منصة دبي.. النهوض بأفريقيا

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أدركت دبي مبكراً أن قارة أفريقيا تحتاج إلى شبكة واسعة من البنية التحتية اللوجستية المتكاملة لتعزيز الحركة التجارية بين دول القارة بأسعار معقولة، مع توافر ممرات تربط المناطق غير الساحلية بالساحل مدعومة ببنية تحتية رقمية وفعلية عالمية المستوى، وخاصة أن القارة السمراء تزخر بفرص تجارية هائلة ومتنوعة، ومن هذا المنطلق كثفت الإمارة كل خبراتها من أجل رقمنة قطاع التجارة في أفريقيا.

وتشير التوقعات إلى نمو إجمالي الصادرات من القارة بنسبة 22% في الـ12 شهراً القادمة، بالتزامن مع ارتفاع إجمالي الواردات إلى دول القارة بنسبة 15%، بحسب استطلاع أجرته «دي بي ورلد» في 2022 عن تحول قطاع التجارة. وقال 50% من الذين شملهم الاستطلاع في أفريقيا، إنهم يشهدون بالفعل هذه الزيادات بسبب الطلبات المتزايدة من الأسواق الجديدة والحاجة إلى توسيع العمليات فيها.

وفي ظل هذه المعطيات، يشير محمود البستكي، الرئيس التنفيذي للعمليات في دبي التجارية إلى أن «دي بي ورلد» أطلقت منصة «Dubuy.com» الموجهة لمنطقة أفريقيا، سوقاً عالمياً للتجارة الإلكترونية في ما بين الشركات. وتهدف المنصة إلى زيادة تجارة الجملة في الأسواق الدولية والمحلية التي نعمل فيها.

وأوضح في حوار مع «البيان» أن المنصة تتميز عن باقي منصات التجارة الإلكترونية الأخرى بكونها تفتح لنا المجال لمساعدة ودعم الشركات المحلية والحكومات في جهود تنمية الاقتصادات المحلية. وقد أطلقت «دي بي ورلد» المنصة في كل من الإمارات ورواندا وكينيا، وأخيراً في تنزانيا في مارس 2022، وتسعى لإحداث المزيد من التقدم لتمكين العديد من الأسواق الاستراتيجية الأخرى بنهاية العام الجاري، وتشكل المنصة فرصة للشركات المحلية للتحول إلى مؤسسات دولية من خلال تيسير وصولها إلى أسواق جديدة في أفريقيا والشرق الأوسط وبقية العالم مع تطلعات متواصلة إلى أسواق جديدة بهدف التوسع وتسهيل تحقيق أهداف النمو الذي تطمح له الشركات المحلية.

تمكين الازدهار

ويشير البستكي إلى أن التوسيع الأخير للمنصة في تنزانيا للإسهام في تمكين مجتمع الأعمال التجارية عبر الإنترنت يأتي بعد إطلاقها بنجاح في كينيا ورواندا العام الماضي، وتضم أكثر من 9000 تاجر نشط. وأضاف: لدينا اليوم ثماني محطات في القارة الأفريقية، وثلاث محطات أخرى قيد التطوير، ونهدف في عام 2022 وما بعده إلى الاستمرار في بناء مجتمعات أعمال نشطة من خلال التوسع في منطقة شرقي أفريقيا وعبر القارة، وتمكين الشركات المحلية من الازدهار من خلال منحها إمكان الوصول إلى الأدوات الرقمية الفعّالة.

خبرة عالمية

وأشار البستكي إلى أن «دي بي ورلد» تدرك من واقع خبرتها الرائدة العالمية أن الموانئ والمناطق الحرة ضرورية لدفع نمو الاقتصادات الناشئة مثل اقتصادات أفريقيا. يجب أن تأخذ التجارة مع أفريقيا منحىً جديداً يتعدى مجرد استخراج السلع من القارة إلى بيع السلع الجاهزة للاستخدام. وبغية ازدهار أفريقيا، يجب أن يساعد المستثمرون الأجانب الشركات المحلية على أن تصبح صنّاعاً ومصدّرين بأنفسهم.

الميل الأخير

وتتسم كل سوق في أفريقيا بسياق مختلف في ما يخص التجارة الإلكترونية، وفقاً للبستكي، فعلى سبيل المثال، في تنزانيا، لم يحالف النجاح عدداً ممن دخلوا سوق التجارة الإلكترونية. وقد وضعت تنزانيا أخيراً رموزاً بريدية، كان لها الفضل في تيسير عمليات التسليم في ما يُسمى مرحلة «الميل الأخير». أما كينيا فتمتلك واحداً من أكثر مجتمعات محافظ الهواتف المتحركة نشاطاً في العالم، وذلك يعد مثالاً رائعاً على القفزة التقنية التي تحققها كينيا من خلال الأعداد المتزايدة لمستخدمي الهاتف المتحرك وانتشار قدرات الإنترنت.

