قارة واحدة.. اقتصاد واحد.. مسار نهضة الاتحاد الأفريقي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمتلك قارة أفريقيا إمكانيات هائلة ومتنوعة، تعمل على الاستثمار فيها وتطويرها لبناء نهضة اقتصادية شاملة، تسهم في تحسين حياة شعوبها، وتدرك أغلب دول القارة أن هذه الغاية لا يمكن أن تحققها أي دولة بمفردها، لذلك كان لا بد من وضع استراتيجيات طويلة المدى في مختلف المجالات، وإطلاق مشاريع مشتركة تساعد حكومات هذه الدول على تحقيق الرخاء والرفاهية لشعوبها، لذلك أطلق الاتحاد الأفريقي العديد من المشاريع والمبادرات التي تحقق التكامل في قطاعات الصحة والتعليم والزراعة والصناعة والتجارة والنقل ضمن تحرك جماعي يوصف بـ«قارة واحدة - اقتصاد واحد»، وهو ما يفتخر به جناح الاتحاد الأفريقي في إكسبو 2020 دبي.

تسريع التحول

وبحسب معلومات يعرضها جناح الاتحاد الأفريقي في إكسبو دبي «ينظر الاتحاد الأفريقي إلى تطوير استراتيجية السلع الأساسية القارية على أنه المفتاح الرئيسي لتمكين البلدان الأفريقية من إضافة قيمة معينة لسلعها، واستخراج ربح أعلى من هذه السلع والاندماج في سلاسل القيمة العالمية وتعزيز التنويع الرأسي والأفقي المرتكز على القيمة المضافة وتطوير المحتوى المحلي، كما تهدف إلى تحويل أفريقيا من مجرد مورد للموارد الخام لبقية بلدان العالم إلى قارة تستخدم مواردها الخاصة بشكل نشط ومستدام لضمان التنمية الاقتصادية للشعب الأفريقي».

ويحمل المنتدى الاقتصادي الأفريقي السنوي على عاتقه طموح الدول الأفريقية، والذي يجتمع فيه عدد من مالكي الأسهم وواضعي السياسات في أفريقيا والقطاع الخاص والأكاديميين والمجتمع المدني للنظر في كيفية تسريع التحول الاقتصادي من خلال الاستفادة من موارد أفريقيا الهائلة بهدف تعزيز تنمية الشعوب الأفريقية، ويناقش المنتدى الفرص الرئيسية بالإضافة إلى القيود التي تعيق التنمية الاقتصادية ويقترح التدابير الواجب اتخاذها لتحقيق تطلعات وأهداف أجندة 2063.

سوق عالمية

ووفق جناح الاتحاد الأفريقي «تعتبر منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية أحد المشاريع التكاملية، إذ تعد أكبر منطقة تجارة حرة في العالم من خلال سوقها الذي يبلغ 1.2 مليار شخص بناتج محلي إجمالي يبلغ حوالي 3 تريليونات دولار عبر 55 دولة عضوة، وتهدف منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية إلى تسريع التجارة بين البلدان الأفريقية وتعزيز مكانة أفريقيا التجارية في السوق العالمية من خلال تعزيز الصوت المشترك لأفريقيا في مجال السياسة وفي مفاوضات التجارة العالم، ويقع مقر أمانة منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية في عاصمة غانا، أكرا».

وفي السياق ذاته تحتل التنمية الصناعية مكانة محورية في النمو الاقتصادي المستدام والشامل في البلدان الأفريقية، ويمكن للصناعة أن تعزز الإنتاجية وتزيد من قدرات القوى العاملة وتخلق فرص العمل، من خلال إدخال معدات وتقنيات جديدة، وسوف تنتج عملية التصنيع التي ترتبط بالاقتصادات المحلية للبلدان الأفريقية تحقيق معدلات نمو عالية وتنويع اقتصاداتها وتقليل تعرضها للهزات الخارجية، وسوف يسهم في القضاء على الفقر من خلال توظيف العمالة وخلق الثروات، وتشمل أطر التصنيع الأفريقية تسريع التنمية الصناعية لأفريقيا، ورؤية التعدين لأفريقيا واستراتيجية الشركات الصغيرة والمتوسطة واستراتيجية تعزيز التجارة بين البلدان الأفريقية لدعم التحول الهيكلي في أفريقيا.

