مفاجآت الطبيعة.. احترار اليوم جليد غداً

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشهد فعاليات أسبوع المناخ، نقاشات عن المخاطر والتحديات التي تواجه كوكب الأرض، بسبب زيادة نسبة الغازات الدفيئة، واختلال النظام البيئي. ولا تقتصر النقاشات على التحديات فقط، بل تتطرق إلى وجهات نظر أخرى، علمية، تستند إلى تجارب سابقة مرت بها البشرية، من بينها فرضية يتمسك بها عدد من العلماء، وهو إمكانية حدوث تعديل ذاتي لمسار المناخ، وانخفاض في درجات الحرارة بعد عام 2030، على نحو شبيه بما شهدته البشرية قبل قرون، وهو ما اصطلح العلماء على تسميته العصر الجليدي الصغير.

تغير النشاط البشري

ما تظهره الأرقام، أن مسار التغير المناخي يسير باتجاه احترار الكوكب، وذوبان الجليد، بما يؤدي إلى تغير النشاط البشري، من الزراعة إلى مصادر المياه واستقرار المجتمعات. لكن علماء وخبراء في علم الطبيعة، ما زالوا يشككون في مسار التغير المناخي، فعبر التاريخ، شهدت البشرية مرات عديدة، ما يمكن تسميته «مفاجأة الطبيعة»، التي تعيد توجيه مسار المناخ إلى وجهة مختلفة عن التوقعات، بمعنى، أن كوكب الأرض سيشهد العصر الجليدي الصغير، بدلاً من الاحترار.

والعصر الجليدي الصغير، هو حقبة زمنية انخفضت فيها درجات الحرارة، وحدثت بعد الحقبة القروسطية الدافئة في العصور الوسطى. عُرّف تقليدياً بأنه فترة زمنية امتدت من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر، ولكن بعض الخبراء يفضلون فترة زمنية بديلة، تمتد من نحو عام 1300 إلى نحو عام 1850. وكان لافتاً في وقائع رحلات المستكشفين الأوروبيين الأوائل في أمريكا الشمالية، تسجيلهم ليوميات قاسية بسبب فصول الشتاء الثقيلة بشكل استثنائي.

مفاجآت الطبيعة

يقول مؤيدو نظرية العصر الجليدي الصغير، إنه إذا كان مؤيدو نظرية الاحتباس الحراري على حق، لكان الجليد في القطب الشمالي قد ذاب بالفعل، ويحاجّون أن الفترة الدافئة في القطب الشمالي انتهت، وتحول المناخ نحو الدورة الباردة. يستند هذا التيار إلى مفاجآت الطبيعة فتغير المناخ، في صورته النمطية، ليس حرائق وفيضانات فقط، بل هناك أيضاً تغييرات لاحقاً، من المرجح أن تحول المسار السلبي إلى إيجابي. بعض العلماء يرى أنه ليس من المؤكد إن كان الاحتباس الحراري قادراً على أن يسبب صدمة من الحجم المناسب، لكن الأبحاث الجديدة، تقودنا إلى قلق متزايد من أن احترار اليوم قد يصبح جليداً غداً. هؤلاء العلماء، يؤكدون أن المفتاح يكمن في نظام دوران المحيطات الخاص بشمال المحيط الأطلسي، والذي يبدو أنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتحولات التي جرت في الماضي، من حلقات الدفء إلى حلقات الصقيع، والعكس.

لكن على الجانب الآخر، هناك من يرى أن انبعاثات الكربون، التي تسببت في ظاهرة الاحتباس الحراري، هي التي عملت على تأخير العصر الجليدي، وهذا ما أشار إليه علماء ألمان، قالوا إن الغازات الدفيئة، هي التي ساعدت على إنقاذ الأرض من عصر جليدي جديد، وأن حدوث هذه الظاهرة، سيتأخر لأكثر من 50 ألف سنة. الفرضية من حيث المبدأ صحيحة، والعصر الجليدي الصغير، دورة مناخية متكررة، تنخفض فيها درجات الحرارة، وتكون لها تأثيرات أيضاً، ولا ينفي علماء التغير المناخي هذه الفرضية، لكنهم يدقون ناقوس الخطر، من أنه مع احترار الكوكب بالمستوى الحالي، فإن إمكانية «العصر الجليدي الصغير»، تجاوزها الزمن.

Email