خبراء يناقشون تحديات المسكن العشوائي عالمياً

جانب من الفعالية حول المسكن العشوائي / من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

عقدت، أمس، بقاعة «نكزس» في إكسبو 2020 دبي، ندوة ناقشت «تحديات تنامي المسكن العشوائي» على المستوى الدولي، وسلطت الضوء على الحلول اللازمة لبناء أماكن عيش آمنة ومريحة ومستدامة، ولا سيما أن الدراسات تشير إلى أن 70% من سكان العالم سيعيشون في المناطق الحضرية بحلول عام 2050، كما سيزيد عدد سكان الأحياء الفقيرة نحو 3 مليارات شخص.

تناول المشاركون في الندوة موضوع تسارع وتيرة التوسع الحضري غير المنظم، والضغط غير المسبوق على البنية التحتية الحضرية، الأمر الذي قد يحد من القدرة على تقديم الخدمات الأساسية، ويجعل تلك التجمعات العشوائية عرضة لتفشي الأمراض.

وعرضت ميمونة محمد سومر، رئيسة مشروع ترقية الأحياء الفقيرة التابع للأمم المتحدة، خريطة طريق المشروع، وقالت: «إكسبو 2020 دبي نقطة انطلاق لخريطة الطريق، لأننا إن لم نفعل شيئاً لحل هذه المسألة فسنرى أنه بحلول عام 2050 سيعيش 70% من سكان الكوكب في المدن، بينما يسكن 3 مليارات شخص في الأحياء الفقيرة، أي ثلاثة أضعاف العدد في العام الحالي 2021».

وأضافت: «لقد كان فيروس كورونا بمقام ناقوس خطر لنا بشأن الأماكن العشوائية والأحياء الفقيرة غير المؤهلة، وإن الأشخاص الذين يعيشون في العشوائيات عرضة لعيش حياة أقصر، بسبب عدم وجود منازل آمنة لهم، كما أنهم سيكونون أقل قدرة على التكيف مع التغيرات».

وعقدت ميمونة محمد شريف، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة)، آمالاً على مبادرة «الميل الأخير»، ورأت أن جائحة كوفيد 19 كانت بمقام دعوة للاستيقاظ، مؤكدة أننا بحاجة إلى قطع الميل الأخير معاً واحتضان التغيير المنهجي في كل مكان.

وقالت: «قبل 20 عاماً، اتضح لنا أن ما يقرب من مليار شخص يعيشون في أحياء فقيرة، ومن المحتمل جداً أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بحلول عام 2050 في حال لم يتم اتخاذ أي إجراءات جدية اليوم».

وأضافت: «هناك 61 دولة حول العالم يعيش ما يزيد على 30٪ من سكانها في أحياء فقيرة. تكشف بحوث الأمم المتحدة عن الموائل، أن هذه المدن يوجد فيها واحد من ثلاثة أشخاص يعيشون في ظروف غير سليمة على الصعيد الصحي وأمور تتعلق بالسلامة».

ورأت أن مبادرة «الميل الأخير» عبارة عن رحلة لتحويل حالة عدم المساواة الإقصائية والفقر للوصول إلى وجهتنا المنشودة، وهي ترتبط، بشكل وثيق، بالسياسات والآليات الحكومية والأطر المالية، كما تتعلق بالاستراتيجية وآلية التنفيذ في سبيل الوصول إلى حل مناسب على الصعيد الثقافي والاجتماعي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة القائمة على حقوق الإنسان.

وتستند خريطة الطريق إلى الدروس الرئيسة المستفادة من جنوب إفريقيا، التي اتخذت نهجاً شاملاً ومحلياً لتنفيذ جدول الأعمال الحضري الجديد، والذي تم اعتماده أول مرة في مؤتمر الأمم المتحدة للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة في الإكوادور عام 2016.

وقالت مامولوكو كوباي، وزيرة المستوطنات البشرية في جنوب إفريقيا: «لقد بدأنا بتحديد الأحياء غير الرسمية في الدولة والتحقق منها، وجمع البيانات في الوقت الفعلي، ومراقبة أنماط النمو، حتى نتمكن من الحصول على فهم وتخطيط أفضل لمدى التحديات التي نواجهها».

