جناح روسيا يتجمل بألوان فيكسز ويراقص «رويغوليتو»

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«توم، نولك، سمكا، بابوس، غراندبوس»، شخصيات كرتونية قد يحدث أن التقيت بها يوماً في إحدى زوايا بيتك، وقد صافحتها عبر الشاشة الصغيرة، شخصيات ملونة تبدو مليئة بالطاقة والحركة، تدرك ما الذي تفعله، تحفز فيك اللعب وتثير بداخلك شهوة الموسيقى، وتفتح أبواب عقلك لمزيد من المعرفة، شخصيات لا تنطق بالعربية، ولا الإنجليزية، ملتزمة فقط بلغتها الأم، حيث ولدت على أرض روسية، ومنها خرجت نحو العالم، متسلحة بقوتها ومعرفتها في مواجهة أنواع مختلفة من أقرانها كتلك التي خرجت من رحم الأرض اليابانية أو الأمريكية.

إنها شخصيات الفيكسز التي أطلت على العالمين عبر سلسلة تلفزيونية متعددة الحكايات والمواسم، وفيلم سينمائي، اتخذ من اسمها عنواناً له.

الفيكسز شخصيات صغيرة تسلحت بالمعرفة، ولعبت دور البطولة في برنامج تعليمي انطلق من أحد المراكز الروسية.

ألوان الفيكسز فاتنة، زاهية ومغرية للعين، باجتماعها تبدو وكأنها قطعة من قوس قزح، ما أن تراها حتى تقع في شباك هواها، وكذلك هو الجناح الروسي الذي استلهم تصميمه من شخصيات الفيكسز، يفتنك بألوانه وشكله الخارجي، وما أن تلجه حتى تكتشف عوالم السحر والتكنولوجيا، حينها ستدرك أنك على موعد مع «روسيا تبدع»، فكل ما في الجناح يقوم على مبدأ استمرارية الحركة، بدءاً من أولى درجات السلم الكهربائي وحتى المرحلة الأخيرة في الجناح، الذي يقدم لك نظرة خاصة على عوالم التكنولوجيا والإبداع الروسي، بينما تضع قدميك على عتبات العالم الرقمي.

جناح روسيا بدا أشبه بعلامة بارزة في أرض «إكسبو 2020 دبي»، فهو مدخل يمهد لاستكشاف عمق العقل الروسي والتعرف على ما يحمله من أفكار ملهمة، وهو فرصة جيدة، لمعرفة نطاق الاستثمار وتلمس صلابة العلاقات بين الإمارات ورسيا، حيث يعتقد القائمون على الجناح أن «إكسبو 2020 دبي» سيساعد على تعميق العلاقات بين البلدين، ويوفر فرصة للتعاون التجاري الدولي.

أوبرا عريقة

لا يشرع جناح روسيا أبوابه على فضاء الابتكار والعلاقات الاقتصادية فقط، وإنما يحط رحاله في أراضي الثقافة والفنون أيضاً، فروسيا لم تطل في إكسبو بأيدٍ خالية الوفاض، وإنما حملت في جعبتها برنامجاً ثقافياً دسماً، فيه الكثير من سحر الفنون، برنامجاً ترتدي فيه خشبة المسرح أجمل حللها، وتدق الموسيقى أروع إيقاعاتها.

حضرت روسيا إلى دبي ومعها أوبرا «رويغوليتو»، تلك التي تعد من أفضل ما أنتج الموسيقار الإيطالي جوزيبي فريدي، فلا تزال هذه الأوبرا تتنفس الهواء رغم مضي عقود طوال على رؤيتها النور، فهي ترجع في العمر إلى عام 1851، أوبرا «رولغوليتو» أطلت أخيراً على خشبة دبي أوبرا، لتبدو نموذجاً يعكس البصمة الروسية في صفحات الفن الأوبرالي، وها هي أوبرا «رولغوليتو» تطل للمرة الأولى في دبي، ترافقها حكاية ملأها فيكتور هوغو بالكثير من التراجيديا، التي صاغها فريدي بسحر الموسيقى، قدمها بطريقة معقدة وفريدة من نوعها، وبإيقاع جميل رغم تناثره نجح في التعبير عن تفاصيل الحكاية التي تحولت مع مرور الوقت إلى ملحمة أوبرالية ساحرة تعاقبت عليها الأجيال.

في هذه الأوبرا، أنجز فيردي، الذي تعوّد الاشتغال على الجانب النفسي للشخصيات، لوحة فنية ضخمة لملحمة مأساوية، يلعب فيها القدر دور البطولة، وبين ثناياها وضع فيردي مقطوعة موسيقية خالدة، ولعل اللافت إن هذه الأوبرا ومنذ أن رأت النور وحتى اليوم، تقابل باحترام لافت لما تمتلكه من أهمية وتاريخ عريض، حيث تميزت مقطوعاتها بتعقيداتها، وبقدرتها على التعبير عن الحس المأساوي أو التراجيدي للحكاية، وقد صيغت بطريقة متناسقة تماماً، وبانسجام كامل يعبر عن حجم الحدث الذي تحتضنه الخشبة.

برنامج

تفاصيل كثيرة تحملها هذه الأوبرا التي مثّلت باكورة البرنامج الثقافي للجناح الروسي في معرض «إكسبو 2020 دبي»، ولعل أجمل مشاهدها تكمن في إطلالة «ليونورا» وهي تصلي وتغني للسلام، تصدح في فضاء المكان بصوتها القوي، الذي تشعر بأنه يحمل إنفراجة خاصة، تشعرك بأنها «إنفراجة الروح»، تلك الصرخة انطلقت بعد أن ظلت حبيسة الجسد لسنوات طوال، في هذا المشهد تتكشف قوة «ليونورا» وتأخذ دعوتها للسلام طريق النور. لتبدو أن الأوبرا بكل قوتها عاطفية وتقوم على ثلاثية الهدوء والأمل والسلام.

أوبرا «رويغوليتو» مثلت نقطة البداية في طريق استكشاف روعة الفن الروسي، الذي سيتجلى جماله على الأرض في 18 الجاري.

Email