القمة العالمية للحكومات : مرونة المدن عامل محوري لتعزيز جاهزيتها لتحولات المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

كد تقرير أصدرته القمة العالمية للحكومات بعنوان "الوقت الأمثل للاستعداد للمستقبل .. خارطة طريق لتعزيز مرونة المد "، بالشراكة مع شركة "استراتيجي&" التابعة لشبكة "بي دبليو سي" العالمية، أهمية تطوير مستويات المرونة لدى المدن في المنطقة، والارتقاء بإمكاناتها المؤسسية الكفيلة بتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات، وتحديد المجالات التي يجب التركيز عليها لتحسين القدرة على التكيف وتسريع التعافي، ودراسة الفرص المقبلة في القطاعين الاقتصادي والتكنولوجي.

وأشار التقرير إلى أهمية تعزيز قدرات المدن على مواجهة التحديات التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، على البنية التحتية الاقتصادية والصحية والاجتماعية، ومعالجة الأزمات الطبيعية والمناخية لتخفيف الأضرار المتوقعة.

ويتضمن التقرير الذي تم إعداده بالشراكة مع شركة "استراتيجي&" التابعة لشبكة "بي دبليو سي" العالمية، إطاراً شاملاً يمكّن المدن من تقييم مستويات المرونة ودراسة مجالات التطوير والإمكانات المؤسسية للاستجابة والتعافي والتحول، ويتضمن 131 مؤشراً للأداء تغطي 36 مجالاً رئيسياً، وعدداً من المؤشرات الفرعية المرتبطة بها.

واستعرض التقرير مستويات المرونة في 9 مدن رئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تشمل: أبوظبي، ودبي، وعمّان، ومدينة الكويت، ومسقط، والرياض، وجدة، والدار البيضاء، إضافة إلى القاهرة، تم اختيارها بناءً على مستوياتها المرتفعة من التقدم والنمو السكاني والإسهام الكبير لكل منها في اقتصاد بلدانها، وجذبها للشركات والمستثمرين والسياح المحليين والدوليين، وتمت مقارنتها مع 11 مدينة من مناطق جغرافية مختلفة، هي: كيب تاون، وهيوستن، ولندن، ونيروبي، وساو باولو، وسيئول، وسنغافورة، وسيدني، وطوكيو، وتورونتو، إضافة إلى زيورخ، وتم اختيارها بناءً على عدة معايير تشمل التحضر، والمرونة والاستراتيجية، وهياكل الحوكمة.

وأكد محمد الشرهان نائب مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات أن التقرير الجديد يوفر من خلال الإطار التفاعلي الشامل، أداة معرفية تدعم الحكومات في تعزيز مرونة المدن وجاهزيتها في مواجهة التحديات، وقدرتها في الحفاظ على مكانتها المتقدمة من خلال دراسة قدرتها على الاستجابة للطوارئ، وإطلاق مبادرات التعافي، وتصميم مسارات التحول السريع التي تهم المجتمعات وتطور القطاعات الحيوية.

وقال الشرهان إن إطلاق التقرير يأتي في إطار شراكة القمة العالمية للحكومات مع أبرز المؤسسات البحثية لتسليط الضوء على أبرز التوجهات والتحولات المستقبلية التي تواجهها المجتمعات، ووضع الحلول والمبادرات المتقدمة بالاعتماد على التجارب الناجحة والخبرات التي طوّرتها الحكومات من مختلف أنحاء العالم.

من جهته، قال الدكتور رائد قمبرجي شريك في "استراتيجي&" ورئيس قطاع الطاقة والكيماويات والمرافق في منطقة الشرق الأوسط بالشركة : توجد العديد من التحديات الطبيعية والبشرية التي يتوجب على صانعي القرار في مدن المستقبل دراستها وتحليلها والتخطيط لها، من أجل تحديد سبل تعزيز المرونة في مدنهم، وذلك من خلال التركيز على تحديد نقاط الضعف الهيكلية، وتلبية الاحتياجات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، وتطوير القدرات المؤسسية في المدن.

وذكر التقرير أن المدن المرنة والمتقدمة تمتلك عدداً من المميزات الرئيسية، التي تشمل وضع خطط مستقبلية تضمن قدرة المدن على الصمود في وجه تأثيرات الصدمة وتخفيفها والتعافي منها، وضمان توفر الموارد وتعددها وتنوعها والانتفاع منها بالشكل الأمثل، سرعة تكيف المدن من حيث اتخاذ خطوات استجابة بطريقة فعالة ومرنة حسب الظروف المتغيرة، وتعزيز العمل والتعاون المشترك بين القطاعين الحكومي والخاص بما يسهم في تنويع الموارد والقدرات والخبرات.

