« البيان» تستطلع آراء خبراء حول الفعاليات الضخمة

معارض إكسبو فرصة للتأثير الإيجابي على الرأي العام

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

المهتمون بقطاع المعارض والفعاليات أصبحوا يدركون تماماً دورها البارز في الناتج الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، فضلاً عن تمكنها من استحداث فرص عمل دائمة ومؤقتة، بالإضافة إلى زيادة الدخل المحلي في العديد من البلدان، لذا بات من الضروري تسهيل جميع الإجراءات التي تعوق عملية النهوض بهذه الصناعة التي ستوفر الكثير من فرص العمل للشباب وتعمل على تنشيط الصادرات وتنمية الاقتصاد، وتعزيز توجهات الدول نحو «اقتصاد ما بعد النفط»، وتعزيز دور السياحة وقطاع الضيافة والأعمال.

وأكد عدد من الأكاديميين الذين التقتهم «البيان» أن هناك 16 هدفاً مأمولاً من صناعة المعارض الدولية الضخمة، وهي: الاطلاع على التحديات المستقبلية وإيجاد الحلول لها، تعزيز الإبداع والابتكار، تبادل الخبرات، التسامح بين الشعوب والأديان وتقبل واحترام الآخر، تصحيح المفاهيم المغلوطة حول بعض الشعوب والأديان، خلق أسواق تنافسية جديدة، الترويج السياحي، وتطوير قدرات أصحاب الهمم، وتعزيز مساعي المؤسسات التعليمية، ورافد ثقافي ومعرفي واجتماعي، وتعزيز استراتيجية القوى الناعمة، ودعم الموهوبين، وانخفاض البطالة، ودعم الاستثمارات والمشاريع، ودور توعوي وتثقيفي، بالإضافة إلى العوائد السياسية والاقتصادية.

إضافة إلى أن المعارض التجارية أصبحت منصات للشراكات وتوقيع العقود ورفع حركة البيع للشركات والمؤسسات التي تجني أرباحاً من وراء المشاركة، فضلاً عن عرض كل ما هو جديد لديها، من خلال الاجتماع بالزوار من التجار والمتخصصين.

ويقول الدكتور عصام الكردي رئيس جامعة العلمين الجديدة بجمهورية مصر العربية، إن الأجنحة الأكثر فخامة وإبهاراً التي تقام في المعارض الدولية، قد لا تترك انطباعاً يوازي إنفاق مليارات الدولارات على إقامتها، لأن ما يهم رواد وزوار هذه المعارض هو الانبهار العقلي، حيث يتوقع الضيف أن يرى أو يسمع ما يغذي عقله ووجدانه من أحدث ما توصل إليه العلم من ابتكارات واختراعات وكيفية تطبيقها لخدمة البشرية. وقال الدكتور الكردي: يجب أن يتخطى دور الأجنحة للدول من جذب السياح إلى التعريف الحقيقي بثقافة وعادات الشعوب وتقبل واحترام الآخرين، لأن هذا هو ما يخلق السلام والمحبة بين الثقافات والشعوب والأديان المختلفة.

قيادة المستقبل

الدكتور يوسف عساف رئيس جامعة روشستر للتكنولجيا بدبي يقول: إن الهدف من معارض إكسبو والمعارض الدولية الضخمة لا بد أن يتجاوز مفهوم السياحة ولا يمكن حصرها على هذا المفهوم الثانوي. وقال إن الهدف من المعارض الدولية والأجنحة هو عرض الحلول الذكية لتحديات المستقبل، التي تضع الدول على خارطة ريادة قيادة المستقبل، وذلك بعرضها الحلول التي ابتكرتها عقول أبنائها لمواجهة تحديات المستقبل في كل المجالات.

واستشهد على سبيل المثال بالحلول التي طورتها دولة الإمارات في «إكسبو 2020 دبي» في مجالات التنقل والاستدامة وإدارة تجمعات الزوار وإدارة النفايات والإضاءة هي حلول ذكية، وستظل تستفيد منها الدولة، وسيأتي العالم ليتعلم ويطلع على أفضل الحلول لتحديات العديد من القضايا المستقبلية في مختلف المجالات في دبي.

