الثورة الصناعية الرابعة.. أسلوب جديد في الأعمال

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تُعدّ الثورة الصناعية الرابعة خيار المستقبل؛ نظراً لسرعة التغيرات التي تميزها، وسرعة الإنجازات التي تحققها، مقارنة مع الثورات الصناعية الثلاث التي سبقتها، لذلك يرى خبراء أن التحوّل الحتمي من «الثورة الصناعية الثالثة» إلى «الثورة الصناعية الرابعة»، سوف يحدث تغييراً جذريا في أسلوب عمل الشركات، بحيث يجبرها على إعادة النظر في الطريقة التي تمارس بها أعمالها.

وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور علي سعيد العامري رئيس مجموعة «الشموخ» لخدمات النفط والغاز والتجارة، أن العالم يمر بتغييرات سريعة من خلال الثورة الصناعية الرابعة، والعالم على شفا ثورة تكنولوجية من شأنها أن تغير بشكل جذري الطريقة التي نعيش بها ونعمل ونتواصل بها مع بعضنا البعض، مشيراً إلى أن التحول سيكون مختلفاً عن أي شيء شهدته البشرية من قبل.

وتابع: مع الثورة الصناعية الرابعة تختلط الحدود بين العوالم المادية والرقمية والبيولوجية إلى مزيج من التطورات في الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد والهندسة الوراثية والحوسبة وغيرها من التقنيات.

وأوضح أن التحول الحتمي من الرقمنة البسيطة (الثورة الثالثة) إلى الابتكار القائم على مزيج من التقنيات (الثورة الرابعة) يجبر الشركات على إعادة النظر في الطريقة التي تمارس بها أعمالها، ويجب علينا اغتنام الفرصة والقوة التي لدينا لتشكيل الثورة الصناعية الرابعة وتوجيهها نحو مستقبل يعكس أهدافنا وقيمنا المشتركة. وأكد أن مظاهر الثورة الرابعة تتجلى في إمكانيات اتصال بلايين الأشخاص عن طريق الأجهزة المحمولة، مع قوة معالجة غير مسبوقة، وسعة تخزين، وإمكانية الوصول إلى المعرفة، هي إمكانيات غير محدودة، وتتضاعف هذه الاحتمالات من خلال الاختراقات التكنولوجية الناشئة وتكنولوجيا النانو والتكنولوجيا الحيوية، وعلوم المواد، وتخزين الطاقة، و الحوسبة الكمومية.

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي في كل مكان حولنا، من السيارات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار إلى المساعدين الافتراضيين والبرامج التي تترجم أو تستثمر، مشيراً إلى إحراز تقدم مذهل في الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، مدفوعًا بالزيادات الهائلة في قوة الحوسبة وتوافر كميات هائلة من البيانات.

وقال: الثورة الصناعية الرابعة لديها القدرة على رفع مستويات الدخل العالمي وتحسين نوعية الحياة للسكان في جميع أنحاء العالم، وفي المستقبل، سيؤدي الابتكار التكنولوجي إلى مكاسب طويلة الأجل في الكفاءة والإنتاجية، وستنخفض تكاليف النقل والاتصالات، وستصبح سلاسل التوريد واللوجستيات العالمية أكثر فاعلية، وستقل تكلفة التجارة، وكل ذلك سيفتح أسواقًا جديدة ويدفع النمو الاقتصادي.

تغييرات جذرية

وقال المهندس سعيد غمران الرميثي، رئيس مجلس إدارة لجنة منتجي الحديد في الإمارات: باتت تقنيات الثورة الصناعية الرابعة من الأساسيات التي تدرس العديد من الصناعات الاعتماد عليها لإيجاد طرق جديدة لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية في جانب العرض والطلب، مشيراً إلى حدوث تحولات في تعزيز العلامات التجارية وطرق التسويق وتقديم الخدمات والمنتجات، ومستويات الشفافية ومشاركة العملاء وسلوكهم، ونحو ذلك.

وأضاف الرميثي أن تأثير الثورة الصناعية الرابعة يصل إلى توقعات العملاء، وتحسين المنتجات، حتى الهياكل التنظيمية للشركات؛ فالتكنولوجيا الجديدة تجعل الأصول أكثر ديمومة ومرونة، بينما تعمل البيانات والتحليلات التنبؤية على تغيير طريقة صيانتها، ومن ثمَّ تحقيق أكبر قدر من الاستفادة منها.

