تؤكد المؤشرات قدرة اقتصاد دولة الإمارات على تفادي الركود الاقتصادي العالمي المتوقع في 2023، لما تتمتع به من إجراءات وآليات حكومية مرنة تواكب التطورات وبيئة جاذبة ومستقرة للاستثمارات الخارجية تمكنها من مواصلة النمو الاقتصادي، وفق ما ذكرته دراسة أعدها مركز «إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية»، ومقره أبوظبي.
وتباينت التوقعات الاقتصادية تجاه حدوث ركود اقتصادي عالمي في 2023 من عدمه، وعجزت غالبية هذه التوقعات عن تقدير حدة هذا الركود والدول أو المناطق التي سيشملها، ولكنها اتفقت تقريباً، على أن استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار الفائدة العالمية، وتراجع الطلب على النفط، تبقى الوقود الحقيقي للركود المتوقع.
وذكرت الدراسة أنه ما إن بدأت الاقتصادات العالمية تشهد تحسناً في 2022، حتى نشبت الأزمة الروسية الأوكرانية، التي أدت إلى اضطرابات كبيرة ولا سيما في سلاسل التوريد.
وارتفاع أسعار السلع الغذائية وتذبذب أسعار الطاقة؛ ما دفع عدداً كبيراً من البنوك المركزية عالمياً إلى اتخاذ سياسات نقدية أكثر تشدداً لمواجهة الارتفاعات المستمرة في معدلات التضخم، التي أسهمت بدورها في تفاقُم التوقعات بالتراجع الحاد في معدلات النمو العالمي في 2023.
تحديات هيكلية
وتوقعت الدراسة أن يواجه الاقتصاد العالمي العام الجاري عدة تحديات وعلى رأسها الأزمة الروسية الأوكرانية وزيادة أسعار الفائدة لاحتواء التضخم والآثار المستمرة لجائحة «كوفيد 19»، والتي تسهم جميعها في تفاقُم التوقعات السلبية للنمو في 2023.
وذكرت أن أهم الملامح التي يتوقع أن ترسم المشهد الاقتصادي العالمي هذا العام تتركز في 10 محاور وهي:
حدوث انكماش حاد في نمو الاقتصاد العالمي ونمو بارز لاقتصادات آسيا والمحيط الهادئ وتراجُع نسبي في معدلات التضخم واستمرار ارتفاع أسعار الطاقة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وركود عقاري في عدد من الدول الكبرى وتباطؤ معظم الأنشطة الاقتصادية وتراجُع مُحتمل في أسواق الأسهم وارتفاع ضئيل في معدلات البطالة بالإضافة إلى تفاقُم مستويات الديون العالمية.
احتمالان
وأضافت الدراسة أن حدة تراجع النمو الاقتصادي العالمي ستختلف، ما يضعنا أمام أكثر من احتمالين عن مدى قدرة الاقتصاد العالمي على النمو، ويتمثل الاحتمال الأول في انكماش حاد في نمو الاقتصاد العالمي بسبب ارتفاع معدلات التضخم والتشدد النقدي ويستند ذلك إلى عدة افتراضات وأهمها انتهاء الأزمة الروسية الأوكرانية، واستقرار أسعار السلع الأساسية واستعادة نشاط سلاسل التوريد مع ثبات نسبي في معدلات التضخم.
أما الاحتمال الثاني فيتمثل في دخول الاقتصاد العالمي حالة ركود حتمية، فلا تزال اختلالات العرض والطلب قائمة في العديد من القطاعات؛ فلم تتعافَ سلاسل التوريد العالمية بالكامل من جائحة «كوفيد 19» كما تهدد الأزمة الروسية الأوكرانية ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الغذائية.
ومن شأن تباطؤ النمو وإعادة فتح فجوات الإنتاج وكذلك ارتفاع أسعار الفائدة لدى البنوك المركزية أن يحد من إنفاق المستهلكين والشركات، ويحد من مساحة الحكومات للإنفاق التقديري.
وخلصت الدراسة إلى أن الارتفاعات المتوقعة في معدلات التضخم ستؤدي إلى تشديد إضافي مؤقت للسياسة النقدية، ومن ثم فإن من المفترض أن ترفع البنوك المركزية أسعار الفائدة؛ ما يعني تشديداً للظروف المالية العالمية، ولكن يقابله نمو في بعض الاقتصادات الناشئة يمكنها من تفادي حالة الركود العالمي المتوقع.