اقتصاديون: تخفيف الإجراءات يعزز وتيرة تعافي الاقتصاد العالمي 2022

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعزز عمليات تخفيف وتعديل إجراءات التعامل مع كورونا، والتي بدأت في العديد من دول العالم مطلع العام الجاري، وتيرة تعافي الاقتصادي العالمي خاصة مع تصاعد أسعار النفط وتجاوزها حاجز 89 دولاراً للبرميل في أعلى مستوى سعري منذ العام 2014 لأسباب جيوسياسية واقتصادية، فضلاً عن إعلان كثير من الشركات العالمية التوجه لقطاعات جديدة من الاستثمار.

وتبدأ بريطانيا غداً بتخفيف التعامل مع جائحة «كوفيد 19»، من خلال إلغاء ارتداء الكمامات والفحص الإلزامي لـ«كوفيد 19» والعمل من المنزل، حسبما أعلن بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا الأسبوع الماضي بالانتقال من الخطة «ب» والعودة إلى الخطة «أ» في التعامل مع الجائحة.

وأعلنت فرنسا في 3 يناير الجاري تخفيف إجراءات عزل المصابين بفيروس كورونا ومخالطيهم، وذلك للملقحين بشكل كامل في خطوة جديدة للحفاظ على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، إذ أعلنت وزارة الصحة الفرنسية أن تعديل قواعد الإجراءات تم بسبب التزايد السريع للغاية في انتشار المتحورة «أوميكرون»، وكذلك أيضاً بهدف تحقيق التوازن بين الفوائد والمخاطر لضمان السيطرة على الإصابات، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

ملامح أولية

ويرى اقتصاديون أن هذه الإجراءات ترسم ملامح أولية لمسيرة التعافي الاقتصادي العالمي، خاصة مع التزامن مع ارتفاع أسعار النفط، وتوجه كثير من الشركات العالمية للاستثمار في قطاعات جديدة، رغم المتحور «أوميكرون». وتوقعوا مزيداً من التعافي نتيجة لتراكم الخبرات في التعامل مع الجائحة وتوابعها مع عدم استبعاد بعض التذبذبات.

وقال الدكتور نجيب الشامسي المستشار الاقتصادي ومدير عام مركز المسار للدراسات الاقتصادية: توجه العديد من الدول المؤثرة في الاقتصاد والتجارة العالمية لتخفيف الإجراءات يشكل مواصلة التعافي الاقتصادي العالمي الذي تحقق خلال 2021، خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار النفط لمستويات قياسية منذ العام 2014، ما يشير إلى تزايد الطلب العالمي وعودة النشاط الاقتصادي.

ورأى أن إعلان عدد من الشركات العالمية الكبرى عن التوجه في قطاعات استثمارية جديدة محفز لحركة النشاط الاقتصادي، لافتاً إلى أن ارتفاع الاقتصادات الناشئة تشكل أسواقاً مشجعة ومحفزة للسلع المنتجة في الدول الصناعية.

وفي هذا السياق، أفاد بنك الاستثمار الأمريكي جيه بي مورجان نهاية العام الماضي، بأن عام 2022 سيشهد نهاية جائحة فيروس كورونا وتعافياً اقتصادياً عالمياً كاملاً، مشيراً في تقريره للتوقعات للعام 2022 إلى أن لقاحات وعلاجات جديدة سينتج عنهما تعافٍ قوي وعودة السفر حول العالم وزيادة في طلب المستهلكين.

وقال ماركو كولانوفيتش، كبير محللي الأسواق العالمية في جيه بي مورجان: «في رأينا أن 2022 سيكون عام تعافٍ عالمياً ونهاية الجائحة وعودة الأوضاع الاقتصادية الطبيعية وأوضاع السوق التي كانت لدينا قبل كوفيد 19».

عودة الاقتصاد

وأكد وضاح الطه عضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد الاستثمار والأوراق المالية البريطاني في الإمارات، أنّ التعامل مع «أوميكرون» كمرض اعتيادي يشبه الإنفلونزا، تمثل بداية لعودة النشاط الاقتصادي بصورة طبيعية، مشدداً على أن انجلاء الجائحة يشكل عاملاً رئيسياً في استمرار التعافي والنمو الاقتصادي، إضافة إلى عوامل أخرى في مقدمتها زيادة عبء الدين للدول المقترضة بالدولار نتيجة رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة مؤخراً.

وقال: «القاعدة العامة أن يؤدي تخفيف الإجراءات في التعامل مع الجائحة إلى ممارسة الأنشطة الاقتصادية بشكل اعتيادي، ما يعني عدم وجود حظر كلي أو جزئي، وهو ما يؤدي لزيادة الإنتاج وزيادة الطلب، وبالتالي زيادة في النمو»، موضحاً أنه مع بدء توجه «لا للإغلاق» من المفترض أن تتحقق معدلات بالنمو، مشيراً إلى تعديل البنك الدولي مؤخراً لتوقعات النمو المعلنة في أكتوبر الماضي بشأن العام 2022. 

ونتيجة لتراكم الخبرات لدى المؤسسات الصحية والحكومات والبنوك المركزية في التعامل مع الجائحة، فإن القدرة على التكيف مع تطورات الجائحة أصبحت متوفرة وفاعلة، ما يعزز الحراك الاقتصادي العالمي، بحسب الطه.

واختتم قائلاً: إنّ هذه العوامل ربما ستعيد قراءة المشهد الاقتصادي العالمي بشكل أكثر تفاؤلاً، منوّهاً بأنّ أسعار النفط لا تزال نسبياً مرتفعة مسجلة زيادة أكثر من 50%، ما يؤثر بشكل إيجابي على اقتصادات الدول وخاصة الدول المنتجة للنفط.

معدلات النمو

وفي 11 يناير الجاري، توقع البنك الدولي في تقرير «الآفاق الاقتصادية العالمية» أنه في أعقاب انتعاش قوي في 2021، أن يُسجِّل معدل النمو العالمي تراجعاً ملحوظاً من 5.5% في 2021 إلى 4.1% في 2022 و3.2% في 2023، كما توقع أن ينخفض معدل النمو في الاقتصادات المتقدمة من 5% في 2021 إلى 3.8% في 2022 و2.3% في 2023، وهي وتيرة ستكفي مع ذلك لاستعادة الناتج والاستثمار إلى اتجاهاتهما التي كانت سائدة قبل تفشِّي الجائحة في هذه الاقتصادات.

سلاسل الإمداد

من جهته، قال الخبير الاقتصادي رضا مسلم مدير عام شركة تروث للاستشارات الاقتصادية: «بذل العالم جهداً كبيراً خلال ما يقرب من عامين للتعامل مع خطر الجائحة «كوفيد 19»، ما أكسبه خبرة كبيره في التكيف مع متغيراتها، وهو ما يسهم في مزيد من تخفيف الإجراءات وعودة النشاط الاقتصادي».

وأوضح أنّ سلاسل الإمداد تأثرت بصورة كبيرة من عمليات الإغلاق الكلي الجزئي، وأن تخفيف الإجراءات يسهم في منح السلوك البشري مزيداً من الحركة، فيما يتعرّض السلوك الاقتصادي لحالة من التذبذب نتيجة عدم اليقين الكامل في نتائج تخفيف الإجراءات.

Email