إقبال كبير على الطروحات الأولية يعكس متانة اقتصاد الإمارات

الإدراجات الجديدة قوة داعمة لنشاط الأسواق المحلية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تترقب أسواق المال الإماراتية نشاطاً في الطروحات الأولية بعد الإعلان عن طرح مجموعة الأنصاري للخدمات المالية جزءاً من أسهمها العادية بنسبة 10 %.

وإدراجها في سوق دبي المالي في أبريل الجاري، في أول طرح عام أولي يشهده السوق في عام 2023، والثالث في الإمارات بعد طرح شركتي «أدنوك للغاز» و«بريسايت» في سوق أبوظبي للأوراق المالية، على الرغم من التقلبات الاقتصادية العالمية.

ومن المتوقع أن تتوالى الإدراجات الضخمة المرتقبة، وهو ما يعد بمثابة قوة داعمة لتعزيز نشاط الأسواق ومنح تعاملاتها العمق المطلوب.

وشهدت أسواق المال المحلية 11 طرحاً أولياً لشركات جديدة خلال عام 2022، وجمعت هذه الطروحات ما يناهز 51.2 مليار درهم، ووصل إجمالي الطلب على هذه الطروحات إلى أكثر من 1.454 تريليون درهم.

وإلى جانب الطروحات الأولية، شهدت الأسواق العام الماضي عدة إدراجات مباشرة، من بينها إدراج أسهم «تعاونية الاتحاد» في سوق دبي المالي، إضافة إلى إدراج شركة «إنفيكتوس للاستثمار» في «سوق نمو» بسوق أبوظبي، إلى جانب إدراج أسهم «بيت الاستثمار الخليجي» و«جي إف أتش» كإدراج مزدوج في سوق أبوظبي للأوراق المالية.

ووفق رصد لـ«البيان»، تمضي العديد من الشركات المحلية في خططها للإدراج في الأسواق المحلية خلال الفترة المقبلة بعدما أظهرت الأسواق مرونتها في مواجهة التقلبات العالمية.

وحققت نجاحات قياسية العام الماضي مع إدراج «ديوا» و«بروج» و«موانئ أبوظبي» و«سالك» و«إمباور» و«تيكوم» و«أمريكانا» و«برجيل» و«تعليم» و«بيانات» و«إي دي سي كوربوريشن»، استكمالاً للطروحات التي شهدتها الأسواق عام 2021، وشملت «فيرتيغلوب» و«أدنوك للحفر» و«ألفا ظبي»، ومجموعة «ملتيبلاي».

صندوق اكتتاب

أطلقت أبوظبي صندوقاً لصفقات الاكتتاب بقيمة 1.3 مليار دولار، لتشجيع ودعم الشركات الخاصة على اتخاذ خطوة إدراج أسهمها في أسواق الأوراق المالية المحلية.

فيما يعتزم هذا الصندوق الاستثمار في صفقات اكتتاب لخمس إلى عشر شركات خاصة في كل عام، مع الاهتمام بشكل خاص بالشركات الصغيرة والمتوسطة.

وأبدت 50 شركة ما بين محلية وعائلية وإقليمية الرغبة والاهتمام بالإدراج بسوق أبوظبي للأوراق المالية، ومن المتوقع إدراج 8 شركات من بينها خلال العام الجاري، حسب ما أكده سامح القبيسي، المدير العام للشؤون الاقتصادية بدائرة التنمية الاقتصادية-أبوظبي.

فرص وخيارات

إضافة لذلك، تشهد الطروحات الأولية في أسواق الإمارات إقبالاً قياسياً من قبل المستثمرين والصناديق السيادية والمحافظ الاستثمارية العالمية بما يعكس الثقة الكبيرة في المنهج الاقتصادي القوي الذي تنتهجه دولة الإمارات في شركاتها ومؤسساتها الكبرى، إلى جانب توفير فرص جاذبة وخيارات استثمارية أوسع أمام المستثمرين للمشاركة في مسيرة النمو القوي للاقتصاد الوطني.

ووفق رصد «البيان»، واصل سوق دبي المالي الزخم القوي لقطاع الاكتتابات العامة الأولية الذي شهده خلال عام 2022.