سياحة واستثمار

وأضاف إن الدول التي استوعبت أهمية المشاركة في هذا الحدث الضخم حتى ولو تكبدت أموالاً كثيرة في سبيل المشاركة، فهي تعي جيداً أنها فرصة عظيمة لإظهار قدرات عقول أبنائها على صنع المستقبل وتسويقها عالمياً، وبالتالي فهي تقدم العديد من الأبعاد سواء الاستثمارية أم الريادية أم المستقبلية في المقام الأول.

وأشار إلى أن الأجنحة تعتبر فرصة لإظهار تاريخ وحضارة دولها وتقدمها ومستقبلها وعرض الفرص السياحية والاستثمارية فيها، في إشارة إلى أن تاريخ وحضارة هذه الدول هي امتداد لحاضرها ومستقبلها المزهر الذي لم يكن وليد الصدفة، بل إن عمقها التاريخي ساهم بشكل أو بآخر في قدرتها على صنع المستقبل والتكيف مع تحدياته.

وبيّن الدكتور عساف أن «إكسبو 2020 دبي» أظهر قدرة دولة الإمارات على قيادة العالم نحو التحول من مرحلة جائحة كورونا إلى ما بعدها وتجاوز تلك الأزمة، وتؤكد على ضرورة التكامل والتوحد بين دول العالم في سبيل تجاوز الأزمات والتحديات العالمية من أجل صنع المستقبل سوياً.

خبرات وتجارب

ومن جهته، يقول محمد عبد الله، المدير العام لمدينة دبي الأكاديمية العالمية ورئيس معهد دبي للتصميم والابتكار: اختزل «إكسبو 2020 دبي» مجموعة من أبرز أولويات حكومة الإمارات للمستقبل، حيث حمل شعار الحدث «تواصل العقول وصنع المستقبل» دعوة دولة الإمارات للعالم لتعزيز المناقشات والحوار البناء ومشاركة الخبرات والتجارب من خلال ما يتم تنظيمه من فعاليات وأنشطة خلال الحدث، والتي تسهم بترسيخ مكانة دبي والإمارات نافذة للاطلاع على ملامح المستقبل وبوابة عالمية إلى عالم من الفرص المتنوعة والفريدة من نوعها.

وأضاف: إن حجم الاستثمار المعلن بشكل رسمي من قبل الجهات العارضة والأجنحة الدولية وما يتعدى ذلك من مجالات للإنفاق يعكس الثقة العميقة بإمكانات دولة الإمارات من قبل المجتمعات والمؤسسات حول العالم.

نماذج تقنية

أما بالنسبة لمجتمع الطلبة والأكاديميين فيشكل «إكسبو 2020 دبي» فصلاً دراسياً ضخماً وتفاعلياً يطرح نماذج ملموسة لتقنيات المستقبل وتوجهاته في مختلف المجالات، وهو ما يجعل موضوع التعليم محوراً رئيسياً في أجندة الحدث، فكل زاوية من «إكسبو 2020 دبي» فرصة للتعلم.

فصول دراسية

وأضاف إن المعارض الدولية مثل إكسبو تتمحور العديد من المشاركات بها حول إبراز مدى تقدم الدول والشركات العالمية في مجالات الاستدامة، حيث تدمج تصاميم الأجنحة فنون العمارة وتقنيات البناء الذكية والاستخدام الأمثل للطاقة المتجددة، وهو ما نسعى لتشجيع طلابنا على التعرف إليه عن كثب خلال زيارتهم لـ «إكسبو 2020 دبي» لما له من دور في إثراء المناقشات ضمن الفصول الدراسية وتعزيز قدرة طلابنا على الابتكار في وضع التصاميم المرتكزة على مفاهيم الأبنية الذكية التي تطبق تقنيات الاتصال وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة وغيرها من ممارسات استدامة الموارد، فضلاً عن أن أرض الحدث ومرافقه نفسها تقدم نموذجاً حياً لأفضل معايير وتطبيقات الاستدامة.

وأشار إلى أنه من النواحي الاقتصادية والهندسية، فإن معارض «إكسبو 2020 دبي» تشكل رافداً ثقافياً يسرد قصصاً من أرجاء العالم من خلال العروض الحية، ما يحفز إلهامه الطلبة وإبداعهم، ويضيف إلى مخزونهم الثقافي والفني الذي سينعكس في تعزيز قدرتهم على تقديم تصاميم وحلول إبداعية ومبتكرة.

