اللوح والدواة.. ملحمة العلم في صحراء شنقيط

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في أعماق الصحراء الموريتانية وبين دروبها تكونت مدارس أصبحت مضرب مثل في حفظ روادها وإتقانهم، أطلق عليها اسم "المحاظر"، والمحظرة نظام تعليمي تقليدي خرّج عبر العصور علماء أجلاء برزوا في علوم كثيرة.

فعبر ألواح خشبية ودواة حجرية أنار الشناقطة دياجير الجهل، ونقشوا العلوم في صدور أبنائهم، بداية من الحروف الأبجدية مروراً بحفظ القرآن الكريم، وصولاً إلى متون علمية في شتى المجالات، لتنهض حواضر علمية أشرقت أنوارها في جهات الأرض، عبر كواكب تهدي السائرين في دروب العلم.

يستعرض الجناح الموريتاني في إكسبو 2020 دبي، جانباً من تلك الملحمة العلمية التي تحدت بساطة الأدوات وشظف العيش الذي يطبع ذلك المنكب القصي من الوطن العربي الكبير المعروف ببلاد شنقيط. 

يستخدم الموريتانيون الألواح الخشبية التي تصنع من شجرة السدر، حيث يعلم المشايخ التلاميذ كتابة الحروف ونطقها، ويعلمهم القراءة ومن ثم حفظ القرآن الكريم بداية من سورة الناس، حيث يكتب "الطالب"، وهو الاسم الذي يطلق على الشيخ الذي يقوم بتحفيظ الصغار القرآن، "الكتبة"، وهي الآيات المراد حفظها على اللوح في يوم معين، ليأخذه التلميذ ويستمر في ترديد الآيات حتى يحفظها عن ظهر قلب بالتكرار، وفي اليوم التالي يغسل لوحه بالماء، ليأخذ آيات جديدة بنفس الأسلوب والطريقة. 

القلم المستخدم في كتابة الحروف والسور مصنوع من خشب شجرة تدعى "السبط"، حيث تسن مقدمته بشكل مائل، أما الحبر الذي يكتب به فهو عبارة عن فحم مضاف إليه الصمغ العربي وقليل من السكر والماء، يوضع في دواة بدائية عبارة عن حجر مجوف وتخلط لتتكون مادة سوداء تستخدم للكتابة.

رغم توافر سبل التعليم التكنولوجية والتقنيات الحديثة والألواح الرقمية للتعليم، إلا أن الألواح الخشبية لاتزال الخيار الأول والمفضل، حيث تعد ميراثاً تتناقله الأجيال.

ويحتضن جناح الجمهورية الإسلامية الموريتانية نماذج للألواح الخشبية التي يستخدمها التلاميذ للحفظ والتعلم، إضافة إلى مصحف ورقي كتب بخط اليد كتبه أحد المشايخ الموريتانيين، بالإمكان الاطلاع عليه ومشاهدته في الجناح الموريتاني في إكسبو 2020 دبي.

Email