العمل عن بُعد في الإمارات.. مفتاح نجاح الشركات

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

اتخذت الإمارات مسارها الصحيح للتحوّل إلى مركز عالمي للعمل عن بُعد، مدعومة برؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة. ورغم ذلك، فإن هذا الأمر أكثر تعقيداً من مجرد شراء حلول جديدة؛ حيث توفرالدولة بيئة عمل متنوعة الأماكن للجميع، كانت بمثابة مفتاح النجاح في الشركات.

تشير الدراسات إلى أن 98 % من الشركات الإماراتية تخطط بالفعل للاستثمار في التكنولوجيا خلال فترة 12 ـ 18 شهراً القادمة، بهدف تعزيز قوة العمل في بيئة متنوعة الأماكن، مقارنة بنسبة 89 % من الشركات على مستوى العالم بحسب «إتش بي».

ويجمع خبراء «إتش بي» أن بيئة العمل التي تسمح للموظف بالعمل من أماكن مختلفة توفر توازناً مناسباً يحدّ من الشعور بالانفصال الاجتماعي، وتتيح المناقشات الجماعية وجهاً لوجه، مع توفير مرونة ملائمة لإدارة أجندات العمل الشخصية لكل فرد.

ويشير هؤلاء إلى أن بيئة العمل متنوعة الأماكن لا تتوقف عند النسبة بين أيام العمل في المكتب مقابل أيام العمل في المنزل فحسب، بل بتوفير المرونة في ساعات العمل في المكتب أو المنزل خلال اليوم، فيما ستكون تلك البيئة، ضمن منظومة الاقتصاد الحالية، عاملاً أساسياً في تعزيز تنافسية الشركات مع ضرورة الالتزام بإتاحة جميع أدوات وعمليات وحلول بيئة العمل متنوعة الأماكن للجميع. وتلك هي الطريقة الوحيدة للتأكد من الإصغاء لأصوات جميع الموظفين وضمان تواصلهم، وتأهيلهم للنجاح.

وتتوقع «غارتنر» اعتماد نحو 70% من فرق العمل على حلول «منصات العمل من أي مكان» بحلول نهاية العام المقبل، نظراً لأنها تشكل الوسيلة الأساسية للتواصل والتنسيق ومشاركة المعلومات بين فرق العمل. وتقدم هذه المنصات للمؤسسات والشركات كل ما تحتاجه من الأدوات لإنجاح هذا التوجّه في مجال نماذج العمل «الهجينة»، فهي سهلة الاستخدام وتتيح التفاعل، ومصمّمة لإتاحة ممارسة الأعمال من أي مكان في العالم، وتتضمن مزايا أساسية وضرورية في آن معاً.

وفي ظل استمرار عمل الموظفين من المنزل خلال العامين الماضيين، شهد العالم تحولات كبيرة في التوجهات، إذ يعتقد 69% من الموظفين العاملين بالمكاتب، وفقاً لدراسة لشركة «بولي»، أن مدة العمل التقليدية من 9 صباحاً إلى 5 مساءً قد حل محلها نظام العمل المرن غير المقيّد بساعات أو نظام العمل المختلط الذي يجمع بين العمل من المنزل والمكتب.

ويقول فيشنو تيمني، نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا في «إتش بي»: قبل انتشار جائحة «كوفيد 19»، سمع كثير من الأشخاص العاملين في وظائف مكتبية مصطلح «العمل من المنزل»، بشكل غامض. ولكن، بعد تفشي الجائحة، أصبح العمل من المنزل هو الوضع الطبيعي الجديد للموظفين حول العالم. وهو الأمر الذي يثير التساؤل أيضاً عما إذا كان هذا الأسلوب قد وُجد ليستمرّ في الإمارات.

ويضيف تيمني: ولهذا، ينبغي على قادة الشركات إعداد الموظفين وتمكينهم من تقديم أفضل ما لديهم أينما كانوا، بدلاً من محاولة إجبارهم على العودة إلى المكاتب. ومن المبشر معرفة أن كثيراً من المؤسسات قد بدأت القيام بذلك فعلياً، من خلال تطبيق نماذج العمل متنوعة الأماكن، في ظل توقعات تشير بأن هذه النماذج ستبقى سارية في المستقبل المنتظر. وتشير دراسة حديثة أجرتها مؤسسة مايكل بيج الشرق الأوسط، أن حوالي 50% من الباحثين عن فرص عمل في دبي وأبوظبي قد حافظوا على مستوى إنتاجيتهم خلال عملهم عن بُعد، في حين يعتقد ما يزيد على 44% من العاملين في دبي أن إنتاجيتهم قد ازدادت.