تعزيز التكامل

وتؤدي المؤسسات المالية الأفريقية عملاً دؤوباً من خلال تسريع التكامل والتنمية الاجتماعية والاقتصادية للقارة عبر إنشاء منظمات تلعب دوراً محورياً في تعبئة الموارد وإدارة القطاع المالي الأفريقي، والمؤسسات المالية المتوقع منها أن تعمل لتعزيز التكامل الاقتصادي كبنك الاستثمار الأفريقي وبورصة عموم أفريقيا وصندوق النقد الأفريقي والبنك المركزي الأفريقي.

كما تعمل أفريقيا على تعميم جواز السفر الأفريقي الذي يهدف إلى إزالة القيود المفروضة على قدرة الأفارقة على السفر والعمل والعيش داخل قارتهم بالإضافة إلى تغير قوانين أفريقيا التي تظل بشكل عام مفيدة لحركة الأفراد على الرغم من الالتزامات السياسية بإسقاط الحدود وتشجيع إصدار التأشيرات لتعزيز حرية التنقل لجميع المواطنين الأفارقة في جميع البلدان الأفريقية.

والتزاماً بوضع المواطنين الأفارقة على رأس جدول أعمال التنمية القارية أشرك الاتحاد الأفريقي منظمات المجتمع المدني في العديد من المشاريع، كما كلف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بقيادة عملية تطوير إطار اعتماد منسق، وفتح المركز الاستشاري لجميع منظمات المجتمع المدني الراغبة في إشراك مؤسسات الاتحاد الأفريقي، ولا شك في أن كل مشاركة مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني تضعها وجهاً لوجه مما تزخر به أفريقيا من ابتكارات وكوادر بشرية متميزة ومؤهلة بقيمها الأخلاقية، من خلال التعاون مع المنظمات الدينية، حيث تم تنظيم يوم الصلاة الأفريقية خلال تفشي جائحة (كوفيد19) لرفع الروح المعنوية ومحاربة المعلومات المضللة وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي.

جهات فاعلة

كما عملت دول القارة الأفريقية على إدراج الجهات الفاعلة غير الحكومية في صميم عملية التحول من منظمات الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي لضمان اتحاد «محوره الشعوب» من خلال مشاركة المواطنين الأفارقة داخل وخارج القارة «الشتات الأفريقي والمتحدرين من أصل أفريقي» من أجل تنظيم أنشطتهم في سياسيات وخطط الاتحاد الأفريقي، ويعرف الاتحاد الأفريقي الشتات بأنه الأشخاص من ذوي الأصول الأفريقية الذين يعيشون خارج القارة والذين بغض النظر عن مواطنتهم وجنسيتهم على استعداد للمساهمة في تنمية القارة وبناء الاتحاد الأفريقي، ويحدد التعريف كذلك أطفال أفريقيا بأنهم عابرون للحدود وأغنياء وأقوياء ومتفردون.

وتعمل دول القارة الأفريقية على إنشاء الموسوعة الأفريقية والتي تهدف إلى توفير مصدر موثوق للتاريخ الحقيقي لأفريقيا والحياة الأفريقية، وهي تتيح للأفارقة مجموعة من الحقائق لتوجيههم وتوحيدهم في تنميتهم وتقوم على أسس راسخة تمس جميع جوانب الحياة الأفريقية، ويشمل ذلك التاريخ والقانون والاقتصاد والدين والعمارة والتعليم وأنظمة وممارسات المجتمعات الأفريقية، كما أن هذه الموسوعة تسلط الضوء على الشعوب والثقافة والأدب والتاريخ في أفريقيا.

حياة الأرض

وفي التكامل في مجال التعليم أطلقت الجامعة الأفريقية أول جامعة أنشأها الاتحاد الأفريقي، وهي تقدم تعليماً متطوراً للخريجين وبحوثاً عليا مع دراسات ترتكز على استراتيجية العلوم والتكنولوجيا والابتكار لأفريقيا، وتركز الجامعة على خمسة مجالات وهي العلوم السياسية والتكنولوجيا والابتكار، وكذلك علوم الحياة والأرض بما ذلك الصحة والزراعة والحوكمة، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، وطاقة المياه وعلومها بما في ذلك تغير المناخ وعلوم الفضاء.

