المدير العام المساعد لمنظمة (الفاو) لـ « البيان »:

50 مليون عربي يفتقدون الأمن الغذائي

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، عن تهديد الجوع لـ 50 مليون عربي في الوقت الحالي، بسبب التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد 19، وعدم الاستقرار في المنطقة، وفي ظل التفاوت الكبير بين دول الدول العربية على مستوى القدرة على الصمود، ما خلف تأثيرات متباينة على الأمن الغذائي، مشيراً إلى أن البلدان ذات الاقتصاد الهش، والتي تعاني من غياب الاستقرار، هي الأكثر تضرراً.

وأوضح عبد الحكيم الواعر، في حوار خاصّ لـ «البيان»، أن هناك زيادة بـ 91 % في عدد الأشخاص المهددين بالجوع في المنطقة العربية، خلال العقدين الأخيرين، واصفاً الوضع بالمعقد، لأن ارتفاع النسبة يعدّ مؤشراً خطيراً على الابتعاد عن الهدف الثاني للتنمية المستدامة، الذي تتطلع منظمة الأغذية والزراعة إلى تحقيقه بنهاية 2030، ما يرفع حجم التحديات التي تواجهها، مثنياً في الوقت نفسه على جهود الإمارات في دعم برامج «الفاو»، ومكانتها المميزة داخل المنظمة، حيث تعد في مقدم الدول المانحة.

تكلفة باهظة

وقال المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو): التقرير الأخير للمنظمة، كشف عن 50 مليون عربي مهددين بالمجاعة، وعدم الوصول إلى تحقيق هدف التنمية المستدامة للقضاء على الجوع، نحن لا نتحدث عن مجرد الأكل، بل الغذاء الجيد والآمن والصحي، الفواكه، على سبيل المثال، طعام مغذٍّ وجيد، عندما ترتفع أسعارها، يلجأ الناس أصحاب الدخل المحدود إلى الغذاء غير الصحي، وهو مؤشر سلبي، لأن الغذاء غير الصحي، يؤدي إلى الأمراض الخطيرة والمزمنة، التي تعد تكلفتها باهظة على الدول، في ما يتعلق بقطاع الصحة.

وعن تأثيرات أزمة «كورونا» في مسألة الأمن الغذائي في الوطن العربي، قال عبد الحكيم الواعر: ضربت الجائحة مختلف القطاعات، وفي مقدمها الأمن الغذائي، بسبب تأثيرها في سلاسل القيمة، بما يتعلق بنقل السلع وشحنها، وآليات الوصول إلى الأسواق، إضافة إلى تأثيرات الأزمة الصحية على الجانب الاقتصادي، على مستوى تراجع ضخ الأموال والاستثمارات، واختلال التوازن بين العرض والطلب، ما انعكس بشكل سلبي مباشرة على الأمن الغذائي.

وأضاف: في بداية الجائحة، ساد الاعتقاد أن الأزمة صحية بالأساس، كانت جميع الدول قلقة بشكل كبير جداً على الوضع الصحي، لكن بدأت مشكلة الأمن الغذائي تطفو على السطح، خلال الـ 6 أشهر الأولى، حيث ظهر نقص حاد في السلع الغذائية الأساسية، بعدما قررت العديد من الدول إيقاف تصدير الحبوب والقهوة والشاي والأرز، ومنتجات فلاحية أخرى، وهي مواد تستوردها العديد من الدول، وتعتمد عليها بشكل كبير في أمنها الغذائي، وشملت التأثيرات السلبية، سلاسل القيمة في ما يتعلق بالتكلفة التي تضاعفت، بسبب الاشتراطات الصحية من ناحية التعقيم والإجراءات المطولة لشحن السلع، وكل هذه التعقيدات، أثرت في جودة الغذاء، من حيث الوفرة وسرعة الوصول والأسعار.

4 محاور

وبشأن أبرز مبادرات المنظمة لفائدة الشعوب التي تعاني مشكلة المجاعة، وانعدام الأمن الغذائي في المنطقة العربية، قال عبد الحكيم الواعر: «نحن كمؤسسة أممية دولية، نعمل من خلال مكاتب إقليمية، ونعتمد تطبيق استراتيجية شاملة على المستوى العالمي، قمنا بإطلاق خطتنا الأخيرة 2022 - 2031، لـ 10 سنوات مقبلة، مبنية على 4 محاور رئيسة، إنتاج أفضل، غذاء أفضل، بيئة أفضل، وحياة أفضل، مع عدم ترك أي أحد متخلفاً عن الركب، سنحاول تحقيق هذه المحاور، عبر حزمة من المشاريع والبرامج الموجهة للأقاليم والدول التي اجتهدت بدرجة أولى في تعزيز التنمية في المناطق الريفية، لأن أغلب مشاكل نقص الغذاء والفقر والجوع، في المناطق المهمّشة جغرافياً، سنركز عليها لزيادة الوعي، لدينا العديد من المبادرات، منها مبادرة «يداً بيد»، والتي تتشارك فيها «الفاو» مع الدول المانحة، لمعالجة نقص الغذاء وغياب الأمن الغذائي.

