يستنسخها طبيب تونسي ليؤكد الريادة العربية: اكبر ترسانة ادوات جراحة اصلية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترسانة كبيرة من ادوات الجراحة والتطبيب الاصلية لاطباء قرون الريادة العربية وضعها طبيب تونسي تحت تصرف الهيئات والجهات الطبية المسؤولة بتونس , وهو يسعى الى التعريف بها وعرضها على المستوى العربي والعالمي حتى يعرف الغرب ما لنا من فضل واسبقية في المجال الطبي. هذه الادوات تم صنعها باياد تونسية انطلاقا من مخطوطات اصلية اجتهد ابو القاسم الزهراوي الطبيب الشهير في رسمها بدقة وحذق مع ذكر الماسات ونوعية المعادن الصالحة لها وطرق تصنيعها. وتعتبر مخطوطات الزهراوي مصدرا رئيسيا, لكن الارث العربي المكتوب حفظ لنا دونها نفائس كثيرة سلمت من الحرق والاتلاف. اما صاحب الفضل في هذا المجهود العلمي الكبير فهو الدكتور احمد ذياب. وقد نفذت شركة تونسية مختصة في صناعة التجهيزات الطبية هذا المشروع واجتهدت في نسخ الاشكال والاحجام والتفاصيل بامانة معتمدة في ذلك المعادن الاصلية من حديد هندي وفضة وخشب. وتضم هذه المجموعة مئات الادوات في العديد من الاختصاصات نذكر منها جراحة العيون والاذن والاسنان والعظام والحلق والتوليد وامراض النساء والاورام السرطانية والتقويم والتجميل والجمجمة, وهذه الاختصاصات كانت متطورة على مدى تاريخ الطب العربي. وتعتبر هذه الترسانة الاكبر والاكثر شمولية في العالم, وهذه الادوات تدلل على مكانة الطب العربي من التاريخ وهي على شكلها تقريبا تستخدم في المستشفيات العصرية بعد تطوير معادنها وتعديل اشكالها. وفي المعرض ايضا مهاريس من النحاس والرخام والخشب كانت تستخدم لدق الادوية وسحقها وخلطها. وهي مهاريس تختلف في احجامها واشكالها وجودة صنعها بحسب اختلاف العصور والمصادر. والمعروف ان اغلب الادوية التي كانت تستعمل هي حشائش وحبوب وعروق وعيدان وازهار تستحضر بالسحق او التقطير او الطبخ لتفرز مراهم وزيوتا وعجينا وشرابا مقطرا تصلح جميعها كأدوية حسب الحالة والاستخدام. ويحكي هذا المعرض - من خلال هذه الادوات - قصة تطور العلم الطبية والتكنولوجيا العربية في مجال الاستشفاء والجراحة وان لم يبرز المعرض ذلك صراحة فان المتمعن يدرك كيف تناسخت هذه الادوات وتطورت وتوالدت بحسب خبرة الاطباء واكتشافاتهم وحاجة الناس الى العلاج وبحسب تطور الامراض وتعددها او تعدد طرق علاجها. وقد بلغت الى حد اختراع (الابرة) التي تحقن الدواء الى داخل الجسم, ويرجح ان يكون ابو القاسم الزهراوي هو مخترعها. ومن هذه الادوات ما يصلح حتى لاستخراج جنين ميت من رحم امه وحصى من المجاري البولية او لاستئصال سرطان خبيث ولحز جمجمة الرأس او قطع شريان في سمك شعرة او اقل. وقد زاد هذه الادوات اهمية اعتماد الجراحين على التبنيج والتخدير مما يسهل اجراء العملية ويدفع الى مزيد من المغامرة في اطراف الجسم الاكثر دقة ولزاجة وايلاما. وعن هذا الجهد المبذول للتعريف لحضارتنا العربية الاسلامية وبالتحديد في المجال الطبي يقول الدكتور احمد ذياب: الانسان العربي لم يساهم في صنع التاريخ فحسب, بل هو ترك اثرا ملموسا مصورا ومخطوطا لمساهمته هذه, انه ادرك منذ اكثر من الف سنة ان عليه ان يصنع, ان يتميز عن سائر المخلوقات بالحرفة وتشكيل الفكرة وتوظيفها في اطار تكنولوجي متكامل, وقد كان للطب مكانته وقد لخص هارون الرشيد ذلك حين قال : الله مسؤول عن هذه الارض وانا عن امتي وبختيشوع عن صحتها, وبختيشوع هو طبيب اشتهر آنذاك وحاز صدارة في البلاط. وقد بادرت بجرد الاف المؤلفات والمخطوطات لاجمع ما يتعلق بأدوات الجراحة وغامرت باعادة بعثها من جديد - مع ما كلف ذلك من وقت وجهد - حتى اثبت للعالم ان تونس كانت في المقدمة وما علينا اليوم الا ان نتعظ ونكون من جديد اهلا للقرن الحادي والعشرين. وقد تحفزت لهذا التوجه من منطلق اختصاصي وساهمت في انجاز العديد من الاطروحات الطبية باللغة العربية, ونحن نعيش في تونس هذا العام تجربة تدريس تاريخ الطب في الجامعة. ويجدر بي ان الاحظ ان احتكاك تونس بالغرب في الميدان العلمي والطبي ايجابي لكن التفتح والتسامح هما المدخل الحقيقي لتطورنا مع الاخرين وعدم اكتفائنا بمسايرتهم والاخذ عنهم. ولو عدنا الى ماضينا لوجدنا فيه ما يغنينا عن الانسلاب . فالطب نشأ عربيا وترعرع عربيا ونحن قادرون على الوقوف من جديد وعلى بناء صرح النجاح والتقدم بايدينا وعقولنا. والدكتور احمد ذياب هو استاذ دكتور مختص في الجراحة المجهرية والاصابات الرياضية والعمود الفقري. درس بالجامعة التونسية ثم تفرغ للنشاط الطبي بالقطاع الخاص وللتأليف والبحث. من اعماله (ادوات الحضارة) و (الانسان والاداة) و (آلام الظهر) و (المعجم الطبي) فرنسي عربي و (تعريب العلوم) و (علم التشريح) و (المعجم النفيس) بالاشتراك مع سليم عمار وانور الجراية. وقد نشرت هذه الاعمال بين سنتي 1986 و 1994. تونس - أوس داود يعقوب

Email