وأكد: تشكل الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي خارطة طريق لإحداث تغييرات جذرية في الخدمات الحكومية، والقطاعات الرئيسية، والبنية التحتية المستقبلية بالدولة، وصولًا لأهداف مئوية الإمارات 2071. وقال: عودتنا القيادة الرشيدة ألا نقف موقف المتفرج، بل نسعى دائمًا لقيادة دفة التغيير. ومع التطور المتسارع لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، كان لدولة الإمارات السبق والريادة، واستحدثنا وزارة للذكاء الاصطناعي لأول مرة في العالم، وأصبحنا مركزًا عالميًا للابتكار، واستثمرنا في البنية التحتية والتشريعية لدعم المبتكرين والشركات الناشئة، وتحويل أفكارهم إلى واقع يؤثر في حياة الناس. ولن نكون اليوم من أوائل الدول المتبنية لهذه التكنولوجيا الثورية فحسب، بل سنكون روادًا عالميين ومحط أنظار كل الحكومات التي تسعى لتقدم شعوبها وازدهارها.

التطور البشري

وقال رضا مسلم، الخبير الاقتصادي والمدير العام لشركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية والإدارية: إن التطور البشري مر بقفزات، فمثلاً كان هناك «عصر البخار» وخلاله انتقلت البشرية من مرحلة إلى أخرى، وكذلك خطوة بناء السكك الحديدية كانت خطوة مهمة للإنسانية، مشيراً إلى أن تطورت البشرية عرفت بمسميات معينة مثل عصر التكنولوجيا. وقال: العصر الحالي انطلقت الثورة الصناعية الرابعة والتي ظهرت بشائرها في التسعينيات مع ظهور الإنترنت والإنترنت الصناعي والشركات العملاقة مثل مايكروسوفت وغيرها.

وأفاد بأن الثورة الرابعة مرتبطة بالقطاع الصناعي بمعناه الواسع والصناعات التحويلية، مشيراً إلى أن الثورة الرابعة تطوير لمرحلة سابقة معروفة الخاصة بأتمتة الشركات، وتطوير مرحلة إدخال التكنولوجيا في المصانع وتقليل الأيدي العاملة.

وأفاد بأن الثورة الرابعة تحول رقمي شامل لكافة الأصول المادية والتكامل في المنظومة الرقمية مع الشركاء في سلسلة القيمة. وأضاف أن المصانع سيتم إدارتها من خلال تطبيقات رقمية تصدر تقارير دقيقة بشكل متصل تتضمن كل التفاصيل.

وأشار إلى أن الثورة الصناعية الرابعة كلها فوائد، ونسبة الخطأ فيها قليل جداً، كما أن السلوك البشري المنحرف غير موجود فيها، بالإضافة الى جودة عالية جداً في المنتج، ودرجة أمان عالية جداً والحوادث قليلة في المصانع وكل شئ تحت السيطرة لدرجة تمكن صاحب المصنع من إدارته عن طريق الموبايل ومراقبة كل شيء فيه من أي مكان في العالم. وأكد مسلم، دولة الإمارات لديها القدرة والبنية التحتية التي تسمح بهذا والأصول والمطارات والمباني والتشريعات والموانئ، الاتصالات، الإمارات تستوعب الثورة الرابعة بكل أبعادها.

خيار المستقبل

وأكد نجيب الشامسي، المدير العام لمؤسسة المسار للدراسات الاقتصادية والنشر، أن الثورة الصناعية الرابعة هي خيار المستقبل في كل المجالات وأن الدولة سبقت كثيراً من الدول في المنطقة في استخدام الذكاء الصناعي والانطلاق إلى عالم التقنية بكل ما فيه وتربية أجيال قادرة على التعامل مع التكنولوجيا في مختلف المجالات. وأوضح أن دولة الإمارات نجحت في بناء بنية أساسية قوية تمكنها من التعامل مع الثورة الصناعية الرابعة ومواكبتها. وأضاف أن الإمارات لديها تنوع كبير في قطاع الطاقة يشمل الطاقة الشمسية والمستدامة إضافة لإنتاجها من النفط، ولدينا إنتاج من الطاقة النووية السلمية في محطة براكة، وكل هذا التنوع يساهم في تنوع الإنتاج ويعزز قدرة المصانع على مواكبة كل ما هو جديد.

نموذج رائد

ورأى الخبير الاقتصادي أحمد الدرمكي، أن استراتيجية الإمارات لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة ترسخ رؤية الدولة لتكون نموذج رائد، مشيراً إلى أن الإمارات تعتبر مختبراً مفتوحاً لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة. وأوضح أن استراتيجية الدولة تقوم على تعزيز الأمن الاقتصادي عبر تبني الاقتصاد الرقمي وتكنولوجيا المعاملات الرقمية في المعاملات المالية والخدمات، والاستفادة من بيانات الأقمار الصناعية وتطوير مدن المستقبل، بالإضافة إلى تطوير الصناعات الدفاعية المتقدمة من خلال تطوير الصناعات الوطنية في مجال الروبوتات وتقنيات المركبات ذاتية القيادة

Email