الرئيس التنفيذي لـ«ماجد الفطيم» القابضة لـ « البيان»:

عودة قوية لتجارة التجزئة في الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي
أكد آلان بجاني، الرئيس التنفيذي لشركة «ماجد الفطيم» القابضة، أن هناك عودة قوية لقطاع تجارة التجزئة في الإمارات، تقوده نحو مستقبل أكثر استدامة.
 
وقال بجاني في تصريحات خاصة لـ«البيان»:
 
«في ظل التصاعد الحالي لمنحنى المؤشرات الإيجابية، لا يسعنى إلا النظر إلى النصف الممتلئ من الكوب، حتى وإن عدنا بالنظر إلى الشهور الماضية منذ بداية «كورونا» التي أحدثت اضطرابات غير مسبوقة على جميع المستويات.
 
وذكر بجاني أن المرحلة الراهنة قد فرضت التوقف لبرهة والضغط على زر إعادة الضبط، ومن ثم الانطلاق مجدداً بوعيٍ متنامٍ باستحقاقات مستقبلنا والقبول بالتغيير وتبني عناصره وتفعيل أدواته بأساليب أكثر ابتكارًا لم نعهدها من قبل.
 
وقال: «بطبيعة الحال، دخلت الحكومات والجهات الصحية الرسمية والقطاعات الاقتصادية وكذلك الشعوب على مستوى العالم في حالة من التآزر والتعاون على أعلى مستوى للحد من انتشار الجائحة، ومن أجل حماية الناس والمجتمعات ومصالح الجميع، وذلك عبر البحث عن طرق مبتكرة لتسيير الأعمال والحفاظ على مستويات مقبولة من مظاهر الحياة الطبيعية وسط هذه الظروف الاستثنائية».
 
وتابع: «من بين القطاعات التي شهدت وتيرة متسارعة ومفاجئة من المتغيرات، كان قطاع تجارة التجزئة وخصوصاً المنتجات الاستهلاكية، الذي شهد حالة من الاضطراب على مستوى الطلب واتخاذ قرارات الشراء.
 
وقد شكّل ذلك تحدياً واختباراً لقدراتنا على التكيّف مع تلك المتغيرات ومدى استعدادنا للعب دورنا الأساسي في استعادة التعافي الاقتصادي، ليس على مستوى دولة الإمارات وحسب، وإنما على مستوى المناطق الجغرافية التي نتواجد فيها إقليمياً وعالمياً».
 
وقال: على الرغم من التحديات التي فرضتها الجائحة بشكل مفاجئ لنا جميعًا خلال عام 2020، إلا أننا اليوم وبفضل الكثير من الجهود المبذولة، نشهد عودة قوية لقطاع التجزئة في دولة الإمارات إلى مستويات ما قبل الجائحة، وذلك إذا ما أخذنا على سبيل المثال التعافي السريع لبيانات الزيارات الفعلية للمتسوقين في مراكز التسوق التابعة لنا خلال النصف الأخير من العام الماضي والنصف الأول من العام الحالي.
 
وأردف: أظهرت «بيانات نقاط البيع» الخاصة بنا والتي قام برصدها طرف ثالث محايد، وهي البيانات التي تجمع بين معاملات البيع والإقبال على زيارة مراكز التسوق التابعة لنا، أن قطاع تجارة التجزئة في الإمارات قد شهد انتعاشًا طفيفًا في النصف الثاني 2020.
 
فبعد تراجعه الحاد الذي استمر حتى نهاية أبريل، شهد القطاع مجددًا انتعاشة أخرى بين شهري مايو وأغسطس. ومن ثم تحول مستوى الانخفاض المتوسط في شهر أكتوبر إلى انتعاشة قوية في مبيعات التجزئة مع نهاية 2020 والتي اقتربت بياناتها من مستويات ما قبل الجائحة في 2019.
 
وأضاف: مع الأخذ بعين الاعتبار أن أكثر من ثلثي الشركات وأصحاب الأعمال في الإمارات قد اتخذوا إجراءات خاصة بشؤون الموظفين ضمن استجابتهم للجائحة (بحسب تقرير «ميرسر» حول التعويضات والمزايا لشهر مايو 2020).
 
فقد كان من الطبيعي أن تتبدل سلوكيات المستهلكين فيما يخص الإنفاق، لتصبح أكثر حذراً مع بداية انتشار الجائحة، وانحصار تركيزهم على شراء المواد الضرورية والمستلزمات الأساسية والتوجه بقوة نحو المنتجات التي تُعرض على أرفف العروض الترويجية الخاصة، بالإضافة إلى نشوء توجه عالمي نحو التفكير أولاً في القيمة السعرية على حساب الولاء للعلامة التجارية التي كان يفضلها العملاء في السابق.
 