حيث تم تنفيذ خمسة اكتتابات عامة أولية بنجاح لافت جمعت من خلالها الشركات الجديدة 31 مليار درهم، في حين وصل إجمالي قيمة طلبات الاكتتاب إلى مستوى قياسي بلغ 673 مليار درهم، ما انعكس على مستوى السيولة التي بلغت 90 مليار درهم 2022 بنمو 25 %.

ووصل عدد المستثمرين الجدد بالسوق إلى 167 ألف مستثمر، ليتخطى الإجمالي مليون مستثمر أفراداً وشركات، بما يُعزز المكتسبات التي سيحققها السوق خلال عام 2023.

تعزيز التنافسية

وتماشياً مع هذا النهج، أكد خبراء ومحللو أسواق مال أهمية الطروحات الأولية للشركات في جذب مستثمرين جدد للسوق، بغرض تعزيز تنافسيتها ودعم مرونتها المالية، لا سيما أن الإمارة تدخل مرحلة جديدة من تطور الأطر التشريعية لتطوير سوق المال، وضمان الريادة بوصفها عاصمة مالية عالمية، ليصبح المستثمر في طليعة المستفيدين. وقال الخبراء لـ«البيان» إن سوق دبي حقق في 2022 طفرة قوية تمثلت في 5 اكتتابات جديدة هي الأولى منذ 2017، وصلت قيمة الطلب على الاكتتاب بها إلى 673 مليار درهم، وتمكنت من جمع 31 مليار درهم.

طروحات تاريخية

وأشار الخبراء إلى أن الطروحات المرتقبة في الأسواق المحلية، وخصوصاً سوق دبي، ستكون من أضخم الطروحات في تاريخ الأسواق المحلية، وستسهم في زيادة عمق الأسواق وتنويع القطاعات والخيارات أمام المستثمرين، متوقعين أن يشهد العامان الحالي والمقبل طفرة كبيرة في أداء أسواق المال في الدولة عموماً.

وفي سوق دبي المالي خصوصاً، لا سيما مع عودة نشاط الطروحات الأولية في أسواق الدولة خلال العام الجاري مع شركات مثل «أدنوك للغاز» و«الأنصاري».

وأضافوا أن هناك العديد من الشركات تدرس حالياً التحول إلى مساهمة عامة، لكنها تتحين الفرصة المناسبة، خصوصاً بعد النشاط الأخير الذي تشهده السوق المحلية وارتفاع السيولة لمستويات غير مسبوقة.

جاذبية استثمارية

قال الخبير المالي والمحلل الاقتصادي، وضاح الطه، لـ«البيان»: إن الاكتتابات تعطي قوة داعمة للأسواق المالية بالدولة، وترفع من الجاذبية الاستثمارية، خاصة إذا كانت نوعية ومنتقاة بعناية جيدة، مؤكداً أنها تشكل فرصاً للمستثمرين في ظل التاريخ الإيجابي الجيد والأرباح المستقرة للشركات على مدار السنوات الماضية.

وأوضح أن نشرة الاكتتاب باتت تذكر وعود بتوزيعات نصف سنوية، وهذا تطور في أسواقنا الناشئة، ويعطي رسالة قوية بأن أداء الشركة القادم هو أداء جيد لنجاح الاستثمارات وسمعة السوق، مشدداً على ضرورة انتقاء القطاعات لتضيف عمقاً للسوق حتى تكون ممثلة للاقتصاد الكلي الحاضن لتلك الأسواق، وبالتالي تصبح تلك الاكتتابات ذات قيمة أساسية.

وأكد الطه أن سوق دبي المالي يمتلك جميع العوامل التي تعزز مكانة الإمارة عاصمة مالية عالمية، فهو سوق دولي به سلطة مالية مستقلة وقوانين دولية وحكام وقضاة ماليون متخصصون لديهم خبرة كبيرة.

فضلاً عن بنية تحتية مميزة من مبانٍ وموانئ ومطارات من الطراز الأول، إلى جانب بنية تشريعية مرنة، وكوادر مؤهلة، ونظام مصرفي قوي، متوقعاً انتقال المزيد من الشركات العالمية إلى دبي، خاصة الأوروبية، خلال السنوات المقبلة.