أسواق جديدة

ومن ناحيته يقول الدكتور أبو بكر جابر مدير كلية آل مكتوم باسكتلندا: بدأت فكرة المعارض الدولية الضخمة منذ انطلاق أول نسخة لمعرض «إكسبو 2020 دبي» في المملكة المتحدة عام 1851، والغرض منها استعراض كل دولة لمنتجاتها وقدرتها على الإبداع والابتكار، وبالتالي تفتح أسواقاً جديدة لمنتجاتها، وخصوصاً مع سهولة التبادل التجاري بين دول العالم، ووجود شبكة مواصلات جوية وبحرية وبرية متطورة.

وأضاف: وتتيح أجنحة الدول في هذه المعارض الدولية، إظهار ثقافتها وتراثها، والذي يمكن إبرازه من خلال التصميمات والنماذج المبهرة، بغرض الترويج السياحي للدول المشاركة.

دمج وتطوير

ومن جهتها أوضحت الدكتورة إيمان جاد عميدة كلية التربية في الجامعة البريطانية بدبي، أنه يجب أن يتم تصميم كل جناح بالمواصفات العالمية التي تتوافق مع قدرات أصحاب الهمم بمختلف الإعاقات لتسهيل وصولهم إلى إكسبو وإلى المعارض العالمية عبر تأهيل البيئة بغرض تطوير مهاراتهم وقدراتهم.

وناشدت الدكتورة جاد الوسائل الإعلامية بتنظيم حملات لتوعية أصحاب الأجنحة والمسؤولين عن المعارض الدولية، بحقوق أصحاب الهمم في زيارة مثل هذه المعارض الدولية مثل «إكسبو 2020 دبي»، وغيرها، بغض النظر عن القدرات والإعاقات بحسب أفضل الممارسات العالمية والاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الإعاقة.

نشاط تسويقي

ويقول الدكتور رفعت البدري أستاذ الصحافة الرقمية بكلية الإعلام جامعة المنوفية بجمهورية مصر العربية: إن الأجنحة التي يتم إقامتها في المعارض أو الفعاليات التي يتم المشاركة من خلالها في الأسواق أو المهرجانات هي شكل معتاد من أشكال النشاط التسويقي والعمل الترويجي أو الدعائي، إلا أن ضخ الميزانيات الضخمة التي تظهر من خلال الإبهار الزائد أو المبالغة في المظهر الخارجي أمر يتطلب دراسة جدوى مسبقة، وتقدير العائد الحقيقي من ورائها.

قوى ناعمة

الدكتور حمدي عرفة أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية وخبير استشاري البلديات الدولية في جمهورية مصر العربية، يقول: إن استضافة معارض إكسبو تندرج ضمن القوى الناعمة التي تعود على الدولة المضيفة والدول المجاورة لها بالإيجاب، وتواجد ممثلين من دول عدة يسمح بتلاقح العقول وإيجاد الحلول للتحديات المستقبلية.

وأضاف إن العوائد من مثل هذه المعارض الضخمة متعددة الجوانب وليس شرطاً أن تكون مادية، فهناك عوائد اجتماعية وسياسية وسياحية وثقافية واقتصادية وكلها جوانب تعزز من مكانة الدولة على الخريطة الإقليمية والعالمية.

وأوضح أن استضافة هذه المعارض تعزز من اقتصاد الدولة من حيث الجذب السياحي وارتفاع نسبة إشغال الفنادق وأسعار العقارات ودعم الموهوبين والتعاون التجاري والاقتصادي الدولي وانخفاض البطالة بين الشباب، فضلاً عن دعم الاستثمارات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

علم التصميم

يقول الدكتور سامر عبد الهادي عميد كلية الآداب في جامعة الفلاح بدبي، إن الأشخاص ينظرون إلى علم التصميم على أنه تخصص ما أو مهنة تثير الإحساس والجمال والإلهام، لكن في الحقيقة هذا ليس كافياً لخلق تصميم جيد يلقى استحساناً من الناس، وهنا يأتي دور علم النفس في ذلك، لخلق ما يحتاجه العقل البشري. ويضيف: إن الإنسان عندما يرى تصميماً رائعاً وجميلاً من خلال نظرة سريعة دون معرفة السبب أو تحديده، ما هو إلا امتداد لنوعٍ من التفاعلات الناتجة عن «الدماغ العاطفي»، يطلق عليه اسم «الدماغ القديم»، الذي يتكون من أجزاء من دماغ الإنسان، هذا الدماغ مسؤول عن السلوكيات الغريزية ويتفاعل بسرعة أكبر بكثير مما يفعله وعينا.

Email