ابق على تواصل مع الفردوس

"ابق على تواصل مع الفردوس"؛ جملة لن تحتاج إلى كثير من الوقت لتدرك مغزاها أول ما تطأ قدماك أرض جزيرة سيشل، تلك الكلمات مطبوعة على خلفية بطاقات التعريف الخاصة بالقائمين على إدارة فندق هيلتون سيشيل، ولكن وقبل أن تحط الطائرة بك في الجزيرة ستشاهد من النافذة جمال هذه الأرض التي تكتسي حلة خضراء بالكامل، فلا تكاد تفرّق بين المنازل والأشجار والأزهار، وسيقفز إلى ذهنك مباشرةً فيلم "Cast Away" للنجم الأمريكي توم هانكس، حين لفظه قاربه المطاطي إلى أرض جزيرة بكر لم تدسها قدما أحد قبله؛ أو فيلم "The Beach" حينما يبحث ليوناردو دي كابريو عن الجنة في إحدى الجزر النائية، ويخيب أمله بعد مغامرات كثيرة؛ ولكن الفرق بيننا وبينه أننا وجدنا تلك الجزيرة الحلم.

اليوم الأول: لحظات ذهول
أربع ساعات وأربعون دقيقة تقريباً مدة الرحلة التي استغرقتها طائرة إيرباص 777 – 200 على متن أسطول طيران الإمارات من دبي إلى جزيرة سيشل الأكبر "ماهي" وبدعوة من مجموعة فنادق هيلتون العالمية، ختمنا الرحلة بلحظة ذهول فور مشاهدتنا جمال المنظر؛ غيوم كثيفة تعانق بحنو رؤوس قمم جبال الجزيرة. وفي الانتظار كان فريق الفندق هيلتون الذي أنهى إجراءات الدخول خلال عشر دقائق فقط.

وما لبثنا أن جلسنا مشدوهين إلى نوافذ الميكروباص الذي أقلنا من المطار إلى الفندق، وفي ذلك الوقت كان يدور في رأسي تساؤل، كيف لجزيرة يبلغ طولها 27 كم وبعرض 7 كم أن يستغرق الطريق بين المطار والفندق 45 دقيقة للوصول! لكن التعرجات الكثيرة والمنحنيات الشديدة أجابت بسهولة عن هذا التساؤل. كما أزالت ماري ريكس مديرة التسويق والتجارة الالكترونية في فندق هيلتون سيشل بعض الغموض الذي يكتنف تاريخ وحضارة الجزيرة وقدمت معلومات وافية عن الجزيرة والفندق.

وما إن وصلنا إلى الفندق حتى أخذت ماري تشرح لنا مرافق الفندق، وقالت: "يتميّز منتجع وسبا هيلتون سيشيل نورثولم بموقعه الاستثنائي فيما يشبه الملاذ المعزول، فهو يقع بين تلال وتجاويف خليج بيو فالون في جزيرة ماهي ذات المناظر الخلّابة التي لا تخبو، ويحظى هذا المنتجع الفاخر بتاريخٍ طويل كونه أحد فنادق سيشيل الأولى". وأشارت إلى أن الفندق كان الوجهة المفضلة لدى إيان فليمنج، مبتكر شخصية جيمس بوند، حيث ألهمته الطبيعة المذهلة المحيطة واحدةً من أشهر روايات العميل السري 007 "فور يور آيز أونلي". وأضافت: "يضم المنتجع مجموعةً متنوعةً من الفيلات ضمن ثلاث فئاتٍ؛ فيلات "ديلوكس أوشن فرونت"، وفيلات "أوشن فيو هيلسايد"، وفيلات "جراند أوشن فيو بول" التي تمّ افتتاحها هذا العام".

اليوم الثاني: طبيعة تحبس الأنفاس

في بداية اليوم الثاني كان جدول الرحلة ينص على جولة تعريفية لأبرز معالم جزيرة "ماهي"، وكانت الرحلة رائعة للغاية، لكنها متعبة بعض الشيء بسبب كثرة المنحنيات والصعود والنزول في الجزيرة، إلا أن المناظر المبهرة كانت تستحق هذا التعب، فخلف كل هضبة كان ينتظرنا منظر يحبس الأنفاس، وعلى كل قمة هناك فسحة تكتظ بالسائحين المتلهفين لجمال المناظر، وشواطئ الجزيرة التي تخلب الألباب. إلا أن المحطة الأبرز كانت "حديقة الملك" الجبلية، التي تضم بعض أنواع الحيوانات التي تستوطن الجزيرة، إضافةً إلى أبرز أنواع الأشجار والنباتات الاستوائية الرائعة.

