رئيسة قسم التغذية المدرسية في الأمم المتحدة لـ«البيان»:

73.000.000 طفل لا يتلقون وجبات مدرسية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كشفت كارمن بربانو، رئيسة قسم التغذية المدرسية، ببرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، خلال حوارها مع «البيان»، أن 73 مليون طفل لا يتلقون وجبات غذائية، لاسيما في قارة أفريقيا، قبل انتشار وباء كورونا، ولم تسنح لهم الفرصة حتى الآن بالحصول على الوجبة المدرسية، والآن العدد مهدد بالتضاعف بسبب تداعيات الجائحة التي أدت إلى فقد العديد من الأطفال فرصة التعلم، لاسيما في البلدان منخفضة الدخل.

منصة فريدة

وقالت إن إكسبو 2020 دبي، شكل منصة فريدة للالتقاء بشركاء البرنامج بعد غياب عامين بسبب تداعيات كورونا، من خلال المشاركة في قمة ريوايرد التي نظمتها مؤسسة دبي العطاء الأسبوع الماضي، لا سيما الالتقاء بشركائنا من القطاع الخاص. كما أنه فرصة ومنصة مهمة للتواصل مع المزيد من الشركاء الجدد أيضاً مثل البنك الإسلامي للتنمية وهو من أهم الشركاء الجدد الذين تباحثنا معه عدة مواضيع حول التغذية المدرسية إلى جانب العديد من البنوك من أجل استدامة تمويل برنامج الوجبات المدرسية. وأشارت إلى أن «ريوايرد» شكلت فرصة للقاء أكبر شركائنا من الحكومات حيث ضمت العديد من الوزراء من مختلف البلدان، حيث عقدنا اجتماعات مثمرة معهم، ومنهم وزير التعليم في بنغلاديش، وتنزانيا، ومصر.

بناء القدرات

وأوضحت أن برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة هو المنظمة الإنسانية الرائدة في مجال إنقاذ الأرواح وتغيير الحياة وتوفير المساعدات الغذائية في حالات الطوارئ، والعمل مع المجتمعات المحلية من أجل تحسين التغذية وبناء القدرة على الصمود.

وأكدت بربانو أن برنامج «الوجبات المدرسية» أسهم في توفير 75 ألف فرصة عمل للنساء في نيجيريا، مشيرة إلى أن البرنامج الذي يعتبر أكبر برنامج للمساعدات في العالم، وفر أيضاً الغذاء لـ388 مليون طفل في جميع أنحاء العالم، قبل انتشار جائحة كورونا بمعدل وجبة لكل طفلين أي أنه وفر التغذية لنصف أطفال المدارس حول العالم.

وبينت بربانو أن هناك 9 فوائد رئيسية للتغذية المدرسية، وهي أنه يوفر الغذاء والتغذية الجيدة للأطفال في المدرسة التي تساعدهم على تحسين قدراتهم على التعلم، كما أنه يشجع على الاستمرار في التعلم فرصة للتعليم وعدم التسرب من المدرسة لاسيما للفتيات، ويسهم في القضاء على الجوع ونقص التغذية لدى الأطفال، بالإضافة إلى حمايتهم من الإصابة بمرض فقر الدم لاسيما في العديد من الدول النامية أو الفقيرة، إلى جانب القضاء على سمنة الأطفال. ومن فوائد البرنامج أيضاً أنه يسهم في تقليص الفروقات بين الأطفال في المدارس فهو يعالج أوجه عدم المساواة في المجتمعات، كما يسهم في التماسك الاجتماعي من خلال توفير الغذاء للأطفال بشكل يغنيهم عن الخروج لمساعدة ذويهم في البحث عن الرزق، بالإضافة إلى أن البرنامج فرصة للعمل في مجال الزراعة لاسيما للنساء، وخلق سوقاً للمزارعين يمكنهم من زيادة دخلهم. وأشارت إلى أن البرنامج يسهم في تعليم الأطفال أهمية تناول الطعام الصحي في البلدان التي تعاني من نسبة كبيرة من سمنة الأطفال مثل دولة الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال وبعض دول الشرق الأوسط، والبلدان ذات الدخل المتوسط. وقالت إن برنامج «الوجبات المدرسية» لا يستهدف فقط الأطفال وإنما ينعكس إيجاباً أيضاً على أسرهم وعلى المجتمع ككل، وهذا هو جوهر أهمية البرنامج والذي يتجاوز مجرد توفيره للوجبات فقط، ولهذا السبب توليه الأمم المتحدة أهمية بالغة.

وأفادت أنه خلال الـ8 سنوات الأخيرة شهد البرنامج زيادة ملحوظة في الوصول إلى عدد أكبر من أطفال المدارس وتمكينهم من الاندماج والاستمرار في الدراسة عبر توفير الوجبات المدرسية لهم، لاسيما في البلدان الفقيرة، غير أن النسبة تراجعت عندما ضربت جائحة كورونا العالم، حيث انهارت معظم برامج الأمم المتحدة المتعلقة بهذا المجال بمجرد إغلاق المدارس، حيث فقد عدد كبير من الأطفال إمكانية التعليم بسبب تداعيات الجائحة، إلى جانب فقدهم للوجبة الرئيسية المهمة التي كانوا يحصلون عليها في المدرسة.

