البوابات تأشيرة عبور نحو المستقبل

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شيء يضاهي الجمال الساكن في الفكرة، ذاك الذي تتلمسه بمجرد أن تلامس عينيك بوابات «إكسبو 2020 دبي»، تلك التي تفتنك بتفاصيلها الخاصة، وبما تحمله بين ثناياها من حكايات بعضها قديم بعمر التاريخ، وأخرى ذات بعد مستقبلي، تلك البوابات التي تمثل تأشيرتك نحو المستقبل، تبدو في تفاصيلها حاملة لسردية خاصة، صيغت بلغة عصرية، تتناسب مع تطلعات العالمين وأولئك الذين يسكنهم شغف الاكتشاف.

أبواب مبهرة

عندما تصل عتبة معرض «إكسبو 2020 دبي»، ستفاجئك أبوابه المشبكة، التي حملت بصمات المصمم آصف خان، ستجبرك على الوقوف أمامها، عند تلك اللحظة ستقف وترفع عينيك نحو الأعلى لتعانق سقف البوابة، حينها ستشعر بأنك تعانق نور الشمس، الذي يتخلل تلك الفتحات التي تكون الهيكل الشاهق، حينها ستبهرك الفكرة، بينما تأخذك جمالياتها في دهاليز التصميم، ستذكرك بتلك العمارة الإسلامية والعربية القديمة، وبجمالياتها، فيما ستشعر بأن قصة بوابات معرض «إكسبو 2020 دبي» أعمق بكثير من معادلات الرياضيات، حينها لن تقف مطولاً أمام الأرقام وحساباتها، بقدر ما ستخطفك اللحظة لتضعك أمام عدسة كاميرا.

ستبهرك بوابات «إكسبو 2020 دبي»، فهي عمل شبكي، ترتفع عن الأرض مسافة 21 متراً، أي بحجم 6 طوابق، بينما يصل طولها إلى 30 متراً، لن تتجاوزها بسهولة، وأنت تمر من خلالها ستشعر بأنك تصاحب ظلك، بينما تحاول استكشاف التفاصيل من خلال عشرات الفتحات التي تتخلل جدران البوابة الحديدية وأبوابها التي تفتح على السحر، ستشعر لوهلة بأن تتجول في حارات الشام ومصر والمغرب، تقطف من كل بلد عربي زهرة، لتزرعها على جنبات البوابة المرصعة بإضاءة صفراء اللون، لتبدو في الليل وكأنها قطفت من أشعة الشمس، ستدقق أكثر، وتتخيل كيف يصاحبك شعار «إكسبو 2020 دبي»، ذاك المصاغ من خاتم ذهبي، وجد في «ساروق الحديد» الأثري الواقع في دبي.

تصميم وتاريخ

كلما خطوت نحو الأمام، تشعر بأن طبيعة التصميم تتغير، تتطور، لتروي حكاية «المشربية» التي استوحى منها المصمم آصف خان تصميم البوابات، حيث تعيدك تلك الحكاية إلى الوراء عقوداً طوال، وصولاً إلى عصر العباسيين، الذي شهد انتشاراً واسعاً لـ «المشربية»، لم يقتل تطور التصميم فكرة «المشربية»، التي وصلت إلى أبهى صورها في العصر العثماني، لتغادر حدود تركيا نحو العراق والشام ومصر وحتى الجزيرة العربية، آنذاك ارتبط استخدام تصميم المشربية، لتوفير الظل داخل البيوت، كنوع من الاستدامة البيئية، في بداياتها صنعت من الخشب، ولاحقاً تحولت إلى المعدن والفخار وغيرهما من المواد الصلبة، لكن «المشربية» لم تبق حبيسة حدود الشبابيك والأسوار العتيقة، فقد استطاعت أن تفرض جمالياتها على المشهد العام، فأضحت كما أميرة تسكن واجهات البيوت العربية، مكتسبة رونقها من أصول الزخرفة الإسلامية والعربية، تلك التي صاحبت هوامش الكتب والدفاتر، ورافقت لوحات «الحروفيات» العربية التي استطاعت أن تحجز مكانة عالية لها في دروب الفن التشكيلي.

جماليات المعمار

تصميم فريد تمتاز به بوابات «إكسبو 2020 دبي»، يثير الاهتمام، فتارة تشعر بأنه ثنائي الأبعاد وتارة يطل عليك بصيغة ثلاثية الأبعاد، وهو تصميم يتجمل بألياف الكربون السلكية التي نسجت بطريقة هندسية، لتعكس جماليات البوابة، بمجرد أن تذهب الشمس إلى مخدعها، أما درفاتها التي تفتح على نور المستقبل، تشعر لوهلة بأنها ثقيلة الحركة، ولكن ما أن تصلها حتى تكتشف بأنها صنعت من مادة قوية وفي الوقت نفسه خفيفة الوزن، ويمكن لأي شخص أن يحركها بكل سهولة.

العمل على بوابات «إكسبو 2020 دبي» المعقدة، استغرق نحو 3 سنوات، لتبدو بأنها «أفضل أعمال آصف خان على الإطلاق»، بحسب ما أباح به خان عندما تم الكشف عن البوابات، التي تقودك إلى ساحات مطرزة بالخضرة، وبالوجه الحسن، وبعيون تذهب بعيداً نحو اكتشاف المستقبل وابتكاراته. لتبدو البوابات امتداداً للمنشآت الإبداعية التي يزخر بها المكان النابض بالحياة في مناطق «الفرص والاستدامة والتنقل».

ما أن تمر بها حتى تشعر بأنك تقطع الطريق بين الحاضر والمستقبل، حيث البوابات تشكل أول لقاء لك مع «إكسبو 2020 دبي»، لتكتشف من خلال فتحات البوابات عناصر الجمال في الهندسة المعمارية، وتقرأ آفاق تطوراتها مستقبلاً، وكيف ستظل مصدراً للإلهام.

المشربية.. عودة البريق

لم تسكن المشربية جدران ودرفات بوابات «إكسبو 2020 دبي» فقط، فقد اهتمت الإمارات بهذا التصميم، أعادت له الحياة مجدداً عبر اعتماده في بعض التصاميم الحديثة، فعلى ذات الدرب سارت قبة متحف اللوفر أبوظبي التي حملت بصمات جان نوفيل، حيث امتازت بتصاميم المشربية المجردة، التي تتيح المجال أمام أشعة الشمس لأن تداعب ملامح زوار المتحف، والأمر كذلك انسحب على أبراج البحر في أبوظبي، التي تميزت بشاشات شبكية خشبية، استلهمت من زخرفة المشربية.

Email