الحِرف التونسية.. هوية واقتصاد

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يشكل فضاء «السوق» أحد المكونات الأساسية لجناح تونس في «إكسبو 2020 دبي»، الذي خصص لعرض ابتكارات ومنتجات الصناعات التقليدية التي تشتهر بها تونس؛ أرض الحضارات وملتقى الثقافات.

تحظى الصناعات التقليدية بمكانة متميزة في تونس لإبرازها الهوية التونسية ولدورها الاقتصادي الكبير، حيث تشغّل 350 ألف شخص بطريقة مباشرة وغير مباشرة (حرفيين وتجار)، ما يعادل 11% من فرص العمل سنوياً، وتشكّل 2% من مجموع الصادرات، كما تلعب دوراً بارزاً في تنمية القطاع السياحي، لذا منحت تونس أهمية بالغة لهذا القطاع وأطلقت العديد من المبادرات للحفاظ عليه، من بينها إنشاء القرى الحرفية في جميع المحافظات التونسية لدعم الحرفيين ومساعدتهم على ترويج منتجاتهم.

وأوضحت ريم المرنيسي نائب مدير بالديوان الوطني للصناعات التقليدية في تونس أن فضاء «السوق» يعرض أكثر من 4000 قطعة من الصناعات التقليدية والحرفية التي تشتهر بها في تونس، مشيرة إلى أن «السوق» يحظى باهتمام كبير من قبل زوار «إكسبو 2020» نظراً للسمعة الجيدة التي تتمتع بها الصناعات التقليدية التونسية في العالم، وهو ما يترجمه الإقبال الواسع عليها من قبل السياح أثناء زيارتهم لتونس وكذلك الطلب الكبير عليها من زوار المعرض، وأضافت: تتميز الصناعات التقليدية بالجودة، وهي تبرز جانباً من الهوية الوطنية، ومن خلالها نحاول الترويج لصورة تونس أرض الحضارات وملتقى الثقافات.

هوية وتراث

وتابعت المرسيني: الصناعات التقليدية ليست مجرد منتج بل تسرد مجموعة من القصص المرتبطة بتراث وهوية تونس، مثل شجرة الزيتون المصنعة يدوياً من العنبر والفضة، لها دلالة على مكانة شجرة الزيتون في تونس ولدى كل الحضارات التي تعاقبت عليها، والآن نحن نحتل المراكز الأولى على مستوى إنتاج زيت الزيتون في العالم. وأشارت المرسيني إلى أن بعض الأزياء التونسية المستوحاة من التراث تشهد تطويرات عديدة لجعلها مواكبة للعصر ومتطلبات الاستخدام اليومي، وإثراء الحاضر عبر استلهام الماضي وأن هذه اللمسات المعاصرة تزيد من الإقبال على اللباس التقليدي.

وأكدت أن «إكسبو 2020 دبي» فرصة ثمينة للترويج للصناعات التقليدية التونسية ومزيد التعريف بها لدى زوار المعرض من مختلف الجنسيات حول العالم.

دعم القطاع الحرفي

وذكر سمير الأخوة، وهو مدير بالديوان الوطني للصناعات التقليدية في تونس، أن أهمية هذا القطاع تبرز من خلال عدد العاملين به بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث يزيد عددهم على أكثر من 350 ألف شخص سواء من الحرفيين أو التجار أو غيرهم، وقال: تبذل تونس جهوداً كبيرة من أجل الحفاظ على الصناعات التقليدية، ويشرف الديوان التونسي للصناعات التقليدية على تنفيذ سياسة الحكومة في هذا الإطار، لقد قمنا بإنشاء القرى الحرفية لدعم الحرفيين ومساعدتهم على ترويج منتجاتهم، وتم إدراجها ضمن المسالك السياحية في تونس، كما تتيح هذه القرى الفرصة للشباب لتعلم حرف مختلفة والحفاظ على الصناعات التقليدية.

ولفت إلى أن هناك علاقة قوية وتكاملية بين قطاعي الصناعات التقليدية والسياحة، حيث يحرص أغلب السياح على اقتناء تحف تذكارية أو اللباس التقليدي التونسي، مشيراً إلى أن السياحة لعبت دوراً مهماً في تنمية القطاع وحمايته من الاندثار.

الشاشية

ويستعرض فضاء «السوق» أنواعاً عديدة من الصناعات التقليدية والحرف التونسية مثل «الشاشية» وهي أحد أنواع القبعات الرجالية التي تلقى رواجاً في العديد من الدول العربية والإسلامية بألوانٍ مختلفة تعتمد على كل بلد؛ إذ يرتديها التونسيون باللون الأحمر أو القرمزي فتضفي على المظهر الخارجي بهجة وأناقة، وتمكن الحرفي التونسي من ابتكار شاشيات خاصة بالمرأة ذات إضافات جميلة.

ويعود اسم الشاشية إلى كلمة «شاش» وهو الاسم القديم لـ«طشقند» في أوزبكستان، وظهرت هذه الصناعة مع هجرة الأندلسيين إلى تونس عقب سقوط غرناطة عام 1492. وتعتبر صناعة الشاشية من الفنون الراقية التي تخضع لعادات صارمة؛ إذ يجب على كل من يود احترافها الخضوع لاختبار تُقرّه لجنة مختصة.

وتُصدّر حوالي 80 % من الشواشي التي تنتجها الورش الحرفية التونسية إلى ليبيا والجزائر والمغرب والسودان ونيجيريا وعدد من بلدان الشرق الأوسط وآسيا.

السجاد

تشتهر تونس بصناعة السجاد الذي يمتاز باعتماده على الألوان الطبيعية بعيداً عن استخدام الأصباغ، ويحافظ حرفيو هذه الحرفة على إنتاج السجاد بأساليب يدوية.

ويستخدم السجاد كبساط أرضي أو كزينة حائطية، وتعود صناعته إلى عصور قديمة، أثرت فيها مختلف حضارات التي تعاقبت على تونس تأثيراً مباشراً على مستوى الأشكال والزركشة والزينة، ويتم إنتاج السجاد في العديد من المدن التونسية وأبرزها مدينة القيروان. ويُعرف التونسيون ببراعتهم في التعامل مع الصوف، الذي يُصنع منه السجّاد، من حيث تنظيفه وتجفيفه وغزله قبل تحويله إلى خيوط تَصل إلى أيدي نساء تونس اللاتي يقمن بإنتاج السجاد في مشاغل صغيرة حافظت على الطرق التقليدية في حياكة السجاد، أو في بيوتهن. وبعد انتهاء مراحل تصنيع السجّاد، يخضع إلى مراقبة من لجنة خاصة تضع ختماً خاصاً يوضّح نوعية المواد المُستخدمة في التصنيع، وهذا الختم هو بمثابة ضمان لجودة المنتج، وتأخذ السجادة عادةً شكل المستطيل، وتُرسم عليها أشكال هندسية مختلفة تعود إلى التراث التونسي.

البرنس

البرنُس هو لباس رجالي وهو عبارة عن معطف طويل من الصوف يضم غطاء رأس مدبباً وليس به أكمام، ويعد البرنس من الملابس التقليدية التي يولع بها التونسي كثيراً ويحرص دوماً على أن يمتلك منه واحداً فأكثر. البرنس لباس متسع يشمل كامل البدن ويغطي الرأس عند الحاجة، مشقوق من الأمام على الطول ويلبس فوق بقية الملابس وعادة ما يلقى على الكتفين ويعرف أكثر في الجنوب. ويصنع البرنس عادة من الصوف ولكنه في الجنوب التونسي قد يصنع من الصوف ووبر النوق.

Email