لا أخفيكم سراً أن جمال الفلل الجديدة من طراز "جراند أوشن فيو بول" التي بناها أخيراً فندق "هيلتون سيشيل نورثولم" كان يشدني للعودة بأسرع وقت، حيث كنت أعتزم العوم في حوض السباحة الخاص بالفيلا، إلا أن الأمطار الاستوائية الغزيرة التي هطلت بطّأت من همتي، وكادت تطيح بمخططي، ولكنها لم تمنعني أبداً من السباحة تحت المطر، وكانت المرة الأولى لي في حياتي، وهي الأشد إمتاعاً. ولا بد أن أذكر أن الفيلات الـ 16 التي افتتحت في نوفمبر الماضي تضمّ حوض سباحة رائعاً، وتتمتع بالخصوصية والأجواء الشاعرية والمناسبة لتمضية شهر عسل استثنائي.

اليوم الثالث: اللعب مع القرش
بعد وجبة الإفطار الشهية في مطعم "هيلتوب" كانت الانطلاقة إلى رصيف بيل أومبري جيتي للمراكب الصغيرة، ومنه إلى جزيرة سيلويت التي تبعد مسافةً تقدر بـ24 كم، ومنتجع وسبا "هيلتون سيشيل لابريز" الذي يمتدّ مسافة 2.5 كم على طول شاطئ بكر من الرمال الناعمة، والفيلات الحديثة والفسيحة. كان المنظر رائعاً للغاية، وكأننا في رحلة بحرية إلى الجنة.

بعد الظهر كان موعدنا مع رحلة غطس لطالما تمنيتها، فبعد رحلة قصيرة بالقارب استمرت 15 دقيقة وصلنا إلى حيد بحري غاية في الجمال، وهناك كانت المغامرة بكل أبعادها، فلأول مرة في حياتي أمارس رياضة الغطس، ولحسن حظي كان الماء صافياً كالزلال، ولأول مرة أيضاً أشاهد الأسماك في بيئتها الطبيعية، وكنت ألاحقها كما يلاحق الإنسان حلمه، لا يريده أن ينتهي، إلا أن لاحت لنا سمكة قرش من بعيد، ورغم أن خبراء الغطس الذين معنا طمأنونا بأن القرش صغير و يعد "Baby shark" إلا أن الرهبة لم تفارق قلبي وذهني. وختمنا تلك الرحلة المثيرة ببعض الفاكهة الاستوائية والبرتقال على سطح المركب وسط ضحكات الجميع ورواياتهم عما شاهدوه تحت الماء. 

ويذكر أن منتجع وسبا "هيلتون سيشيل لابريز" يمتلك مركز الغوص الوحيد الحائز على 5 نجوم "ناشيونال جيوغرافيك" من منظمة "بادي" العالمية للغوص في منطقة السيشيل، وهو مزوّد بحجرة إزالة الضغط، ومعدّات مناسبة لجميع مستويات الخبرة، ما يضمن توفير مغامرةٍ لا تنسى. كما يقدّم المنتجع مزيجاً فريداً من عناصر الاسترخاء والرفاهية، مثل الشواطئ البكر، والفيلات الحديثة والفسيحة، والسبا من الدرجة الأولى، والمطاعم الفاخرة، إلى جانب العديد من الأنشطة المتنوعة، كالتجول داخل أكبر الحدائق الوطنية في سيشيل أو استكشاف الحديقة البحرية الوطنية المحيطة بها.