وأشارت إلى أنه «في أعقاب التقييمات المتعمقة والمنتديات الإقليمية في العديد من البلدان، كان لتحديث الأحياء العشوائية في جنوب إفريقيا تأثير إيجابي عميق في السياسة الاجتماعية والسلامة، ولا سيما التدخلات التي صممناها لحماية النساء والشباب والأطفال والمسنين المعرضين للخطر، وأصحاب القدرات الخاصة.. لقد تعلمنا أيضاً أنه حينما نشرك المجتمع، فإنه يستجيب ويتكيف بشكل أكثر إيجابية مع التغيير، وبالتالي، فإن نهج الارتقاء بالأحياء العشوائية قد تطور ليشمل المجتمع بأكمله بشكل مكثف».

وحسب الفنان والناشط «هنري أوهانغا دون»، المعروف بــ«أوكتوبيزو»، والذي قضى حياته في «كيبيرا» إحدى العشوائيات في كينيا، فإنه بالرغم من أن التوسع الحضري يتيح أشكالاً جديدة من الاندماج الاجتماعي والحصول على فرص جديدة، إلا أنه غالباً ما يكون على حساب المساواة وفرص التنمية المستدامة.

ويقول أوكتوبيزو: «لا يجب النظر إلى العشوائيات أنها مجرد أحياء فقيرة يكافح فيها الملايين من أجل البقاء كل يوم على هامش المجتمع، فهي تحتضن ثروة من المواهب الفنية والإمكانات، وهي مجتمع لديه قيم إنسانية تتمثل بالاحترام والتقدير. وبرغم الفقر، يعيش الأشخاص في هذه الأماكن بسعادة وتعاضد، وبالنهاية ما يهم هو الأشخاص وليس المكان».

وأضاف: «حينما رغبت في أن أصبح فناناً، لم يكن ثمة استوديو في الجوار، وكانت المنظمات غير الحكومية مشغولة بقضايا مثل الملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية، وارتأوا أن موسيقى الروك ليست وظيفة. الحقيقة أنه لا يمكننا جميعاً أن نكون أطباء أو مهندسين أو ما شابه، ولكن يمكننا جميعاً أن نكون ناجحين.. بالرغم من أنني أحب المكان الذي نشأت فيه، ولكنني في الوقت ذاته لا أرغب في أن يعيش فيه أبنائي».

وقال إدواردو مورينو رئيس قسم المعرفة والابتكار في برنامج موئل الأمم المتحدة إن المسألة لا تتعلق بالفقر بقدر ما هي مسألة عدم مساواة، وأضاف «ما يقرب من 25-30٪ من الأشخاص الذين يعيشون في العشوائيات ليسوا فقراء وفقاً للمعايير المحلية، ولكنهم يعيشون في أحياء فقيرة بسبب خيارات تتعلق بالفرص وسهولة المواصلات. ولكن النقص في المرافق مثل إمكان الوصول إلى مياه نظيفة وعدم وجود بنية تحتية للصرف الصحي، يؤدي إلى ارتفاع معدل الوفيات، ولذا يتعين على الحكومات إيجاد حلول مبتكرة لهذه المشكلات التي تعانيها المدن».

وحسب سامح وهبة، مدير قطاع الممارسات العالمية لإدارة الأخطار الحضرية وأخطار الكوارث والقدرة على التكيف والأراضي بالبنك الدولي، يمكن أن تساعد التكنولوجيا على حل بعض التحديات المتعلقة بالعشوائيات، ولكن لا يمكن أن تكون بديلاً عن الحوكمة في المدينة. وأكد «لتدار المدن بشكل جيد، يشترط وجود نظام ومؤسسات تمكّنك في النهاية من استخدام تلك التكنولوجيا للتخطيط بشكل أفضل وتقديم خدمة أفضل وتوفير فرص أفضل للمواطنين».

Email