على مدار ثلاثة أيام متواصلة، استضاف «إكسبو 2020 دبي» مجموعة من الحلقات النقاشية المثمرة تحت عنوان «مستقبل التعليم للجميع... تكنولوجيا التعليم والمساواة في التعلم»، والتي ناقشت مجموعة متنوعة من الموضوعات أبرزها «تعليم البنات»، و«منتدى المعرفة والتعلم للأعمال»، و«مهارات المستقبل وخلق فرص شاملة للفتيات الأفريقيات»، وذلك بحضور نخبة من السياسيين وأصحاب القرار والخبراء وأساتذة الجامعات وممثلي المنظمات الدولية والمهتمين بقضايا تعليم الفتيات والأطفال من مختلف دول العالم.

وأكد المشاركون في الحلقات النقاشية أهمية المساواة في التعليم بين الذكور والإناث، وتذليل كافة العقبات التي تقف أمام تعليم البنات وتسهيل حصولهن على حقهن في التعليم في مختلف المراحل الدراسية والجامعية، بوصفهن حجر الأساس في تشكيل الأجيال المستقبلية وتنشئتها. وطالبوا الأجهزة المعنية والحكومات بضرورة الإسراع في وضع سياسات تشريعية تشجع على تعليم البنات، بما يضمن لهن فرصاً متكافئة مع الذكور.

وأشار الخبراء إلى أن جائحة «كورونا» تسببت في تسرب أعداد كبيرة من الطالبات من المدارس في دول نامية كثيرة، الأمر الذي تسبب في عدم إكمالهن مسيرتهن التعليمية، وإجبارهن على الزواج في سن مبكرة.

تغيير
وشددوا على الحاجة إلى إحداث تغييرات ثقافية في بعض المجتمعات، لا سيما النامية منها، لتغيير الصورة السلبية السائدة عن تعليم البنات، وتوعية الأسر بحقوق الفتيات المشروعة في الحصول على فرص تعليمية متكافئة مقارنة بالذكور.

وأشار الخبراء إلى أن ما يقدر بنحو 150 مليون طفل ويافع في أنحاء العالم ينشئون في ظروف قاسية من جراء الصراعات، والكوارث الطبيعية، والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية، لافتين إلى سهولة أن يقع هؤلاء الأطفال فريسة سهلة للجريمة والتطرف.

قال جاكايا كيكويتي، الرئيس السابق لجمهورية تنزانيا، رئيس مجلس إدارة غلوبال: «ثمة عوامل عدة أثرت سلباً في تعليم البنات، لا سيما في المجتمعات النامية، منها على سبيل المثال بُعد المدارس، بما يجعل أولياء الأمور يتخوفون من خروجهن بمفردهن، وثقافة بعض الأسر المستمدة من العادات والتقاليد المجتمعية، بالإضافة إلى ضعف المرافق التعليمية والصحية المخصصة للبنات».

وأكد على ضرورة مساواة البنات بالبنين في العملية التعليمية، مشيراً إلى أن الفتيات ليس مكانهن المطابخ، فهن بذكاء الذكور وسيبدعن في مجالاتهن لو منحن الفرصة.

تعليم إلزامي
ومن جانبه قال الدكتور كويوك أبو الكويوك، وكيل وزارة التعليم بدولة جنوب السودان: «يجب أن يكون تعليم البنات مجانياً وإلزامياً، كما تجب مساعدتهن في الحصول على الرعاية الصحية الكافية».

وأضاف: «اتخذت دولة جنوب السودان خطوات جادة بشأن هذه المعضلة، وبفضل السياسات التشريعية التي وضعتها بخصوص تعليم البنات، تمكنت خلال السنوات القليلة الماضية من تحقيق نجاحات كبرى في هذا السياق. حيث وصل عدد الإناث العاملات في الوظائف الحكومية إلى ما نسبته 35 في المئة، وأصبح ربع مجلس النواب من النساء أيضاً».

وقالت الدكتورة كومبو بولي باري، مديرة قطاع التربية في الإيسيسكو: «يجب أن يكون لدينا برامج محددة ومعروفة لتعليم الفتيات. فمنذ إعلان ميثاق حقوق الإنسان عام 1948 والجميع له الحق في الحياة والحصول على فرص كافية على صعيد التعليم والصحة وغيرهما».

وأضافت: «حسب الإحصائيات، لدينا ما يزيد على 11 مليون فتاة في العالم لا يذهبن إلى المدرسة بسبب جائحة كورونا، لذا علينا سن القوانين ووضع التشريعات المناسبة لتخطي مثل هذا التحدي».

مفاهيم عالقة
ومن جانبها، قالت إيمي محمود، سفيرة النوايا الحسنة لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين: «على الحكومات تغيير المفاهيم الثقافية العالقة حتى الآن لدى عدد كبير من الأسر في عالمنا، والتي لا تسمح للفتيات بأخذ حقهن في التعليم»، مشيرة إلى أن نجاح النساء عموماً نجاح للعالم ولا يسلب الرجل نجاحه أو حقاً من حقوقه.

الدكتور محمد فارسي، مستشار ثقافي أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، قال: «تنطلق كافة المجتمعات في العالم من مسلّمات قيمية وتاريخية في ما يتعلق بتعليم الفتيات. وإذا حاولنا تغيير هذه المسلّمات دون وجود تواصل حضاري وثقافي وديني، فإننا سنصطدم بلا شك مع هذه المجتمعات وسنصل إلى طريق مسدودة، لا سيما أن هذه المجتمعات ستشعر بوجود تهديد حقيقي لثقافتها المحلية وقيمها التي توارثتها على مدار السنين».

معاناة
بدوره، قال الدكتور ياو أوسي أدوتوم، وزير التعليم في غانا، إن قارة أفريقيا تعاني من عدم توفر التقنيات التعليمية في المدارس، وهذه المشكلة تؤرق الجميع، وتؤثر بالسلب على المخرجات التعليمية للذكور والإناث.

وفي السياق ذاته، استعرضت مجموعة من الناشطات التجارب التي مررن بها في بلادهن بسبب الحروب والصراعات، وأثرها على تعليم الفتيات. حيث تحدثت الناشطة أنوغيتا سيفاسكاران، من سريلانكا، عن تجربتها المريرة مع الحرب الأهلية في بلادها، التي دفعتها والمئات من زميلاتها إلى ترك المدرسة.