قطع أكثر من مليون و150 ألف كيلومتر منذ انطلاقه وحتى اليوم

«الإمارات لاستكشاف المريخ» يحتفل بمرور عام على الإطلاق الناجح لـ «مسبار الأمل»

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يحتفل اليوم مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، بمرور عام على الإطلاق الناجح للمسبار على متن الصاروخ «إتش 2 إيه»، إلى رحلته التاريخية من قاعدة تنغاشيما اليابانية، في الـ 20 من يوليو 2020، في وقت يواصل فيه «مسبار الأمل»، الذي يدور حول الكوكب الأحمر حالياً، مهمته العلمية لجمع معلومات وبيانات لم تتوصل إليها البشرية من قبل.

ومنذ انطلاقه في رحلته التاريخية لاستكشاف الكوكب الأحمر، قطع «مسبار الأمل» أكثر من مليون و150 ألف كيلو متر، تشمل دورانه حول المريخ دورة كاملة كل 55 ساعة تقريباً، منذ وصوله إلى المدار.

ويمثل يوم الـ 20 من يوليو 2020، محطة مضيئة في تاريخ مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، كونه يجسد حجم التحديات التي تمكن فريق عمل المشروع من تخطيها بنجاح، لإتمام الإطلاق في موعده، خصوصاً أن عملية نقل المسبار من دبي إلى محطة الإطلاق في اليابان، تمت في ظل «الإغلاق الكبير»، وتوقف حركة الطيران الذي شهده العالم ضمن حزمة من الإجراءات الاحترازية لمكافحة التفشي العالمي لجائحة فيروس «كورونا» المستجد.

ويؤرخ هذا اليوم للحظة تاريخية، تتمثل في انطلاق أول مهمة لاستكشاف الكواكب، تقودها دولة عربية، لتصبح دولة الإمارات العربية المتحدة لاحقاً، وتحديداً في الـ 9 من فبراير 2021، خامس دولة في العالم تصل بنجاح إلى مدار كوكب المريخ، ليتم بذلك تتويج أكثر من 7 سنوات من العمل الدؤوب والمتفاني لفريق العمل، الذي واصل الليل بالنهار، وسابق الزمن، من أجل تحقيق هذا الإنجاز العلمي والفضائي التاريخي.

مناسبة وطنية

وقالت معالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة، رئيسة وكالة الإمارات للفضاء: يعد يوم الـ 20 من يوليو 2020، مؤرخاً لمحطة مضيئة في مسيرة التقدم العلمي والفضائي للدولة، عندما انطلق مسبار الأمل إلى الفضاء، متجاوزاً بنجاح كل التحديات التي واجهت المشروع، ويتزامن مرور عام على انطلاق المسبار إلى الفضاء، مع توالي الإنجازات العلمية التي يحققها المسبار، عبر إرساله بيانات ومعلومات قيمة وغير مسبوقة عن الكوكب الأحمر.

وتابعت معاليها: إن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، يعزز مكانة الإمارات في المجتمع العلمي العالمي، كدولة منتجة للمعرفة، لأن المسبار سيوفر للعالم صورة كاملة عن المناخ والطقس والغلاف الجوي للمريخ، وهي معلومات لم يصل إليها الإنسان من قبل، وتجيب عن العديد من الأسئلة التي حيرت العلماء حول أسرار تحول المريخ إلى كوكب جاف وقاسي المناخ، كما هو حاله حالياً، رغم وجود آثار لمياه على سطحه.

محطة مضيئة

ومن جهته، قال حمد المنصوري رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء: إن يوم العشرين من يوليو 2020، يؤرخ للحظة فارقة في تاريخ قطاع الفضاء الوطني في دولة الإمارات، عندما تمكن فريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، من إطلاق المسبار بنجاح في رحلته التاريخية، متخطياً كل التحديات، ومحولاً ثقافة تحدي المستحيل، التي تحرص القيادة الرشيدة على غرسها في عقول ووجدان أبناء الوطن، إلى واقع وفعل ملموس.

وبدوره، قال المهندس عمران شرف عمران شرف مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، إن الاحتفال بمرور عام على الانطلاقة التاريخية للمسبار في رحلته الفضائية، يتوج سنوات من العمل الدؤوب والمتفاني لفريق المشروع من الكوادر الوطنية، بالشراكة والتعاون مع الشركاء الدوليين لهذا المشروع الطموح، الذي يعد مساهمة نوعية من دولة الإمارات العربية المتحدة، في مسيرة التقدم العلمي للإنسانية، كونه يوفر معلومات غير مسبوقة عن الكوكب الأحمر.