وإذا اقتضى الأمر، ينبغي علينا أن نكون مستعدين لإعادة تشكيل الهياكل التنظيمية وفرق العمل، بما يحقق أقصى فائدة ممكنة من التقنيات الجديدة والتطبيقات السحابية التي تدعم بيئة العمل متنوعة الأماكن، وتساعد في تحقيق مستويات أعلى من المرونة والتواصل الفوري. وعلى سبيل المثال، عند إعطاء شخص ما مهمة الإشراف على الاجتماعات عبر الإنترنت من خلال متابعة تعليقات المشاركين، وتشجيع الأشخاص الذين «رفعوا أيديهم» على التحدث، يمكن أن نسهم إلى حدّ كبير في إيجاد بيئة عمل أكثر شمولاً. وينبغي علينا أن نكون ممتنين لبيئة العمل متنوعة الأماكن التي تساعدنا على المساهمة بشكل أكثر فاعلية، بالنظر إلى ما أشارت إليه دراسات سابقة حول كيفية استبعاد ومقاطعة النساء والأقليات في بيئات العمل المبنية على الأنشطة الجماعية.

تفاوت القطاعات

ويقول خبراء إن هنالك تفاوتاً أكبر بين توجهات الموظفين وأصحاب العمل في بعض القطاعات وخصوصاً قطاع الخدمات المالية سريع الوتيرة الذي قد يتسبب فيه أي انطباع خاطئ إلى تعريض ملايين الدولارات للخطر. ويظهر تقرير من «أكسنتشر» أن 80% من المديرين التنفيذيين الماليين يُفضلون أن يحضر موظفوهم للعمل من المكتب ما بين 4 - 5 مرات أسبوعياً، بينما أظهر مسح مماثل أجرته (PwC) أن 20% من الموظفين فقط يرغبون بالعودة للعمل المكتبي أكثر من 3 أيام أسبوعياً. بينما يُفكّر الموظفون في ترك وظائفهم للحصول على نظام العمل المختلط الجديد الذي يريدونه.

ويقول بوب عون، مدير المبيعات الإقليمي في شركة «بولي» إن قطاع الخدمات المالية يجد نفسه أمام تساؤل مهم: كيف يمكن للقطاع الاستمرار في خلق علاقات عملاء قيمة مع هذا الانفصال بين صاحب العمل والموظف؟ ويضيف: «من ناحية، حافظت بعض الشركات على ثقافتها المؤسسية، وكانت الابتكارات التقنية هي المحرّك الرئيسي للعودة إلى العمل من المكتب. في ظل عدم رغبة صانعي الصفقات في البنوك الاستثمارية بالمخاطرة مع تجارب الاجتماعات الافتراضية سيئة الجودة، خاصةً عندما يُطالب العملاء بالمزيد من التعاون والتخصيص للخدمات. علاوة على هذا، مثّلت المشكلات التقنية التحدي الأكثر شيوعاً لما يصل إلى 41% من الموظفين المقيمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

الاستثمار التقني

ويؤكد عون أن الاستثمار في تقنيات الصوت والفيديو الاحترافية يتيح لصانعي الصفقات الثقة اللازمة لعقد الصفقات افتراضياً. يمكن لنقل المزيد من إجراءات إتمام الصفقات إلى مؤتمرات الفيديو دون التضحية بالجودة أن يُسرّع العملية نفسها، مما يؤدي إلى تجربة أفضل بغض النظر عن مكان وجود العميل في العالم. وبالتالي تحافظ شركات الخدمات المالية على تنافسيتها على الصعيد العالمي.

