الأسهم الوطنية تتماسك عند مستوياتها المعتادة متجاهلة التقلبات العالمية

خبراء لـ "البيان": لا انكشافات محلية على بنوك الأزمة العالمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد خبراء ومحللون ماليون أن أسواق الأسهم المحلية أظهرت مرونة في مواجهة التقلبات العالمية، واستمرت في أدائها المعتاد مدعومة بعوامل عدة، في مقدمتها قوة ومتانة الاقتصاد الوطني، وإعلان الشركات والبنوك المدرجة عن أرباح قياسية وتوزيعات سخية لعام 2022، فضلاً عن صلابة القطاع المصرفي المحلي وقدرته على صد الأزمات الخارجية واحتياطات السيولة الكافية، إلى جانب الادراجات الجديدة، التي تعزز نشاط الأسواق، إضافة إلى انعدام انكشاف القطاع المالي المحلي على البنوك العالمية المتعثرة إلى جانب خطط التحفيز الحكومية المستمرة.

وأظهرت أسواق الأسهم المحلية خصوصاً أسهم البنوك تماسكاً منذ بداية الأزمة المصرفية العالمية، وبقي أداؤها في المستوى الذي سبق الأزمة. وخلال اليومين الماضيين سجل السوقان نسب صعود وهبوط طفيفة وبقيا عند مستوياتهما المعتادة حيث صعد مؤشر سوق دبي المالي 0.18% في ختام تداولات الأربعاء وانخفض 0.11% في جلسة الأمس، وفي أبوظبي تراجع مؤشر السوق 0.6% الأربعاء و0.87% الخميس، وهي نسب تراجع لا تذكر مقارنة بتقلبات الأسواق العالمية.

وقال الخبراء الذين استطلعت «البيان» آراءهم، إنه رغم المخاوف من حدوث أزمة مصرفية عالمية، بعد انهيار بنك سيليكون فالي الأمريكي وتأثيراته العالمية، ثم تعثر بنك كريدي سويس بسويسرا، فإن الشركات المدرجة ستحقق أرباحاً تفوق التوقعات خلال العام الجاري، وهو ما يعد دليلاً على نجاحها في تخطي تحديات الاقتصاد العالمي، مستفيدة من خطط التحفيز التي أقرتها الحكومة لتجاوز التحديات وتسريع التعافي والتأسيس لمرحلة جديدة من النمو والانتعاش الاقتصادي.

مرونة كبيرة

وقال رائد دياب نائب رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية في «كامكو إنفست»، إن سوقي دبي وأبوظبي الماليين، أظهرا مرونة كبيرة وتماسكاً في ظل انكشافات ضئيلة للقطاع المالي على البنوك العالمية المتعثرة، كما أن أساسيات السوق لا تزال قوية والمتمثلة بالنتائج الجيدة للشركات المدرجة عن السنة المالية 2022 ونمو التوزيعات على الرغم من التحديات التي تواجه الاقتصادات العالمية كالركود والتضخم، بالإضافة إلى متانة القطاع المصرفي ومرونته واحتياطات السيولة الكافية والدعم الحكومي المستمر لتعزيز النمو الاقتصادي، فضلاً عن تخطي جميع الصعوبات والمتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية.

وأشار إلى ضرورة أن يكون هناك بعض الحذر الاستثماري في الفترة المقبلة لحين وضوح تداعيات الأزمة، لكن الدعم الحكومي الأمريكي والتطمينات حيال الودائع والتوقعات بأن يخفف الفيدرالي الأمريكي من سياسته النقدية المتشددة حيال رفع أسعار الفائدة وأن يكون أقل حدة في اجتماعاته القادمة، قد تخفف من حدة التقلبات وتدعو إلى الاستقرار.

إدراجات جديدة

وأكدت فرح مراد المحللة المالية، أن الأسواق المحلية ستبقى تتمتع بظروف جيدة، نظراً لقوة أساسيات الاقتصاد المحلي وشهية المستثمرين على الاكتتابات العامة الأولية الحالية وانتظارهم لعمليات أخرى في المستقبل، وستساعد هذه الإدراجات في محافظة الأسواق الإماراتية على مستوياتها الحالية والانتعاش.

وتوقعت استمرار الأداء القوي للشركات المدرجة خلال العام الجاري وخصوصاً في ظل استمرار الاقتصاد الإماراتي بتحقيق مستويات نمو قوية، وكذلك انعكاس ارتفاع أسعار الفائدة المرتفعة على حجم السيولة العالية للبنوك والتي تعزز من ربحية الشركات واستمرار العديد من القطاعات بتحقيق أداء قوي ونمو مستدام.

وأشارت إلى تحسن آمال المستثمرين بصفة عامة أمام أزمة القطاع المصرفي بفضل مبادرات الحكومات ومؤسسات الرقابة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والتي مكنت من حصر المخاوف إلى حد معين.

محفزات مستمرة

وأفاد المحلل المالي حسام الحسيني بأن الأسهم المحلية تجاهلت أزمة المصارف العالمية، وهو ما ظهر جلياً من خلال الأداء المحقق في اليومين الماضيين، موضحاً أن الشركات الإماراتية مدعومة بأرباح كبيرة خلال العام الماضي.