مزايا 

وقال: إن المسبار يواصل حالياً مهمته العلمية في مدار المريخ، التي بدأت رسمياً في مايو الماضي، ويتيح المدار البيضاوي الفريد لمسبار الأمل، بزاوية 25 درجة، جمع دفعة من البيانات والصور عالية الدقة للغلاف الجوي للكوكب كل 225 ساعة، أي 9.5 أيام، مشيراً إلى أن المسبار الذي يدور حالياً دورة كاملة حول المريخ مرة كل 55 ساعة، قطع نحو مليون و150 ألف كيلومتر، منذ بدأ المرحلة العلمية وحتى اليوم.

فكرة في صير بني ياس

وكان مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، بدأ كفكرة طرحت في الخلوة الحكومية عام 2013، في جزيرة صير بني ياس، ضمن أفكار أخرى للاحتفال بطريقة مميزة باليوم الوطني الـ 50 للدولة في عام 2021.

وفي الـ 16 من يوليو 2014، تحول إرسال مسبار لاستكشاف المريخ، من فكرة خضعت للدراسة والتخطيط الدقيق، إلى مبادرة وطنية استراتيجية، أعلنها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تحت اسم مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ. وتم اختيار اسم «مسبار الأمل»، ليكون رسالة أمل من دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى شباب وشعوب المنطقة والعالم.

وتم تكليف مركز محمد بن راشد للفضاء، بإدارة وتنفيذ جميع مراحل المشروع، في حين تولت وكالة الإمارات للفضاء، الإشراف العام على المشروع، الذي يعد ثمرة تعاون وثيق بين فريق من العلماء والباحثين والمهندسين الإماراتيين، وشركاء دوليين للمعرفة من أنحاء العالم، لتطوير القدرات اللازمة لتصميم وهندسة مثل هذا النوع الدقيق من المهمات الفضائية.

نافذة الإطلاق

واستمر العمل في تصميم وتنفيذ وبناء المسبار 6 سنوات، وتم إنجازه في فبراير 2020، وهي نصف المدة المعتادة في مثل هذا النوع من المشاريع، والتي تتراوح ما بين 10 إلى 12 عاماً، وتم ذلك بكفاءة عالية، وفي وقت قياسي، حتى يتم إطلاق المسبار في وقت يسمح له بالوصول إلى مدار المريخ، ضمن «نافذة الإطلاق» التي تحدد وفقاً لحسابات علمية وفلكية عالية الدقة، وبما يتيح للمسبار الوصول إلى مدار المريخ في أقصر وقت ممكن.

وتم إنجاز المشروع بنصف التكلفة الاعتيادية للمشاريع العلمية الأخرى إلى كوكب المريخ، حيث بلغت التكلفة 200 مليون دولار، وتعتبر من بين الأقل في العالم، قياساً بمهمات ومشروعات مماثلة، وذلك بفضل جهود الكوادر الهندسية والبحثية والعلمية الوطنية.

تحديات «كورونا»

وفي أبريل 2020، تمكن فريق المشروع من تخطي التحديات الناجمة عن التفشي العالمي لجائحة «كورونا»، ونجح في نقل المسبار من مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي، إلى قاعدة الإطلاق في تناغاشيما باليابان، في رحلة استغرقت أكثر من 83 ساعة براً وجواً وبحراً.

وفور وصوله، وبعد التأكد من سلامة المسبار، وما يحمله من أجهزة علمية، بدأ فريق العمل تجهيز المسبار للإطلاق، واستغرقت هذه العملية 50 يوم عمل.

ولم تنتهِ التحديات التي واجهها فريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ بنجاحه في نقل المسبار وتجهيزه للإطلاق، إذ ظهرت تحديات جديدة، تتعلق بالأحوال الجوية في قاعدة الإطلاق، وعلى إثرها، تأجل إطلاق المسبار، الذي كان مقرراً له صباح يوم 15 يوليو 2020، بسبب الظروف الجوية غير الملائمة، ليقوم فريق العمل بإعادة جدولة الموعد ضمن «نافذة الإطلاق» الممتدة من 15 يوليو وحتى 3 أغسطس.

أول عد تنازلي بالعربية

وفي العشرين من يوليو 2020، جرت عملية الإطلاق بنجاح، عند الساعة 01:58 صباحاً بتوقيت الإمارات. ولأول مرة في تاريخ المهام الفضائية لاستكشاف الفضاء، يتردد العد التنازلي باللغة العربية، وسط متابعة مكثفة من جانب وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية.

وعلى مدار الأشهر الـ 7 التالية، قطع مسبار الأمل 493 مليون كيلومتر، وخلال هذه الرحلة، قام فريق العمل بإجراء عدة عمليات ناجحة لتوجيه مسار المسبار، الذي مر خلال هذه الرحلة بـ 6 مراحل.