أسس قوية

أكد رائد دياب، نائب رئيس قسم البحوث في شركة «كامكو إنفست»، اهتمام الشركات الصغيرة والمتوسطة بالمنطقة باستكشاف فرص الإدراج في سوق دبي، مشيراً إلى أنه في الفترة السابقة لوحظ أن هناك اهتماماً كبيراً ومتزايداً من قبل المستثمرين بالأسواق الخليجية، خاصة الإماراتية، وبالطروحات الأولية فيها.

وقال دياب: «رأينا ذلك جلياً بنجاح في العديد من الاكتتابات في الفترة السابقة.

على الرغم من التراجعات التي رأيناها بالأسواق العالمية نتيجة المخاوف التي سيطرت على معنويات المستثمرين حيال تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي والدخول في مرحلة ركود في ظل التشديد النقدي من قبل البنوك المركزية الرئيسية ومع استمرار التوترات الجيوسياسية وتداعيات سلاسل التوريد، فإن الأسواق الإماراتية كانت بمعزل عن عمليات البيع الحادة والتقلبات الكبيرة.

ويرجع ذلك إلى المركز المالي القوي للدولة».

عمق الأسواق

أفاد أرون ليزلي جون، مدير محللي السوق لدى «سنشري فاينانشال»، بأن التهافت الكبير على الاكتتابات العامة الأولية في الإمارات أدى إلى تعزيز جاذبية أسواق الأسهم المحلية وتعزيز سيولة البورصة المحلية. وشجعت الاكتتابات العامة الناجحة الشركات الأخرى على أن تحذو حذوها.

وبالتالي يكون لها تأثير كبير على جذب شركات عالية الجودة من مختلف القطاعات لإدراجها، وكونها نقطة جذب للمستثمرين المحليين والدوليين الباحثين عن الفرص، ما يسهل على المستثمرين توسيع محفظتهم الاستثمارية لتشمل شركات أخرى في الإمارات والمنطقة.

وأوضح أن دبي شهدت موجة من الاكتتابات العامة الأولية في عام 2022 مع النجاح الكبير الذي حققته هيئة كهرباء ومياه دبي «ديوا»، التي جمعت 22.3 مليار درهم، وتتطلع الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى الإدراج في أسواق دبي المالية كجزء من استراتيجيتها لمضاعفة حجم سوق رأس المال بمقدار 3 تريليونات درهم. ونظراً للأساسيات القوية.

وعرض القيمة المغرية، والتغيير في تصورات المستثمرين الدوليين، شهدت الإمارة أكبر مستوى من العروض من حيث القيمة الإجمالية في عام 2022 منذ عام 2008، ما دفع إلى تركيز المزيد من المستثمرين على الاكتتابات العامة في الإمارات.

وأضاف: «نظراً للإصلاحات المختلفة، تحتل دبي المرتبة الأولى إقليمياً، والمرتبة 17 عالمياً في مؤشر المراكز المالية العالمية بين 190 دولة في عام 2022 تقوم بأعمال تجارية، كما تم إنشاء مركز دبي للأمن لضمان التنفيذ السليم لأفضل الممارسات الدولية، ما يجعل من سوق دبي المالي مركزاً دولياً وإقليمياً يجمع أكثر من 207 جنسيات».

زيادة السيولة

قال دانيال تقي الدين، الرئيس التنفيذي لشركة «بي دي سويس»: إن الاكتتابات العامة تعتبر من الأحداث الرئيسية في حياة الأسواق المالية؛ لأنها تضم العديد من الجهات الفاعلة المهمة، مثل البنوك الاستثمارية والشركات الكبيرة، وكذلك السلطات التنظيمية، وهذا بدوره يساعد في جذب انتباه المستثمرين وجذب السيولة إلى السوق.

وأشار إلى أنه يمكن أن يشهد سوق دبي المالي اهتماماً أكبر من قبل المستثمرين المحليين والدوليين؛ نظراً لتراجع نشاط الاكتتاب العام في مناطق أخرى.

فضلاً عن الجهود التي بذلتها الحكومة المحلية التي سعت إلى تعزيز نشاط سوق دبي المالي، وأظهر هذا بالفعل نتائجه في عام 2022 مع العديد من الاكتتابات الأولية الناجحة، كما يوجد في دبي عدد كبير من الشركات القوية التي أصبحت متاحة للمستثمرين، وهي فرص استثمارية مثيرة للغاية.

Email