الرضا الوظيفي

وقد شهدت بيئة العمل عن بُعد، بشكل خاص، إدخال التكنولوجيا الجديدة في الإمارات والتوسع بنطاقها. وخلال الشهور الأخيرة، برزت فئة الموظفين الذين يطالبون بمستوى أعلى من الرضا الوظيفي، وزيادة التوازن بين العمل والحياة، ومزيد من المرونة، والقضاء على روتين التنقل الممل، والأهم من ذلك بالنسبة للشركات التي تكافح خلال أزمة عالمية، إمكانية الانخفاض المحتمل في الإنفاق العام. ومع إدراكي للاختلاف في ترتيبات العمل المستقبلية بين شخص وآخر، فليس كل شخص يرغب، أو يريد، العمل من المنزل؛ حيث كانت الأشهر القليلة الماضية بالنسبة للكثيرين، تذكيراً قوياً بأهمية التفاعل الاجتماعي في موقع العمل، واعتبرت العودة للمكاتب وكأنها عودة الحياة إلى طبيعتها. وفي الآونة الأخيرة، أعدنا افتتاح مكاتبنا في دولة الإمارات، مع تجديد تصميم غرف الاجتماعات، وتوفير مساحات جلوس مفتوحة تشجع على المشاركة وتبادل الأفكار.

ونحن من جانبنا، نعتقد بأن التكنولوجيا قادرة على المساهمة بدور كبير في تسهيل التحول إلى مفهوم بيئة العمل متنوعة الأماكن وتمكينها، بالمحافظة على تركيزنا موجهاً نحو ابتكار تجارب تفاعلية للموظفين تتمحور حول الإنسان. كما أن قرارات قادة الأعمال الآن، ستحدد ما سيتاح أمام موظفيهم من فرص أو عقبات في بيئة العمل المستقبلية، على مدى الشهور والسنوات القادمة.

وقال أصلان سلوّم رئيس مبيعات الاتصالات والتعاون الموحد في «أفايا» إنه عندما يُطرح موضوع العمل عن بُعد، يدور النقاش حول العمل في فترة ما قبل الجائحة من جهة والعمل ما بعدها من جهة أخرى، مع أنهما ليسا النمطين الوحيدين. وأضاف: لذلك نُفضّل في «أڤايا» مقاربة الموضوع من زاوية أخرى تأخذ بالاعتبار مبدأ «العمل من أي مكان» عوضاً عن «العمل عن بُعد»، وعملاؤنا تبنّوا مبدأ العمل من أي مكان لأنه يلبي المتطلبات المستقبلية لنماذج العمل والشركات الناجحة وذلك من خلال استغلال قوّة المنصات التي تتيح العمل من أي مكان مثل منصة «أڤايا سبيسز»، التي تشكل حلاً متقدماً لتنظيم وترتيب مسارات العمل، لا بل تشكل أيضاً ركناً أساسياً من أركان الثورة الحاصلة على صعيد نماذج العمل على مستوى المؤسسات.

وأوضح أصلان أن هذه المقاربة تشكل دمجاً عملياً لأفضل ممارسات العمل من مرحلتي ما قبل وما بعد الجائحة. ومن خلال هذه المقاربة بات بوسع الموظفين بدء اجتماعاتهم عبر الفيديو ومشاركة المحتوى في أي وقت ومن أي مكان، سواء كانوا في المكتب أو المنزل أو المقهى وغيرها من الأماكن. كما بإمكانهم تحميل الملاحظات والأفكار ومشاركتها قبل الاجتماعات وخلالها وبعدها. كما بإمكانهم استغلال لحظات الإلهام المفاجئة لتدوين أفكارهم كما لو كانوا في جلسة عصف ذهني، بغض النظر عن مكان وجودهم.

وأضاف: نلاحظ أيضاً أن الشركات في منطقة الشرق الأوسط تستفيد من هذه المزايا التي تتيحها المنصات لتعزيز تجربة الموظفين والعملاء على حد سواء. فكما يخوض المتصل تجربة استخدام خلال اعتماده على مركز الاتصال، فإن الموظف أيضاً يخوض تجربة استخدام أخرى خلال تقديمهم الخدمات مستنداً إلى الأدوات الرقمية الحديثة. على سبيل المثال، تستخدم شركة «إعمار العقارية» منصة «أڤايا سبيسز» لتمكين خبرائها العقاريين من تقديم استشارات مرئية للمهتمين بالشراء، كما تتيح هذه المنصة لزوار موقع شركة «إعمار» إمكانية بدء جلسات فيديو فورية مع خبير للاستفسار عن أي عقار، قبل الشروع في عملية الشراء بكل سلاسة وأمان.

Email