واستطرد قائلاً: السمة الأبرز خلال العام الماضي في الإمارات، كان ما سجلته التجارة الإلكترونية من معدلات نمو قوية، حيث قفزت نسبة مبيعات التجزئة عبر المنصات الرقمية من 5% مع بداية 2020 إلى 10% مع نهايته. وقد كان النمو المسجل في الربع الأخير من العام الماضي هو الأقوى، وذلك بفضل العروض الاستهدافية والفعاليات التي ساهمت بشكل كبير في إحداث تلك الانتعاشة.
 
وقال: مع ذلك، فلم يكن استعادة مستويات الطلب المحلي أمرًا كافيًا، وذلك لأن نحو ربع التراجع الذي شهده قطاع تجارة التجزئة في عام 2020 جاء نتيجة تعليق أنشطة السياحة والسفر الدولية للحد من انتشار الجائحة.
 
وأضاف: مع بداية ظهور اللقاحات المضادة للفيروس في وقت مبكر من هذا العام، عاد بصيص الأمل يطل من جديد مبشرًا بعودة الحياة إلى طبيعتها قريبًا. ولكن ذلك لا يعني أبدًا الاسترخاء والتنازل عن مستويات الحيطة والحذر، فلم يحن الوقت بعد لأن نتوقف ونلتقط أنفاسنا.
 
فأكثر من خُمس الشركات العالمية لا تتوقع عودة الأمور إلى طبيعتها قبل حلول عام 2022 على أقرب تقدير، وذلك بحسب تقرير «اكسفورد إكونوميكس» (آفاق الشرق الأوسط - الصادر في فبراير /‏‏‏‏ مارس 2021).
 
وذكر أنه بالنسبة لدولة الإمارات، فقد استمر منحنى التعافي الناعم الذي رصدناه في نهاية 2020 في اتخاذ نمط متذبذب حتى الربع الأول من عام 2021. فبعد موسم عطلات قوي في ديسمبر 2020، أظهرت البيانات حدوث انخفاض في أعقاب تلك الفترة، قبل أن يرتفع الزخم مرة أخرى في مارس 2021. وفي الواقع، ارتفعت نسبة أنشطة تجارة التجزئة بنحو 7% على أساس سنوي في مارس 2021 بما يعادل نسبة أقل فقط من 3% بالمقارنة مع ذات الفترة من 2019.
 
وقال: في حين شهدت أنشطة السوبرماركت والهايبرماركت انخفاضاً بنسبة 27% في الإنفاق على أساس سنوي في مارس من هذا العام، فقد أشارت بياناتنا إلى أن المستهلكين قد استعادوا مرة أخرى توجههم نحو الإنفاق بشكل أكبر على السلع غير الأساسية، وهو ما كانوا قد توقفوا عنه في الجزء الأفضل من عام 2020.
 
كما عادت مبيعات الأزياء إلى مستويات ما قبل الجائحة منذ أواخر عام 2020، وزاد الإنفاق على باقات العطلات الفنادقية بأكثر من الضعف. كما أبدى العملاء استعدادًا أكبر للإنفاق على نزهات تناول الأطعمة والمشروبات خارج المنزل وشراء المفروشات المنزلية، والتي حققت جميعها زيادة بنسبة 50% على أساس سنوي.
 
وأشار إلى أنه كان متوقعاً أن تستمر معاناة قطاع السياحة العالمي في ظل تحديات الجائحة، والتي نتج عنها انخفاض في أعداد الزوار القادمين من خارج الدولة، حيث لا تزال العديد من الأسواق تفرض قيودًا على السفر الدولي.
 
وعلى الرغم من ذلك، كانت هناك إشارات ملحوظة على وجود انتعاشة قوية في قطاع السياحة على المستوى المحلي خلال أشهر الشتاء بفضل حملات الترويج السياحي الحكومية الناجحة والتي استهدفت في المقام الأول سكان الدولة.
 
ومع ذلك، فقد كان واضحاً أن الزوار الدوليين الذين اختاروا التوجه إلى دبي لقضاء عطلتهم قد استمتعوا بتجربتهم، حيث زاد طول مدة إقامة النزلاء بأكثر من الثلث مما ساهم في مضاعفة إجمالي الإنفاق السياحي.
 
