بلغ عدد الشركات العاملة في مجال العملات الرقمية في الإمارات 54 شركة مرخصة، وفق بيانات رسمية صادرة عن سجل التراخيص الصادر عن وزارة الاقتصاد والتي أظهرت حركة تدريجية في تأسيس الشركات العاملة بمجالات الأصول الرقمية داخل الدولة واستحداث أنماط جديدة لأنشطة الأعمال تواكب التطور المالي فيما توقع مختصون في مجال التداول والعملات الرقمية أن تسهم التشريعات المحلية المرتقبة لتقنين العملات الرقمية في تعزيز الثقة بها، وزيادة جاذبيتها للمستثمرين والشركات والتنافسية على تبوؤ الريادة في هذا السوق المستحدث مع تعزيز الفرصة لربط الكثير من السلع والخدمات محلياً بالعملات الرقمية المعتمدة.
وقال خبراء ومحللون ماليون إن الإمارات تستهدف أن تكون مركزاً عالمياً رائداً في تنظيم الأصول الرقمية والعملات المشفرة وذلك من خلال توفير بيئة تنظيمية مشجعة على الابتكار ومستدامة للنمو الاقتصادي الرقمي، مشيرين إلى أن وضع سياسة منظمة للعملات المستقرة تحت إشراف المصرف المركزي سيؤدي إلى ارتفاع الطلب عليها، وبالتالي تعزيز قيمتها واستقرارها مقارنة بالعملات المتقلبة مثل البيتكوين بما قد يؤدي لهيكلة سوق العملات الرقمية وإعادة توزيع الاستثمارات بين العملات.
وتتفاوت الأنشطة المرخصة محلياً طبقاً لبيانات حديثة لسجل التراخيص الاقتصادي بالدولة ما بين تصميم وبرمجة العملات المشفرة إلى جانب التراخيص الممنوحة لأنشطة التعدين، بينما أظهرت قائمة نوعيات التراخيص استحداث فئات متاحة للترخيص بأنشطة مرتقبة مثل خدمات إصدار العملات الافتراضية المستقرة وخدمات الحفظ والنقل لها وتبادل العملات الرقمية وتشغيل أسواق العملات المشفرة والخدمات المالية المتعلقة بها.
فيما شملت أنماط التراخيص المتاحة في قطاع الأصول الافتراضية بشكل عام أنشطة عديدة مثل تشغيل منصات الأصول الافتراضية وإصدار الأصول وإدارتها وخدمات الاستثمار بها وخدمات الاستبدال وخدمات الإقراض الخاصة بها وتراخيص خدمات الوساطة لتلك الأصول. وأشار الخبراء إلى وجود زخم في حركة العملات الرقمية .
حيث بات السوق المحلي في صدارة أسواق المنطقة من حيث الطلب وأحجام العملات المتداولة وعدد العملاء مع دخول المنصات المتعارف عليها في تداول العملات الرقمية والحصول على تراخيص لمزاولة الأنشطة محلياً في ظل التوقعات والتقارير الإيجابية التي تظهر رغبة شركات دولية في مجال الأصول الافتراضية والعملات الرقمية في إنشاء مرافق تشغيلية لها في الإمارات ولا سيما في أبوظبي ودبي بما يرسي مركزاً إقليمياً في تداول الأصول الرقمية.
إطار تنظيمي
وأكد علي حسن الرئيس التنفيذي لشركة «ايفست» للتداول، أن تقنين العملات المستقرة سيعزز الثقة بها وقد يؤدي إلى تحويل جزء من السيولة من العملات المتقلبة مثل البيتكوين إلى العملات المستقرة بما يعمل على تقلص نسبي بقيمة البتكوين والعملات المماثلة ولكنه قد يوفر استقراراً أكبر في السوق الرقمي بشكل عام.
مشيراً إلى أن وجود إطار تنظيمي للعملات المستقرة قد يشجع المزيد من المؤسسات المالية على الدخول في سوق العملات الرقمية بما يزيد من حجم السيولة والطلب على العملات الرقمية المختلفة، بما قد يؤثر ذلك في تقليل جاذبية العملات المتصدرة للسوق مثل البيتكوين كوسيلة لتخزين القيمة إذا كانت العملات المستقرة تقدم نفس الأمان والاستقرار مع دعم تنظيمي قوي.
وقال حسن إن تطور أنظمة القطاع المالي وانفتاح السوق المحلي وتوسعه نحو إرساء بنية تشريعية ستساعد بشكل عام على انتشار تداول الأصول الافتراضية والتي بدأت معها خطوات واسعة نحو منح التراخيص المختلفة في أنشطة تداول وتشغيل الأصول الافتراضية وتسابق المنصات والشركات الدولية العاملة في مجالات الأصول الافتراضية المختلفة على التسجيل في السوق المحلي.
سياسات مستقبلية
وقال أحمد أسامة الخبير والمحلل الاقتصادي إن دولة الإمارات تتأهب لدور ريادي في تطوير سياسات مستقبلية للعملات الرقمية والأصول الافتراضية وفق الذي أشار لفاعلية خطوات طويلة الأجل تتبعها الدولة مثل إنشاء إطار تنظيمي واضح للأصول الرقمية من خلال هيئة الأوراق المالية والسلع وسلطة دبي للخدمات المالية وأبوظبي المالي العالمي بهدف تنظيم وإدارة استخدام العملات الرقمية والأصول الافتراضية مع التركيز على حماية المستثمرين وضمان الامتثال للمعايير الدولية.
وتابع أسامة إن الدولة تعمل على توفير بيئة تنظيمية مشجعة على الابتكار ومستدامة للنمو الاقتصادي الرقمي منها مشروع «عملة الإمارات الرقمية» الذي يهدف إلى تطوير عملة رقمية مدعومة من المصرف المركزي ومشاريع تعاون إقليمية مثل مشروع «عابر» مع المملكة العربية السعودية لتطوير عملة رقمية تستخدم عبر الحدود، في الوقت الذي تعمل فيه الدولة على تعزيز التعاون مع الدول الأخرى لتنسيق الجهود في تطوير سياسات الأصول الرقمية بما يواكب تسارع التعامل بتلك العملات وتوقعات انتشارها.