وفي ما يتعلق بأهمية المنصة في تنزانيا، قال البستكي: تهدف رؤية تنزانيا التنموية لعام 2025 إلى تأسيس اقتصاد قوي متنوع مرن وتنافسي، قادر بسهولة على التكيّف مع متغيرات السوق وظروف الاقتصاد الإقليمي والعالمي. ويؤكد إطلاق المنصة في تنزانيا التزامنا دعم رؤيتها الوطنية لعام 2025 من خلال إنشاء بوابة تجارية استراتيجية في شرقي أفريقيا. وستمنح المنصة الشركات التجارية التنزانية إمكان الوصول إلى الأسواق الدولية بشكل أفضل، كما ستوفر لها سلسلة توريد أكثر أماناً وموثوقية من خلال شبكة «دي بي ورلد» للخدمات اللوجستية.

وأوضح: تتيح المنصة للشركات التجارية التنزانية إمكان الوصول إلى منتجات أكثر تنافسية لتحسين جدوى وارداتها ومساعدتها على بيع منتجات بالجملة عبر مجموعة متنوعة من الفئات محلياً وخارجياً. وتوفر المنصة للمستخدمين مزيجاً فريداً من حلول التقنيات المتقدمة والبنية التحتية الخاصة بـ«دي بي ورلد»، لمواجهة العديد من التحديات الرئيسة في نمو التجارة الإلكترونية في أفريقيا. ويشمل ذلك تعزيز موثوقية الوفاء بالالتزامات وتنفيذ المعاملات المالية الآمنة وتيسير الحركة الآمنة للبضائع.

ولفت إلى أن المنصة تمكّنت من تأسيس حضورها القوي في تنزانيا، وتهدف من خلالها إلى المساعدة على زيادة إمكانات التواصل التجاري للأسواق الإقليمية والدولية، وبناء سوق يسهّل وصول روّاد الأعمال التنزانيين إليه لمساعدتهم على ضمان النمو المستدام طويل الأجل لأعمالهم التجارية.

تحسين التوريد

وتم تصميم المنصة لتكون أداة قوية لتمكين التجار والشركات الأفريقية اقتصادياً، وهنا يقول البستكي: تساعدنا قدرتنا على التسليم التجاري البيني المتكامل من نقطة إلى أخرى في دول أفريقيا على إطلاق العنان لنمو الشركات التجارية في القارة، من خلال تحسين سلاسل التوريد، والحضور القوي على الإنترنت مع إمكان الوصول الرقمي للشركات من جميع الأحجام عن طريق:

• التأكد من أن البضائع آمنة ويتم التعامل معها من قبل مزود لوجستي عالمي رائد من البداية وحتى النهاية، وباستخدام بوابة واحدة توفر كل أنواع حلول سلسلة التوريد.

• توفير تعريفات شحن مخفضة بشكل كبير ويتم التفاوض عليها مسبقاً، مع وقت عبور مضمون وتكلفة شحن محفزة.

• إمكان تخصيص طرق الشحن بناءً على المتطلبات وحجم السلع مع مراعاة اقتصادات الحجم لكل معاملة وضرورة الشحن.

• توفير مجموعة كاملة من المعلومات اللازمة لإتمام معاملة التوريد متوافرة على المنصة والتي تشمل معلومات الشحن ومعلومات التخليص والتغليف والتوثيق.

مرونة السلاسل

وعن تأثير الجائحة والقيود الدولية على احتياجات شركات التجارة الإلكترونية أوضح البستكي أن الجائحة وجنوح سفينة إيفر جيفين في قناة السويس في عام 2021 أظهرا مدى ضعف سلاسل التوريد العالمية التي تم تعديلها للتعامل مع الاختناقات غير المتوقعة في هذا المجال، وأضاف: نرى أن الشركات التجارية ستستجيب بشكل متزايد لمرونة سلسلة التوريد، من خلال تنويع كل من قواعد التوريد وإعادة ضبط سلاسل التوريد الخاصة بهم. وبحسب استطلاع «تحوّل قطاع التجارة» الذي أجرته «دي بي ورلد» في عام 2022، أفاد 27% من أصحاب الأعمال الأفارقة بأنهم يعيدون تشكيل سلاسل التوريد الخاصة بهم، مع التركيز على تأمين خطوط الشحن ومقدمي الخدمات اللوجستية البديلة، إذاً نحن أمام انتقال سريع للاعتماد على الأدوات الرقمية لتحسين تدفق التجارة. فالبنية التحتية الفعلية ليست هي فقط المطلوبة لوجود سلسلة توريد سلسة، فنحن بحاجة أيضاً إلى عالم رقمي متكامل للمساعدة على تحسين التحكم في الشحنات وتعزيز الكفاءة اللازمة.