كما يوفّر لضيوفه خمس فئاتٍ من الفيلات الفسيحة والعصرية، والتي يطغى على كلٍ منها الأسلوب الاستوائي العريق والأنيق، وأبرزها فيلا "بريزيدنشال" التي تتمتّع بإطلالاتٍ بانورامية على الجبال الخلابة أو على الشواطئ. بينما تحظى فيلات "ديلوكس هيلسايد بول" و"ديلوكس بيتش فرونت بول" بحوض سباحةٍ خاصّ يقع وسط حديقة منعزلةٍ، وحوض استحمامٍ دائري كبير. وتتميّز فيلات "بيتش" الأنيقة بموقعها الذي يبعد خطوات عن الشاطئ. بينما تقع فيلات "جاردن" في أجواءٍ طبيعيةٍ خضراء وتوفر جميع وسائل الراحة.
 
اليوم الرابع: رحلة في الأدغال

أعتقد أن النوم هنا غير مستحب، فمن غير الجائز أن تمضي أوقاتك في مثل هذه الجزيرة الرائعة وأنت نائم! واليوم موعدنا مع رحلة لاكتشاف معالم الجزيرة. كان في رفقتنا سيراً على الأقدام بعض من موظفي الفندق، وكانت مهمتهم إرشادنا وحمل طعام الغداء الذي سنتناوله في أحضان الطبيعة أو على الشواطئ الذهبية. ورغم أنني أعاني بعض الألم في الظهر إلا أن جمال الجزيرة جعلني أنسى ألمي، ورحت استكشف كل شيء، من الحشرات إلى الطيور والسلاحف والأعشاب والنباتات.. كان كل شيء مبهراً، وكأن الطبيعة أعدت نفسها جيداً لتمنحنا أقصى درجات الإدهاش.

نكهات استوائية ومحلية
تجربة المذاق والنكهات اللذيذة لا يمكن أن تنسى، خاصةً وأن هناك قائمة متنوعة وغنية من المأكولات والنكهات الأوربية والاستوائية بانتظارك، والتي يعدها أشهر الطهاة العالميين الحائزين جوائز ميشلين العالمية؛ حيث يقدم مطعم "إيتاليان بورتوبيللو، للذواقة تجربةً فريدةً من أشهى الأطباق إلى جانب تشكيلة واسعة من المشروبات، بينما يقدّم مطعم "ساكورا" بالقرب من الشاطئ السوشي وأشهى مأكولات المطبخ الشرق آسيوي التقليدية المحضرة بالوسائل الحديثة.

ويتميّز كافيه "داوبان" بتشكيلته الواسعة من أشهى الوجبات العالمية والمحلية. في حين يقدّم مطعم "بيتزاريا" البيتزا الطازجة ذات المذاق العريق إلى جانب تشكيلة من الأطايب الإيطالية المميّزة. ويفتخر "لابريز" بتقديم "جران كاز بلانتيشن هاوس" وهو المطعم الأكثر تميزاً في المنتجع، الذي يقوم فيه خبراء "جران كاز" بإحياء هذا المكان الفريد عبر منح الضيوف تجربةً استثنائية مستوحاة من مزارع جزر السيشيل المحلية.

راحة استثنائية
تجربة السبا كانت فريدة جداً، خاصةً وأنها تتم في أجواء الطبيعة وبالقرب من الأشجار والصخور، مما زاد في إحساس الراحة، كما أن سبا "سيلويت" في لابريز يعدّ واحداً من أجمل المنتجعات الصحية وأروعها في العالم، فهو مصمّمٌ خصيصاً لاستحضار جميع عناصر الطبيعة، وتوفير تجربةٍ عريقة ومفيدة للضيوف وسط أجواءٍ طبيعية ونقية، مع قائمةٍ متنوعة من الجلسات العلاجية المناسبة لجميع المتطلبات.

ويتميز السبا بأجنحته العلاجية الداخلية والخارجية الفاخرة والمخصّصة للأزواج، والتي توفر إطلالاتٍ لا مثيل لها على المنحدرات المكسوة بالأدغال لجبل دوابان والمحيط الهندي. وتقدّم قائمة السبا المتكاملة العديد من الفوائد الجمّة، بفضل دروس تعليم فن اليوجا القديم والأجواء الباعثة على الهدوء والطمأنينة التي توفرها الأساليب العلاجية العريقة التي انتقلت أسرارها من جزيرة بالي، إلى طقوس منتجع جزيرة السيشيل، والتي من شأنها أنّ تجدّد حيوية ونشاط الجسد وتخلّصه من السموم.