على الهامش، الشقيقة الكبرى - بقلم: عمر العمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

دخول مصر الصريح على خط الازمة السودانية اعطى مؤشرات لجهة الانفراج. القاهرة وعدت بتحرك يستهدف مصالحة سودانية شاملة . البلاغ المصري ساهم في تصعيد حديث التعددية في الخرطوم. مصر شقيقتنا العربية الكبرى. عند كل منعطف بارز اوحاد في المنطقة تتجه الانظار العربية صوب القاهرة. موقف مصر يشكل التوجه المرتقب للحدث الماثل. ثقل مصر يرجح كفة موازين القوى حين تتباين الرؤى العربية. مصر اكثر من جادة بالنسبة للسودان. السودانيون يمقتون التعريف الجيوبوليتيكي الذي يعتبر وطنهم مجرد عمق استراتيجي لمصر. بعض السودانيين يكرهون تأطير الصلات ضمن عبارة (العلاقات الازلية) المكرورة. التلاقح بين الجارتين اعمق من هذه وتلك. ثمة انكسارات على السطح السياسي بين البلدين. التباين في المواقف لم يحدث هوة. القاهرة تمثل انموذجا في عيون العديد من الساسة السودانيين. ربما لم تكن مصادفة ان الشيخ علي عبدالرحمن, زعيم حزب الشعب الديمقراطي, عطر الله ثراه, قضى ايامه الاخيرة في القاهرة وعاد الى الخرطوم ليسلم روحه الى بارئها. فترة مايو بقيادة جعفر نميري كانت نسخة سودانية مشوهة لتجربة عبدالناصر. ترويج انقلاب البشير عربيا كان رد فعل مصريا لمواقف الصادق المهدي تجاه القاهرة. شعارات استقلال القرار السوداني التي تبناها النظام الحالي كان محاولة لتأكيد الندية من الخرطوم ازاء القاهرة. المؤسسات التي بسطت عليها الحكومة السودانية نفوذها كلها مصرية. حين بدأ حديث التعددية في الخرطوم يمم اركان النظام القاهرة. تجربة السادات كانت الانموذج الاكثر اغراء. بين انتماءات اركان النظام والسادات قطيعة تاريخية مشربة بالدم. اكثر المتنفذين في الخرطوم اعتدلا طالبوا باستيراد المنابر المصرية. بعض السودانيين يفضلون (البنابر) على المنابر المصرية. الشعور ليس نابعا عن عداوة وانما يعبر عن تأصيل للذات. تجربة المنابر الساداتية لم تثبت جدواها. الرئيس المصري الراحل ابتدعها في سياق محاولاته لابقاء السلطة بين يديه. الانموذج الديمقراطي المصري لايغري السودانيين بالمحاكاة. تجربة السودان في هذا المجال اكثر عمقا وصلابة. الرهان ليس على التقليد. المسألة تكمن في الريادة. حين يبحث السودانيون عن مخرج عبر جارة من المحنة تبقى مصر اقرب من اي جارة في الوادي. القاهرة اقرب الى الخرطوم سياسيا من اية عاصمة افريقية اخرى. مصر تنحاز لوحدة السودان اكثر من اي بلد افريقي آخر.

Email