وقالت رئيسة قسم التغذية المدرسية، بالأمم المتحدة: التحدي الرئيس الذي يواجهه البرنامج هو ليس فقط كيفية مساعدة الحكومات على استئناف هذه البرامج، وإنما تطويرها بشكل أفضل وهذا ما يعكف عليه البرنامج حالياً، أما التحدي الثاني والأكبر فيتمثل في استقطاب دعم الحكومات من أجل تمويل وتشغيل البرنامج العالمي الذي يدعم ما بين 15 إلى 18 مليون نسمة سنوياً في البلدان الفقيرة، وهو أمر مكلف للغاية لاسيما في ظل استمرار الجائحة، أما بقية البلدان ذات الدخل المرتفع والبلدان متوسطة الدخل فهي تفعل ذلك بنفسها. وأكدت بربانو أنه لا يزال لدينا فجوة هائلة حتى قبل انتشار فيروس كورونا والتحدي الآن هو كيف نساعد هذا العدد الكبير للالتحاق والاستمرار على مقاعد الدراسة، لاسيما في قارة أفريقيا التي لا يتلقى فيها أطفال المدارس للوجبات الغذائية.

ائتلاف

وأشارت إلى أنه برغم سلبيات جائحة كورونا إلا أنها كانت فرصة لتدرك حكومات البلدان أهمية برنامج الوجبات المدرسية، وضرورة دعمه، وهذا ما حدث حيث أدرك قادة حكومات بعض الدول مثل فرنسا وفنلندا ورواندا والسنغال وأمريكا وآخرون أهمية البرنامج، وانضموا معاً هذا العام لتشكيل «ائتلاف الوجبات المدرسية» هذا الائتلاف الذي يتكون من 61 من قادة الحكومات، ويهدف إلى إيجاد الحلول لهذا التحدي، وهو توفير الغذاء لكل أطفال المدارس المحتاجين، وإعطاء الأولوية للمناطق الفقيرة من خلال دعم تمويل برنامج الغذاء المدرسي. وأكدت أن رؤية البرنامج تركز حالياً على دعم الأطفال الأشد فقراً والذين لا يتلقون وجبات الطعام التي تعتبر عاملاً مشجعاً لالتحاقهم بمقاعد الدراسة واستمرارهم فيها من الجنسين، مشيرة إلى أن توفير الوجبات الغذائية لأطفال المدارس تغير من حسابات الوالدين ولا تترك عذراً لإخراج أبنائهم من الدراسة وإرسالهم للعمل وجني المال. وأوضحت أنه في بعض الحالات تتطلب تقديم المزيد من المحفزات الإضافية لتشجيع الأهالي على إلحاق أبنائهم لاسيما الفتيات بالتعليم وخفض نسبة تسربهن من المدرسة، فيضطرون لتقديم قسائم شرائية أو منح نقدية أو منحهم بعض السلع الغذائية أو البترول، ولكن بشرط التزام الأسر بإرسال أبنائهم للمدارس، لاسيما الفتيات إلى المدرسة وأن يمضوا أكثر من 80 % من الوقت في المدرسة، أما من لا يلتزم فلن يحصل على شيء.

5 أسباب رئيسية

وحول أسباب عدم إرسال العائلات لفتياتها إلى المدرسة أوضحت بربانو أن هناك 5 أسباب رئيسية تتمثل في عدم توفر معلمات نساء، وعدم توفر مراحيض منفصلة للفتيات، وغياب عامل الأمان في توصيلهن إلى مقر المدرسة، بالإضافة إلى الظروف الصحية وعدم توفر أدوات العناية الشخصية للبنات، وظاهرة الزواج المبكر. وأكدت أن البرنامج يعمل مع العديد من الشركاء مثل اليونيسيف على سبيل المثال لبحث إمكانية توفير المزيد من المعلمات اللواتي يمكنهن تعليم الفتيات ليشعر الإباء والأهالي باطمئنان من إرسال بناتهم إلى المدرسة، وإنشاء مراحيض منفصلة، ومرافقين ثقة لإيصال الفتيات إلى المدرسة، بالإضافة إلى توفير حزم صحية للفتيات. وأوضحت أن اليونيسكو يعمل على الدمج بين عدة برامج إلى جانب توعية المجتمع من إبقاء الفتاة أطول فترة ممكنة في المدرسة، للحد من ظاهرة الزواج المبكر.

وأفادت بأن البرنامج يدعم 14 مليون طفل في مصر كما يدعم الحكومات ليس فقط في التغذية المدرسية وإنما أيضاً في النظام البيئي بأكمله، مضيفة: نحن نسهم أيضاً في تحسين البنى التحتية لبعض المدارس في مصر ونوفر التعليم الإلكتروني لطلبتها. وأكدت أن البرنامج يثمن التعاون الكبير مع حكومة الإمارات لاسيما مؤسسة دبي العطاء التي تعتبر أهم شريك في تأسيس «ائتلاف الوجبات المدرسية» ومساعدتهم لنا لإقامة علاقة أفضل مع الاتحاد الأفريقي، وهو أمر مهم للغاية.

60 مليار دولار

وأوضحت أن البرنامج ينفق سنوياً ما بين 50 إلى 60 مليار دولار سنوياً لتوفير وجبات المدارس حول العالم، أما برنامج الأغذية العالمية فيتطلب حوالي 700 مليون دولار بحلول عام 2022 للإنفاق على 18 إلى 20 مليون طفل، وهو تحدٍ كبير، حيث تصل نسبة النقص في صندوق الوجبات المدرسية إلى نحو بنسبة 40% سنوياً، مضيفة: «القمة التي عقدت الأسبوع الماضي شكلت منصة في الأيام القليلة الماضية لتكون قادرة على التحدث إلى الشركاء لنرى كيف يمكننا العمل معاً نحن بحاجة، ونحن نناقش منذ ثلاثة أيام مسألة تحسين التعاون ولكن الرسالة الأهم هي أننا بحاجة إلى العمل عبر القطاعات المختلفة والتكامل فيما بينها مثل قطاع التعليم والصحة والمالية والزراعة، ونحن بحاجة لتكامل وتعاون كل هذه القطاعات والوزارات معاً».

Email