الجدل حول استنساخ البشر يتزايد: إمكانية فتح خطوط إنتاج نسخ بشرية لأشخاص أحياء ليست سهلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

استنساخ البشر مسألة تثير اوهام واهواء العلماء عن تصميم الاطفال بمواصفات معينة وفتح خطوط انتاج نسخ بشرية لاشخاص موجودين . واقترب وهم تحقق مثل هذا العالم الجريء الجديد لبشر بمواصفات جينية معينة خطوة الى الامام في مارس الماضي باعلان نجاح علماء باسكوتلندا في استنساخ نعجة, وجاء رد فعل زعماء العالم على ذلك قويا وفوريا باقتراح حظر قانوي على اجراء تجارب مماثلة على البشر في حين عرضت الدوائر الطبية الاراء الخاصة في هذا الامر. والآن جدد عالم من شيكاغو المناقشات عما اذا كان سيسمح باجراء هذه التجارب باعلانه هذا الاسبوع انه يرغب في فتح عيادة لاستنساخ اطفال للازواج المحرومين من الانجاب, ويقول ريتشارد سيد الذي يجري تجارب على تكنولوجيا الخصوبة منذ اعوام انه يرغب في استنساخ 500 طفل في العام. وشجب خبراء في هذا المجال الفكرة وقالوا انه ليس من السهل تحقيقها على اي حال, وتظل دوللي النعجة التي بدأ استيلادها عام 1996 عن طريق زرع بويضة في خلية بالغة هي المثال الحي الوحيد على الاستنساخ في الثدييات. وقال الدكتور جيمي جريفو مدير وحدة قسم الغدد الصماء بجامعة نيويورك (انه امر قابل للتحقق, لكن ثمة مشكلات عديدة يتعين مواجهتها, ولم نصل الى هذا المستوي بعد فيجب الا نجرب الان) . ولا يعد سيد فقط باستنساخ طفل يكون ابنا وتوأما لابيه بل يلوح كذلك بامكانية الخلود, فقال لمحطة اذاعة سي بي اس (هذا الموضوع العام سيؤدي بشكل حتمي الى اطالة العمر, لاول مرة يمكنني اقتراح عملية جادة لاطالة حياة البشر) . ولكن خبراء آخرين قالوا ان الخطورة تكمن بان عكس ذلك هو الذي قد يحدث فمن المخاطر ان الخلية المستنسخة قد تكون تعرضت لاشعة الشمس او اي اشعاعات اخري من شانها احداث طفرات جينية في الخلية. فالمادة الوراثية في النواة والحمض النووي في الاجسام السبحية (الميتوكوندريا) الذي يحمل الشفرة الوراثية الموجود في الجزء الرئيسي من جسم البويضة قد يكون متقدما في العمر, ويعتقد العلماء ان انتقال الحمض النووي دون تغيير من الام الى الطفل قد يؤثر على عملية التقدم في العمر. وقال لورد روبرت وينستون رائد تكنولوجيا اطفال الانابيب (اعتقد ان هناك دائما خطورة احتمال ان تكون الخلية المستخدمة تحتوي على حمض نووي متقدم في العمر) , واضاف (اكره ان يكون لي طفل مستنسخ لانني اعتقد ان عملية التقدم في العمر ستتم بسرعة جدا لديه) . واشار جريفو الى ان اساليب علاج الخصوبة افضل وقال ان اساليب العلاج مثل التلقيح خارج الجسم لانتاج طفل انابيب وحقن الحيوان المنوي في البويضة كلها ذات طبيعة تنطوي على التغيير. ويري خبراء اخرون ان تجارب الاستنساخ قد تكون بالغة الخطورة, فقد قام علماء معهد روزلين الذين انتجوا النعجة دوللي بتجارب بلغ عددها 277 تجربة للحصول على نعجة في حالة صحية طيبة. وتساءل ديفيد ستيفنز المدير الاداري في الهيئة الطبية المسيحية (هل نحن فعلا مستعدون للتضحية بمئات الاجنة في تجارب استنساخ البشر من اجل الحصول على طفل قد يعاني من عواقب مأساوية) . واضاف(استنساخ البشر سيكون اصعب بكثير بسبب الاختلافات بين اساليب انقسام الخلية البشرية وخلية الاغنام, ونتيجة لذلك فمن المتوقع حدوث المزيد من الوفيات والعيوب التي تؤدي الى الوفاة خلال التجارب, كلنا نتعاطف مع الازواج المحرومين من الانجاب ولكن هل يستحق الامر ان ندفع ثمنه من حياة البشر ومعاناة التوصل الى طفل معملي) . وقال انه حتي اذا حدث ذلك فالطفل الناتج عن التجارب قد لا يكون في صحة جيدة (اعتقد انه مع كل هذه التدخلات الجينية هناك دوما احتمالات حدوث عيوب جينية) . والعلماء الذين انتجوا دوللي لم يكن هدفهم مجرد الاستنساخ بل يقولون انهم انتجوا كذلك بوللي واخوته وهي اغنام ليست مستنسخة فحسب بل اجريت لها عمليات تحكم جيني اذ تحمل الجين البشري الذي يؤدي الى تجلط الدم ويستخدم في علاج حالات الرعاف. وبوللي لم يستنسخ من خلية بالغة بل من خلية جنينية وهي تكنولوجيا اسهل, ولكن الخلية البالغة يمكن كذلك التحكم فيها جينيا. ولكن هل يمكن ان يؤدي استخدام الهندسة الوراثية لخلق مصممي اطفال. ويقول روجر بيدرسون من جامعة كاليفورنيا ان هذا امر بعيد للغاية (المبدأ الاساسي للدواء هو الا يحدث ضررا) . ويقول جريفو ان بعض اعضاء الهيئة الامريكية للطب الانجابي يرون ان عمليات الاستنساخ مقبولة وان الناس ستتقبل هذه التكنولوجيات الجديدة بمرور الوقت, لكن وينستون لايتوقع ان يتغير عدم ارتياح الناس لهذه التجارب. ويقول وينستون (كل ما يفعله العلماء في حقيقة الامر هو محاكاة الطبيعة, ولكن عمليات الاستنساخ بالطبع ليست محاكاة للطبيعة بل عمل شيء لا تصنعه الطبيعة) .

Email