وضمن هذا السياق، كشف الواعر عن توقيع اتفاقية أمس مع الإمارات، في إطار مبادرة «يداً بيد»، لدعم المناطق الريفية المهددة بالجوع في زيمبابوي.

وعن أبرز الصعوبات التي تواجهها المنظمة لتنفيذ برامجها مع الدول، صرح عبد الحكيم الواعر، أن «الفاو»، كغيرها من المؤسسات والمنظمات الدولية، تعاني في الوقت الحالي من نقص في الموارد المالية، بسبب تعدد الالتزامات والكوارث الطبيعية التي أرهقت كاهل الدول، فيما يرتبط بمشاكل التنمية ومواجهة الأزمات، كلّما تحدث كارثة طبيعية أو كارثة يتسبب فيها الإنسان، تخلف وراءها طلبات متزايدة للموارد المالية، فتفشي الجائحة في العالم، جذب انتباه وأولويات الدول المانحة إلى قضايا اقتصادية أعمق داخلها، ما أدى إلى نقص كبير في الموارد المالية المتاحة للتنمية على مستوى العالم، لأن العديد من الدول الصناعية الكبرى، اتجهت إلى دعم اقتصادها، للحفاظ على الشركات الصغرى والمتوسطة، للحفاظ على فرص العمل، وجاء ذلك على حساب التمويلات التي كانت مرصودة للدول الفقيرة، إضافة إلى ذلك، ارتفاع نسبة الفقر في العالم.

وأضاف الواعر: «هذه التحديات تضع منظمة الأغذية والزراعة، وكثيراً من المنظمات والمؤسسات الدولية، تحت ضغوط إضافية، لمواجهة زيادة الطلب، نحن في المنظمة، نركز على جانب المعرفة، ودعم الخبرات بشكل كبير جداً، لأننا لسنا مؤسسة مالية».

وعن دور «إكسبو 2020» في تحقيق المزيد من الدعم لبرامج المنظمة، قال المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، إن «الفاو» ستقوم بتوقيع 3 اتفاقيات مهمة خلال مشاركتها في «إكسبو 2020». وأثنى عبد الحكيم الواعر، على دور الإمارات في دعم مبادرات منظمة الأغذية والزراعة، وقال: شراكتنا مع الإمارات مهمة جداً، لأنها في مقدم الدول المانحة، ولها مكانة كبيرة داخل منظمة الأغذية والزراعة، ومن خلال مكتبنا الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، نعمل على إبراز الدول الممولة في المنطقة عالمياً، وإبراز الدول الداعمة للتنمية، مثل دولة الإمارات.

دعم لا محدود

وأضاف: «بالإضافة إلى مساهمة الإمارات في مبادرة «يداً بيد»، لدعم المناطق الريفية المهددة بالجوع في زيمبابوي، ستدعم الإمارات مبادرة أخرى لمحاربة سوسة النخيل الحمراء، وهي حشرة تضرب النخلة، التي تعد مصدراً للعمل والدخل لشريحة واسعة في مجتمعات شمال أفريقيا، وفي الشرق الأوسط والسودان، ومنطقتنا العربية بشكل عام، وقال: اهتمامنا كبير للقضاء على هذه الآفة، ودولة الإمارات تدعم بشكل كبير جداً، هذه المبادرة، بالتعاون مع المنظمة، من خلال تطوير الأبحاث وبرامج تنمية القدرات».

وتابع: «وجود ممولين من داخل الأقاليم التي تعاني مشكلة الأمن الغذائي، أحد أسباب وجودنا في هذا المحفل الكبير، كما نطمح لزيادة تعميق الشراكات لتوسيع مساعدة الدول الأخرى في المنطقة، الأكثر حاجة للجانب الفني والتخطيطي والبحث للقضاء على هذه المشكلة».

وكشف عبد الحكيم الواعر، أن حجم التمويل المقدم لمنظمة الأغذية والزراعة، لا يصل إلى مليار دولار سنوياً، وهو مبلغ قليل، مقارنة بالتحديات التي تواجهها، مشيراً إلى أن قلة الموارد المالية، تدفع «الفاو» إلى تحديد أولويات قصوى لدعم الدول.

وقال: «منظمة الأغذية والزراعة، هي إحدى منظمات الأمم المتحدة المكلفة بمتابعة أهداف التنمية المستدامة، للقضاء على الجوع، هذه أولويتنا، والمقياس الصحيح، هو عدد الأشخاص المهددين بالجوع على وجه الأرض، كلما قلّ العدد، كان هناك تطور في تنفيذ البرامج، كلما زاد، أصبحت القضية ملحّة، وأكثر حاجة لبذل المزيد من الجهود، على هذا الأساس، تحدد احتياجات المنظمة، في المرحلة الحالية، هناك صعوبة في الحصول على التمويلات اللازمة، لأن الجائحة أظهرت تحديات كثيرة، باعتبار أن الدول المانحة أصبحت لديها أولويات أخرى، وحاجتها للتمويل زادت».

Email