تحول أساسي

ويشير الرئيس التنفيذي للعمليات في دبي التجارية إلى أن التحوّل الأساسي في سلوك المستهلك يولّد مطالب متزايدة في قطاع الخدمات اللوجستية، وبالتالي يلقي بمزيد من الضغط على عنصر الكفاءة، إذ يمكن أن تضيف مبالغ صغيرة جداً على الطرود والمنصات وحتى الحاويات إلى الميزة التنافسية بالنسبة لشركات الشحن، ويلفت البستكي إلى أنه وحينما تتقلص الجداول الزمنية للطلب إلى مرحلة التنفيذ في اليوم التالي أو حتى في اليوم نفسه على مجموعة متنوعة من العناصر، فإن إجراء بسيطاً على الهاتف الذكي سيكون له تأثير عميق في كيفية إدارة تحرك الشاحنات ووظيفة المستودعات ومسارات الشحن والموانئ، وإلى جانب النمو الهائل والمحتمل، فإننا نرى في التجارة الإلكترونية فرصة لتعزيز العولمة والارتقاء بالاقتصادات النامية حول العالم. إن سهولة الولوج إلى التجارة الإلكترونية والحلول اللوجستية عبر نقرات خفيفة على الهاتف الذكي من الممكن أن توفر للشركات الصغيرة إمكان الوصول إلى الأسواق في جميع أنحاء العالم، كما تسمح للأفراد بالوصول إلى سلع ذات جودة عالية وبالتالي تحسين سبل العيش.

تقلبات كبيرة

وفي ما يتعلق بأبرز التوجهات في مجال التجارة الإلكترونية، يقول البستكي إنه من الممكن أن يشكل نقل البضائع تحدياً بالنسبة للشركات، وغالباً ما يتعلق الأمر بالتكاليف المرتفعة والشكوك المتعلقة بالشحن، ناهيك عن الصعاب التي ترتبط بنقل البضائع عبر الجمارك. وأضاف: أحدثت الجائحة تقلبات كبيرة وغير مسبوقة في قطاعنا مثل العديد من القطاعات حول العالم. ولكن في الوقت ذاته سرّعت الجائحة جهود الرقمنة في جميع أنحاء العالم. لقد كان قطاع التجارة الإلكترونية ينمو بوتيرة ثابتة قبل انتشار الجائحة، ولكن عمليات الإغلاق واسعة النطاق تسببت في تسارع تلك الجهود بشكل ملحوظ.

ووفقاً لشركة «ستاتيكا»، لقد تجاوزت مبيعات تجارة التجزئة الإلكترونية في جميع أنحاء العالم 4.28 تريليونات دولار في 2020، بزيادة قدرها 27.6% على العام السابق. وبحلول عام 2022، من المتوقع أن تنمو إيرادات تجارة التجزئة الإلكترونية إلى 5.4 تريليونات دولار.

ويوضح البستكي أن الشركات تستخدم بشكل متزايد القنوات الرقمية للتعامل مع الموردين والموزعين. وتعتزم الشركات في أفريقيا إعادة تشكيل سلاسل التوريد والانطلاق لأسواق جديدة في أعقاب نشوء تلك التحديات الناتجة عن الجائحة، وأكد أن إعادة تشكيل سلسلة التوريد ستساعد على تعزيز استراتيجيات التجارة الإلكترونية من خلال تقليل أوقات الشحن والجمارك بشكل كبير. وكان للقيود المفروضة بسبب الجائحة الأثر الكبير في حدوث تحوّل في سلوك المستهلكين عبر القارة الأفريقية والذين سارعوا إلى استكشاف مجال التجارة الإلكترونية بدافع الضرورة.

حلول ذكية

وأكد البستكي أن «دي بي ورلد» تعد المزود الرائد عالمياً للحلول اللوجستية الذكية، التي تسهل حركة وأنشطة التجارة بين دول العالم، فلديها شبكة عالمية تتكون من 190 وحدة أعمال موزعة في 69 دولة عبر قارات العالم الست، تغطي الخدمات البحرية والمحطات الداخلية والمجمعات الصناعية، بالإضافة إلى الحلول التي تعتمد على التقنيات المتقدمة، وأضاف: «نستفيد من مواردنا المتميزة ومعرفتنا الواسعة لتطوير الحلول الرقمية المبتكرة التي تخدم حركة التجارة العالمية. وبالإضافة إلى بنيتنا التحتية عالمية المستوى، فإن مجموعة منتجاتنا الرقمية وحلولنا التجارية الذكية المتميزة بالكفاءة والابتكار تضمن التأثير الإيجابي والمستدام لأعمالنا في الاقتصادات والمجتمعات التي نوجد فيها»، وتابع قائلاً: تشمل مجموعة الحلول الرقمية الخاصة بنا «كارجوز كاستمز»، وهو نظام لإدارة الجمارك قائم على الذكاء الاصطناعي، ونظام «كارجوز كوميونتي» المتقدم والمخصص لمجتمع الموانئ، وكذلك نظام «كارجوز فلو» الذي يوفر منظومة متكاملة للتوقع والتتبع، ونظام «كارجوز رانر» الذي يوفر قدرات تخطيط موارد المشاريع لشركات الشحن، وغيرها من الأدوات والمنصات التي تدعم إدارة الموانئ والشحن الرقمي والتجارة الإلكترونية.

Email