"الملك الذهبي".. التسامح كنز لا ينفد في إكسبو 2020

ت + ت - الحجم الطبيعي

الكنوز ليست دائماً في باطن الأرض، ففي أغوار نفوس بشرية سامية العقول كبيرة الطاقات كنوز خلاقة حباها الله عز وجل بها، إنها كنوز الأخلاق والتسامح والكرم، والتي نراها في أبرز تجلياتها في قصة "منسا موسى" التي يستعرضها جناح جمهورية مالي الكائن في منطقة الفرص، في إكسبو 2020 دبي، ليوصلها للعالم من الإمارات أرض الحوار ومنارة التسامح والانفتاح على الآخر.

"منسا موسى" ملك مسلم عاش في القرن الرابع عشر الميلادي في دولة مالي، البلد الأفريقي البسيط، والذي يقع على حدود بلدين عربيين هما الجزائر جنوباً وموريتانيا شرقاً، وتعني كلمة "منسا" بلغة سكان مالي "ملك".

قدرت ثروة موسى بنحو 400 مليار دولار أمريكي، فيما أشار خبراء اقتصاديون إلى أنه من المستحيل تحديد ثروته في رقم، في إشارة إلى ثرائه الكبير.

فئة قليلة من الرجال برزوا في التاريخ ومنهم "الملك موسى" الذي يعد أغنى رجل في التاريخ، والذي يعد الإمبراطور العاشر لمملكة مالي القديمة، شهرته سبقته على طول الطريق في رحلته إلى الشرق الأوسط وأوروبا، والتي نشأت من رحلته السنوية إلى مكة قاصداً الحج، يرافقه 8 آلاف من رجال حاشيته و12 ألفاً من العبيد الذين كانوا يرتدون ثياباً من الحرير الفارسي، إضافة إلى 100 جمل يحمل كل منها نحو 300 رطل من الذهب، كان يوزعها في طريقه إلى الحج على فقراء الدول التي كان تمر قافلته الضخمة بها عبر الصحراء.

لم يكن الذهب كنز منسا موسى الوحيد في البلدان التي يمر بها خلال رحلته إلى الحج التي كانت تستغرق شهوراً، بل كان يوزع كنوزاً أخرى تتمثل في ثقافة الأخلاق وقيم المحبة والتسامح والسلام والإنسانية والتعايش مع الآخر، دون النظر إلى ألوانهم أو أديانهم أو معتقداتهم، وكلها كنوز لا تنفد ذخائرها، فضلاً عن تعزيز وتوطيد العلاقات الدبلوماسية مع هذه البلدان.

في سبيل ذلك كان يحرص "منسا موسى" الذي عرف باسم "الملك الذهبي"، على ترك أحد أفراد حاشيته في كل بلد يمر به ليضمن نقل هذه الثقافات إلى أهلها، إضافة إلى تبادل الخبرات وتطوير العلاقات مع البلدان بما يصب في مصلحة تنمية التعاون المشترك، وتنويع آفاقه في مختلف الجوانب.

ولهذا السبب اختارت مالي إنشاء جناحها في منطقة الفرص بإكسبو 2020 دبي، لإيصال رسالة إلى العالم بأن التسامح قيمة إنسانية تجلت في منسا موسى، وتستمر على أرض الإمارات التي أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على التسامح المستمد من تجليات الإسلام في علاقته بالآخر وتفاعله معه.

وذكرت مراجع تاريخية أن موسى ولد عام 1280 ميلادية في عائلة من الحكام، وتوفي عام 1337، وفي عهده ملكت إمبراطورية مالي ما يقرب من نصف الذهب في العالم القديم، الذي كان مهووسا بالمحيط الأطلنطي، ولذلك شرع في رحلة استكشافية مع أسطول من 2000 سفينة وآلاف الرجال والنساء.

 

Email