وإلى جانب ذلك أطلقت القارة السمراء الجامعة الافتراضية والإلكترونية في أفريقيا، وتهدف من خلالها إلى استخدام البرامج القائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتأمين وزيادة اتصال الجميع بالتعليم العالي والتعليم المستمر في أفريقيا، وذلك من خلال الوصول إلى أعداد كبيرة من الطلاب والمهنيين في مواقع متعددة في وقت واحد، كما يهدف إلى تطوير المصادر التعليمية ذات الجودة العالية المتوفرة عن بعد بالإضافة إلى تطوير التعليم الإلكتروني لتأمين وصول الطلاب بشكل مضمون إلى الجامعة من أي مكان في العالم وفي أي وقت على مدار الساعة.

تكنولوجيا المعلومات

وتولي استراتيجية التعليم القاري للاتحاد الأفريقي لأفريقيا الأهمية لتنمية الموارد البشرية وبناء القدرات من خلال الاستفادة من إمكانيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين الجودة وإدارة أنظمة التعليم والتدريب وتعزيز مهنة التدريس لضمان الجودة الملائمة وتوسيع فرص التعليم والتدريب التقني والمهني وتحسين البنية التحتية للتعليم وتسريع العمليات التي تؤدي إلى المساواة والعدل بين الجنسين وتعزيز السلام ومنع النزاعات وحلها على جميع مستويات التعليم وتنشيط وتوسيع التعليم العالي والبحث والابتكار لمواجهة التحديات القارية وتعزيز القدرة التنافسية العالمية.

وإلى جانب ذلك عملت القارة الأفريقية على تدشين المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، حيث تعد هذه المراكز وكالة للصحة القارية في أفريقيا، وهي تشرف على الاستجابة لحالات الطوارئ الصحية العامة وغيرها من التحديات الصحية المعقدة، بالإضافة إلى إجراءات البحوث الحيوية وتعزيزها، فضلاً عن قدرات مؤسسات الصحة العامة في أفريقيا وقدراتها في الكشف والاستجابة بسرعة وفاعلية لتهديدات الأمراض وتفشيها استناداً إلى العلوم السياسية والتدخلات والبرامج القائمة على البيانات في قطاع الصحة العامة، وقد أسس المركز في يناير عام 2016 وتم إطلاقه رسمياً بعد عام، ولعب دوراً حيوياً في استجابة القارة في مكافحة الإيبولا و(كوفيد19) في القارة الأفريقية.

وفي مجال الفضاء أطلقت أفريقيا استراتيجية الفضاء الخارجي لأفريقيا، بهدف تعزيز استخدام الفضاء الخارجي في أغراض التنمية والتطوير فيها، حيث يحظى الفضاء الخارجي بأهمية كبيرة في تطوير التنمية في القارة الأفريقية في جميع المجالات ومنها الزراعة وإدارة الكوارث والاستشعار عن بعد والتنبؤات المناخية والخدمات المصرفية والمالية والدفاع والأمن، ولم يعد حصول أفريقيا على منتجات تكنولوجيا الفضاء مجرد مسألة ترف، بل هناك حاجة ماسة إلى تسريع الحصول على هذه التقنيات والمنتجات.

النقل الجوي

كما تعمل قارة أفريقيا على بناء سوق نقل جوي موحد يهدف إلى ضمان الاتصال الإقليمي بين عواصم القارة الأفريقية وإنشاء سوق نقل جوي موحد، وذلك بهدف تشكيل قوة دافعة للتكامل الاقتصادي وأجندة التنمية، ويوفر سوق النقل الجوي التحرير الكامل لخدمات النقل الجوي بين البلدان الأفريقية من خلال إزالة القيود المفروضة على الملكية ودعم التحرير الكامل للتجارة والتعريفات الجمركية والطاقة الاستيعابية، كما تعمل القارة السمراء على مواءمة الكهرباء عبر برنامج تنسيق الإطار التنظيمي لسوق الكهرباء في أفريقيا لتحقيق سوق كهرباء متكامل وتنافسي ومتناسق لتسريع تنمية أفريقيا وتحسين وصول الطاقة للمواطنين الأفارقة.

وإلى جانب ذلك تعمل على إنشاء شبكة سكك حديدية متكاملة للقطارات عالية السرعة، حيث تستهدف ربط جميع العواصم والمراكز التجارية والأفريقية من خلال شبكة سكك حديدية للقطارات فائقة السرعة، وبالتالي تسهيل حركة البضائع والخدمات والأشخاص، وتهدف زيادة الاتصال بالسكك الحديدية أيضاً إلى تقليل تكاليف النقل وتخفيف مشاكل الازدحام في الأنظمة الحالية والمستقبلية.

Email