الذين اثبتوا حضورا على ساحة الشعر العربية, وسيم الى حد ما, لكن الأنا اصبحت متورمة لديه الى حد كبير, فهو الاهم والافضل والاحسن كما يعتقد ويؤكد دائما, وما يكاد أحد الحضور ان يثني على شاعر آخر امامه الا وينسحب من الجلسة بطريقة استفزازية تنم عن عدم ذوق واحترام بالحاضرين... المشكلة الحالية التي يواجهها هذا الوجه أن احدا لا يعيره اهتماما لا في الدعوات ولا في الصحافة مما جعله غائبا عن أغلب المهرجانات الشعرية والمؤتمرات الأدبية. الوجه الرابع: هو من الوجوه التي لا تستحي, وكما نقول نحن في لهجتنا الشعبية (لحف) , هذا الوجه, رغم خطوط العمر والتجاعيد التي تكسوه, يعتقد نفسه أنه كازانوفا, فما يكاد يرى فتاة جميلة الا ويتغزل في عيونها وخدودها وشعرها وجسمها بشكل ساقط ومستفز على مرأى من الجميع, ورغم الصدود الذي يلاقيه في كل مرة لا ينفك الا ويبدأ من جديد.. المثير ماحدث له ذات يوم في أحد المؤتمرات, فقد رأى صاحبنا جلسة جانبية منعقدة في بهو الفندق الذي يكاد يغص من الحضور وفي تلك الجلسة امرأة تقول للقمر قم وأنا اجلس مكانك وفي الجلسة المذكورة آخرون, الا ان عيون صديقنا لم تر الا تلك الجميلة الفاتنة فهجم صاحبنا على تلك الجلسة متغزلا بشكل سافر وهو لايدري أنها زوجة أحد الاكاديميين المشاركين في جلسات المؤتمر وحدث مالم يحمد عقباه!

Email