وذكر أنه بالإضافة إلى انتعاش قطاع تجارة التجزئة التقليدي، فما يزال قطاع التجارة الإلكترونية يسجل بيانات متفردة، حيث ارتفع الإنفاق الاستهلاكي عبر القنوات الرقمية في فبراير 2021 بنسبة 30% على أساس سنوي، ما أكد على أن الارتفاع السريع للمبيعات عبر هذه القنوات خلال مرحلة انتشار الجائحة لم يكن مجرد طفرة عابرة، بل إشارة قوية على حدوث تغير جذري ودائم في توجهات وسلوكيات التسوق.
 
وأكد أن الخطط الحكومية الفعّالة والسريعة أسهمت في حماية الأعمال التجارية والمجتمعات. وبنظرة عامة، وعلى الرغم من التحديات التي واجهناها، فقد نجح المستهلكون من عبور هذه العقبة الاقتصادية، كما أبدى تجار التجزئة قدرتهم الواسعة على التكيف وبدرجة كبيرة. ومن هنا بدأت تعود الثقة، وأعتقد أن قطاع تجارة التجزئة في دولة الإمارات مقبل على انتعاشة أخرى في عام 2021.
 
وسيكون محور هذا التعافي هو القدرة على الابتكار وتحقيق المرونة التي تلبي احتياجات وتطلعات العملاء دائمة التغير. فعلى سبيل المثال، أصبحت العروض الترويجية الرقمية اليوم جزءًا أساسيًا من تجربة مبيعات التجزئة في الإمارات، ويجب أن يركز القطاع على الاستمرار في رفع مستوى مقومات اعتماده على قنوات التجارة الإلكترونية بشكل أكبر.
 
كما أكد على ضرورة عدم تجاهل تجربة التسوق التقليدية، فما يزال التسوق الشخصي وثيق الصلة بتجربة الشراء. وعلى المتاجر التقليدية أن تجد لنفسها نقطة التميز الجاذبة الجديدة الخاصة بها. حيث تشير بيانات «مختبر السعادة» الخاص بنا إلى أن ما يصل إلى نصف مبيعات الأزياء والأجهزة الإلكترونية عبر الإنترنت خلال شهر يناير 2021 قد بدأت بزيارة تقليدية لأحد المتاجر.
 
وقال: في ذات السياق، نجد أن تبني مبدأ «القيمة مقابل المال» واسع الانتشار لم يكن مجرد ردة فعل على الجائحة. فالمزيد من المستهلكين يتحولون إلى «مدخرين حكماء» وذلك بحسب تقرير «يورومونيتور» الخاص بأبرز عشرة اتجاهات عالمية للمستهلكين في عام 2021.
 
فقد أصبح المستهلكون يختارون شراء المنتجات التي تتوفر لهم بأسعار في المتناول والتي يتم بيعها تحت علامة تجارية خاصة يثقون بها، بالإضافة إلى تجنب الشراء الاندفاعي، وتبني عادات الاستهلاك المستدام.
 
ومن خلال التوفير في الإنفاق اليومي، يتمكن المستهلكون من ادخار ما يكفي من الأموال التي يتم توجيهها فيما بعد نحو التجارب أو المشتريات غير الأساسية التي تلبي تطلعاتهم الشخصية المحببة لهم.
 
وأضاف: لا يمكننا أن ننسى جيل ما بعد الألفية والذي يعد الأكثر تنوعًا في التاريخ. وباعتبارهم مجموعة متميزة من المستهلكين، فإنه يتم اليوم استهدافهم بمعلومات أكثر بكثير بالمقارنة مع كل الأجيال التي سبقتهم، وبالتالي فإن اجتذاب انتباههم واكتساب ثقتهم وولائهم سيكون أمرًا بالغ الأهمية لأي عمل تجاري.
 
وبصفتنا جزءاً من قطاع تجار تجزئة، فإننا بحاجة إلى إعادة ضبط عملياتنا حتى نتمكن من الاستجابة بسرعة لهذه المتغيرات التي طرأت على توجهات وسلوكيات الشراء.
 
واختتم تصريحه قائلاً: من خلال العمل معًا، سنتمكن جميعاً كحكومات وشركات ومجتمعات من المحافظة على قدر كافٍ من المرونة لدفع النمو الاقتصادي بطريقة عادلة ومستدامة، فنحن بحاجة إلى نجاح نموذج عملنا التعاوني، والذي يعتمد عليه نجاح جهود إعادة ابتكار قطاع التجزئة في عالم ما بعد الجائحة.
 
Email