الطبيعة.. المُعلِّم الأول

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يقال إن الطبيعة هي أمنا الأولى، وهي أيضاً المُعلِّم الأول، ومنذ بزوغ التاريخ مرت على الأرض حضارات كثيرة، بعضها أصبح مقتصراً على كتب التاريخ، وأخرى لا تزال آثارها بادية للعين، تركت لنا معرفتها قبل أن تمضي في طريقها، تلك المعارف لم تظل حبيسة الفكرة الأولى وإنما شهدت تطوراً وقفزات ملموسة، كانت كفيلة بأن تحدث ثورات علمية عدة في عالمنا، الذي أضحى اليوم بمثابة قرية صغيرة، التواصل فيما بينها لا يكاد يتجاوز «كبسة زر»، وها نحن اليوم نشهد تطوراً لافتاً في مواقع التواصل الاجتماعي، التي قلّصت فجوة التباعد بين الناس.

عملية التعليم ومنذ أن بدأ الخلق، لم تنفصل عن الطبيعة، فعلى مدار التاريخ اكتسب الإنسان العلوم والمعارف من خلال وجوده في الطبيعة، وتفاعله معها، لذا فعند حضور الطفل لـ «حصص» في محيط طبيعي، يحصل على أفضل تركيز، ويصبح أكثر استيعاباً للمعلومة والمعرفة، وهو ما ينعكس إيجاباً على صحته، تلك القاعدة يؤكدها معرض إكسبو 2020 دبي، من خلال جناح الاستدامة «تيرا»، الذي أفرد فيه مساحة خاصة عرض فيها نماذج عدة تبرز هذا الجانب وحملّها عنوان «التعلم من الطبيعة»، ليستعرض من خلالها كيف يمكن للإنسان أن يتعلم من الطبيعة، وكيف أثرت الطبيعة فينا نحن كبشر.

قفزات نوعية

كيف لنا أن نقيس قيمة التعليم بطريقة مغايرة؟ وكيف نغير نظرتنا للتعليم من كونه مجرد سلعة نتملكها إلى كونه مورداً اجتماعياً؟ سؤالان ثقيلان يطرحهما معرض إكسبو 2020 دبي في هذه المساحة، التي تثير الشغف نحو الطرق التي تمكن المجتمعات من تحسين قدرتها على تسخير وتقاسم ما لديها من معارف ومهارات وموارد، إيماناً بأن التعليم لعب دوراً منذ القدم وحتى الآن في تغيير العالم، وساهم في تطوره وتمكينه من تحقيق قفزات نوعية لا تزال آثارها حاضرة على الأرض.

عملية التعليم برمتها أصبحت مختلفة، فرغم ارتفاع تكاليف التعليم، إلا أن الفصول الدراسية بمفهومها التقليدي قد لا تبدو المكان الأمثل للتعلم والتفكير والإبداع، وهو ما أفضى إلى سلوك العالم طريق التعليم الرقمي، والذي بدا أشبه بأبواب جديدة تفتح أمام الناس أجمعين للحصول على فرص جديدة.

التعليم الرقمي أصبح متاحاً أمام كل فرد لديه اتصال بالإنترنت، والتي تمكنه من الوصول إلى حصيلة عالية من المعلومات والمعرفة والأفكار والخبرات وكذلك المؤهلات. سلوك التعليم الرقمي ساهم كثيراً في تقوية عود المعرفة لدى الناس، كما فتح عيونهم على الآثار المترتبة على البيئة والانتهاكات التي تتعرض لها، وهو ما أدى إلى تشجيع البعض على إطلاق حملات توعية لها طابع عالمي، ومشاريع تهدف إلى التحفيز على حماية البيئة والتقليل من الانبعاثات والبصمة الكربونية والتلوث البيئي واستهلاك البلاستيك وغيرها.

استكشاف الفضاء

مساحة «التعلم من الطبيعة» تكشف أمام العيون بعض الأفكار التي تم ابتكارها من أجل تعزيز حب الأرض والطبيعة، كما مشروع «هيه آوَا هووا» (عالم جديد) وهو عبارة عن لعبة فيديو، ابتكرها مجموعة مراهقين من جزر هاواي، واستخدموا فيها إحدى اللغات الأصلية لجزرهم، وتقوم فكرة اللعبة على استكشاف الفضاء والمجرات، ولكن من منظور مبدأ «آلوها آيينا»، الذي يشكل جزءاً من الثقافة المحلية السائدة هناك، وهو يتمحور حول محبة الأرض وضرورة الاعتناء بها، لم يكن هذا المشروع هو الوحيد الذي يدعم الارتباط بالطبيعة ويستقي المعلومة منها، وإنما تم ابتكار أساليب جديدة للتعاملات والتي بدت أشبه بمبادرات من الناس إلى الناس، كما في مبدأ «نظير إلى نظير» (Peer to Peer)، والذي يشجع أبناء المجتمع الواحد على تقاسم الموارد، وعملية الاستفادة منها وتحمل أعبائها أيضاً، وهو ما يساهم في المحافظة على الطبيعة الأم وما تمتلكه من موارد عدة.

Email