وأضاف أن هناك الكثير من العوامل التي تدعم استمرار وتيرة النمو في أرباح الشركات المدرجة وتحقيق مزيد من النتائج الإيجابية خلال العام الجاري مستفيدة بشكل أساسي من المحفزات المستمرة التي تقرها الحكومة لدعم الاقتصاد.

وأوضح أن هناك عوامل أخرى عدة استفادت منها معظم القطاعات بالدولة منها الانفتاح الاقتصادي واستقطاب الاستثمار الأجنبي، متوقعاً استمرار نمو الشركات في القطاع البنكي، فضلاً عن قلة المخاطرة بالقطاع في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، إلى جانب أن محفظة أعمال البنوك الإماراتية التي تعطي القطاع نقطة ارتكاز إضافية، متركزة على القطاعات الحكومية وشبه الحكومية، كما أن معايير الائتمان في البنوك الإماراتية وامتثالها مع متطلبات «بازل» ضمن الأقوى عالمياً.

وأكد أنه في الآونة الأخيرة هناك فك ارتباط واضح بين حركة الأسواق الإماراتية والعالمية، الأمر الذي يحد من أي تأثير سلبي، كما أن نسب النمو في الاقتصاد والتدفقات النقدية وربحية الشركات هي من العوامل الخاصة والداعمة للأسواق المحلية.

ثقة دولية

وقال أرون ليزلي جون، رئيس محللي السوق في «سنشري فاينانشال» إن مؤشر سوق دبي ارتفع في جلسة الأربعاء، رغم أزمة المصارف العالمية، لأن البنوك بدبي لديها أساسيات قوية مع زيادة الربحية، وتحسين نسب جودة ائتمان الأصول وتعزيز وضع رأس المال، مما أظهر الثقة في الصناعة المصرفية الإماراتية.

وأوضح أن دبي شهدت موجة ناجحة من الاكتتابات العامة الأولية عام 2022 جعل الشركات الصغيرة والمتوسطة تتطلع إلى الإدراج في سوق دبي المالي، بالإضافة إلى أن القطاع المصرفي في دبي يشهد انتعاشاً في هامش الربح لتحسين الإنتاجية بسبب تحسين التكنولوجيا وانخفاض تكلفة الموظفين والمزيد من الدمج في القطاع.

أزمة غير عابرة

وأكد الخبير في أسواق المال وضاح الطه بأن الانعكاسات السلبية على أسواق المال المحلية لا تذكر لاسيما مع عدم وجود انكشاف كبير لأسواق المال المحلية على التداعيات الخارجية في الوقت الذي بدأ فيها القطاع العالمي في اتخاذ إجراءات مباشرة للحد من التداعيات التي خلفتها أزمة البنوك الدولية ما حصر الأزمة في نطاق ضيق غير عابر للقارات.

وحدد الطه عوامل لتخطي أي تعثرات قد تحدث في أسواق المال متمثلة في عدم اللجوء للتوسع في عمليات الشراء والبيع بالهامش للحد من الضغوط على السوق التي قد تفضي إلى عمليات بيع جماعي، مشيراً إلى احتياج السوق حالياً لإشارة واضحة على التوازن وهو ما ينتظر خلال شهري مارس وإبريل الحاليين في ظل بدء توزيعات الأرباح المقررة من جانب الشركات المدرجة حيث يتوقع معه استقرار كبير ولجوء إلى إعادة تدوير جزء من تلك التوزيعات في الاستثمار السوقي.

حساسية الأفراد

واتفق معه المدير التنفيذي لمؤسسة «اوبيريشنال كوالتي» للإستشارات أحمد الدرمكي مؤكداً اقتصار الانعكاسات أو الانخفاضات في السوق على ما تخلفه حساسية الأفراد تجاه مخاوف التعثر وهو ما لا يحدث انعكاسات مؤثرة على الأسهم المحلية، لاسيما مع تركز أغلبية الأسهم القيادية المحركة لأسواق المال في كل من أبوظبي ودبي في كيانات اقتصادية ذات استقرار مالي وملاءة قوية وشفافة، مؤكداً أن المخاوف بشأن أزمات جديدة على غرار 2008 لا زالت بعيدة جداً عن التوقعات في ظل المتانة المالية للأسواق المحلية.

وأشار إلى وجود سيولة كبيرة بالبنوك المحلية والتي تعتبر أكبر الشركات المساهمة في الأسواق المحلية والتي تستطيع استيعاب أي تعثرات وتحت إشراف خطط استراتيجية مالية ممنهجة استباقية من قبل المصرف المركزي، حيث يقوم بدور فعال بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة بوضع أفضل الممارسات لتجنب المخاطر المالية للأسواق والمصارف إلى جانب الفوائض المالية التي تحققها الدولة سواء من جانب القطاع النفطي أو العوائد التي تحققها ريادة دبي في قطاع التجارة العالمية وهو ما يخول للدولة ضخ السيولة اللازمة لتخطي أي انعكاسات سلبية.

 

 

 

Email