كما تتميز المدن المتقدمة بقدرتها على التركيز على الأفراد أولاً من خلال توفير احتياجاتهم وتعزيز جودة حياتهم ورفاههم وضمان اندماجهم وإشراكهم في صنع القرار وتمكينهم، وقدرتها على تطوير خطط ابتكارية وتجريبية ضمن المدن للمساعدة على التعافي، إضافة إلى كونها شاملة من حيث تقديم حلول مبنية على تأثيرها على الأنظمة وضمان القدرة على قياسها.

وأشار إلى أن أهمية المدن تكمن في كونها تمثّل قلب اقتصاد الدول، إذ تحقق تنمية اقتصادية وابتكاراً ونمواً يصل إلى 80% من الناتج المحلي العام، كما أنها تحتضن 55% من إجمالي سكان العالم، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة بحلول 2050.

ولفت التقرير إلى تحقيق مدينتي أبوظبي ودبي مكانة متقدمة في المرونة والجاهزية، ضمن أفضل 10 مدن تتمتع بمميزات عالية تمكّنها من مواجهة مختلف التحديات الاقتصادية، والاجتماعية، والطبيعية، مشيرا إلى تمتع مدن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بإمكانات عالية، ومستويات مرتفعة من المرونة في مجالات أمن الطاقة، والتعليم، والصحة في المجتمع، والتنوع التجاري، وتطور البيئة التحتية للنقل.
وسلط التقرير الضوء على الجهود الحكومية التي بذلتها إمارة دبي في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، وقدرتها على تطويقها والتقليل من آثارها على المديين القصير والبعيد، حيث أطلقت حكومة دبي مبادرات عدة، شملت تبني نموذج عمل مختلط من الحوكمة، ركز على التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية ومستويات التسلسل الإداري، ودعمت تلك الجهود من خلال إشراك جميع الأطراف في عملية اتخاذ القرار.

وأكد التقرير أن مدن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تواجه عدة تحديات رئيسية ناتجة عن التغير المناخي، والأمن السيبراني، وغيرها .. كما أنها تواجه تحديات في التأمين الاجتماعي والخدمات الصحية الطارئة. يمكن مواجهة هذه التحديات عبر وضع خطط شاملة لتطوير البنية التحتية لتحقيق فوائد عالية.

وأوصى التقرير بمجموعة من الخطوات والإجراءات التي يجب أن تركز عليها مدن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال المرحلة المقبلة، بما في ذلك الاستفادة من توجيه الموجة التالية من الاستثمار نحو مبادرات تعزيز المرونة، ما يساعد اقتصاداتها ومجتمعاتها على التعافي وتعزيز الجاهزية في وجه الصدمات المستقبلية.

وأشار إلى أهمية العمل على تقييم مدى تعرض المدن للمخاطر الطبيعية والبشرية، والتركيز على مجالات التطوير التي تشمل الاحتياجات الأساسية والمجتمع والاقتصاد والبيئة الحضرية، من أجل تقوية الإمكانات المؤسسية اللازمة لتحقيق الهدف المنشود؛ وتطرق إلى أمثلة على مجالات التطوير تشمل زيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي للمواد الأساسية لضمان كفايتها في حالات الطوارئ، وتوفير تغطية شاملة للرعاية الصحية وشبكات الأمان الاجتماعي، وتدارك نواقص الموازنة والمجالات التي تحتاج إلى تطوير على المستوى المالي.

ولفت التقرير إلى إمكانية أن تستفيد بعض الدول من رفع مستوى اللا مركزية واستقلالية المدن في اتخاذ القرارات، بالنظر إلى حجم الدول والاختلافات في مستوى التعرّض للأخطار والمجالات التي تحتاج إلى تطوير في المدن، مؤكداً أنه من خلال الاستثمار الملائم والبناء السليم لإمكاناتها المؤسسية، تستطيع مدن المنطقة تعزيز جاهزيتها لتحديات المستقبل وتحقيق أعلى مستويات الاستجابة والتعافي والتحول.

جدير بالذكر، أن القمة العالمية للحكومات أعلنت مؤخراً عن توقيع 9 شراكات معرفية جديدة مع نخبة من أبرز الشركات الاستشارية والمؤسسات البحثية العالمية المتخصصة، لإطلاق سلسلة تقارير ودراسات علمية مبنية على رؤى استباقية لتحديد أهم التوجهات والفرص الجديدة لدعم الحكومات، وتعزيز جاهزيتها للمستقبل وعالم ما بعد جائحة فيروس كورونا المستجد.

وتركز التقارير على استشراف مستقبل الحكومات حول العالم، ودراسة التحولات العالمية والتحديات التي تواجه العالم، وتحديد الأولويات ومتطلبات المرحلة المقبلة، ووضع آليات ومنهجيات عمل جديدة بناء على البيانات الحديثة لتمكين الجيل القادم من الحكومات.

Email