بوركينا فاسو عمق التاريخ وعبق التراث

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد بوركينا فاسو إحدى الدول الأفريقية ذات التاريخ والتراث الفريد في العديد من الجوانب، تلك الدولة التي عرفت قبل 4 أغسطس 1984 بجمهورية فولتا العليا، ومن ثم غير الرئيس (توماس سانكارا)، اسمها إلى بوركينا فاسو ومعناها (أرض الناس الطاهرين) باللغتين المحليتين موسي وديولا، وهي في حقيقة الأمر دولة مغلقة ليس لها منافذ بحرية في غرب أفريقيا.

وتاريخياً كانت بوركينا فاسو جزءاً من إمبراطورية مالي، وتمتلك تنوعاً ثقافياً ولغوياً كبيراً. ويشكل المسلمون غالبية السكان يليهم المسيحيون والبقية من الديانات المحلية، وهناك 35 مجموعة عرقية تقريباً؛ منها حوالي إثني عشرة مجموعة عرقية تحترف فن النحت التقليدي. وهذا الاختلاط والتنوع الثقافي والعرقي عبّر عنه جناح بوركينا فاسو في «إكسبو 2020 دبي»، بشكل واضح. فبالإضافة للمنحوتات والأشغال اليدوية التي تزين بها الجناح وعرضها، أظهر الجناح الجانب التاريخي للبلد.

وفيما يتعلق بالعمارة التاريخية لدولة بوركينا فاسو يقف مسجد «ديولاسوبا» في مدينة بوبو- ديولاسو غربي العاصمة شامخاً وشاهد عصر على مرور أكثر من 150 عاماً على بنائه في دولة دخلها الإسلام منذ قرون، ولم يتم تغيير جدرانه وأعمدته، وملامح التجديد الوحيدة التي شملته تتعلق بفتحات السقف، والتي يتم تجديدها كل 10 أو 15 عاماً عند تسرّب مياه الأمطار، فهو مشيّد من الطوب، وتضم واجهته أشكالاً مخروطية شبيهة بكعك السكّر. أما جدرانه، فطليت بلون مائل يميل إلى الصفرة، تتخلّلها ثقوب تتوسّطها أعمدة بلون جذوع الشجر.

بيوت الطين

كما تعد قرية «تيبل» (Tiebele) التي يقطنها شعب كاسينا أحد أقدم المجموعات العرقية في البلاد، ويوجد عدد كبير من الأكواخ الطينية التقليدية وغيرها من العمارة، وجميعها مزينة بشكل جميل. حيث يتم بناء المنازل بمواد بسيطة جداً كالطين والقش والأخشاب ويُلاحظ وجود فتحات صغيرة في الجدران الأمامية بطول نصف متر ما يسمح للضوء بالمرور من الأبواب الأمامية. وتحرص نساء القرية على تشكيل جداريات جميلة ونقوش مختلفة على المنازل عبر استعمال الطين الملون والطباشير الأبيض، ثم يتم تغليف الجدران بمادة الورنيش الطبيعية المصنوعة من مغلي شجرة الفاصولياء الأفريقية لحماية المنزل من العوامل الطبيعية وتقلبات الطقس.

أطلال «لوروبيني»

وتعتبر أطلال «لوروبيني» أول موقع تراث عالمي لليونسكو يتم إدراجه في بوركينا فاسو في عام 2009. يمثل هذا الموقع الثراء السابق لممالك العصور الوسطى خلال التجارة عبر الصحراء. تم التخلي عن الآثار في القرن التاسع عشر، ولكن بقيت محفوظة بشكل جيد بسبب أهميتها الروحية للمجتمعات المحلية. وتتكون الأنقاض من جدران حجرية مهيبة يصل ارتفاعها إلى حوالي ستة أمتار وتحيط بها مستوطنة مهجورة قديمة، ويعتقد أنها كانت مستوطنة حيوية ومركزاً للتجارة، لا سيما بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر.

Email