وفي الـ 8 من نوفمبر 2020، أنجز فريق عمل مسبار الأمل، بنجاح، مناورة توجيه المسار الثالثة الأخيرة، ليتحدد على إثرها بدقة موعد وصول المسبار إلى مدار المريخ يوم 9 فبراير 2021، عند الساعة 7:42 مساء بتوقيت الإمارات.

وفي الموعد المحدد، دخل المسبار بنجاح إلى مدار المريخ، لتصبح الإمارات خامس دولة في العالم تحقق هذا الإنجاز التاريخي، وأول الواصلين إلى الكوكب الأحمر خلال عام 2021، قبل مهمتين مثيلتين انطلقتا للفضاء في وقت متزامن مع مهمة «مسبار الأمل»، وتقودهما كل من الصين والولايات المتحدة.

ويعد المدار الذي اختاره فريق مسبار الأمل، مبتكراً للغاية، وفريداً من نوعه، وسيسمح لـ «مسبار الأمل» بإمداد المجتمع العلمي العالمي بأول صورة متكاملة عن الغلاف الجوي لكوكب المريخ وطقسه، على مدار 24 ساعة في اليوم، وطوال أيام الأسبوع.

بداية 

وفي يوم 14 فبراير 2021، تم نشر أول صورة التقطها مسبار الأمل لدى وجوده في مدار المريخ للكوكب الأحمر، وفقاً للخطط الزمنية الموضوعة، مدشناً بذلك بداية مرحلة جمع 1000 غيغابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ.

وتابع هذه الصورة الملايين في دولة الإمارات العربية المتحدة والوطن العربي والعالم بشغف، والتي ستخلد في كتب التاريخ، باعتبارها أول صور يلتقطها مسبار عربي يصل إلى أبعد نقطة في الكون، وأول صورة تلتقط لكوكب المريخ بأجهزة علمية حديثة ومبتكرة، تديرها وتشغلها كفاءات وطنية إماراتية عربية، ضمن مهمة «مسبار الأمل» الأساسية، في توفير معلومات وبيانات وصور حول الغلاف الجوي لكوكب المريخ.

وكان استقبال فريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، للصورة الأولى للكوكب الأحمر، ونشرها، دليلاً على كفاءة المسبار وأنظمته الفرعية وأجهزته العلمية وجودتها، والتواصل السلس والفعال مع مركز التحكم في منطقة الخوانيج في دبي، ما يؤكد أن مهمة المسبار تمضي وفق الخطط الموضوعة والمدروسة.

وتظهر الصورة التي التقطت عند شروق الشمس، بركان «أوليمبوس مؤنس»، الذي يعد أكبر بركان على كوكب المريخ، وأكبر بركان في المجموعة الشمسية. والتقطت الصورة على ارتفاع حوالي 25000 كيلومتر فوق سطح المريخ، ويظهر في الجزء العلوي من يسار الصورة، القطب الشمالي للمريخ، ويمكن رؤية بركان «أوليمبوس مؤنس» في وسط الصورة، مع بزوغ ضوء الشمس. كما تظهر الصورة بشكل واضح، البراكين الثلاثة القريبة من خط الاستواء على المريخ، وهي قمة «اسكريوس»، وقمة «بافونيس»، وقمة «أرسيا».

ومنذ وصوله إلى مدار الالتقاط حول المريخ، وخلال شهري فبراير ومارس ومطلع أبريل، أجرى فريق العمل مجموعة من عمليات المعايرة والاختبارات للأجهزة العلمية التي يحملها المسبار على متنه، وأظهرت هذه العمليات، التي جرى التحكم فيها من محطة التحكم الأرضية، أن المسبار وأجهزته العلمية وأنظمته الفرعية تعمل بكفاءة.

وفي 14 أبريل 2021، نجح مسبار الأمل في الانتقال من مدار الالتقاط إلى مداره العلمي، عبر مجموعة من عمليات المناورة، جرى فيها تشغيل محركات المسبار لمدة 510 ثوانٍ. وبعد هذا النجاح، أصبح مسبار الأمل الآن في مداره النهائي حول المريخ، وجاهزاً لتحقيق الهدف الرئيس للمهمة، عبر جمع البيانات العلمية لمدة عامين، وفي هذه المرحلة، يتخذ المسبار مداراً بيضاوياً حول المريخ، على ارتفاع يتراوح ما بين 20000 إلى 43000 كيلومتر، ويستغرق 55 ساعة لإتمام كل دورة كاملة حول المريخ.

أول صورة للشفق المريخي

وفي 30 يونيو الماضي، كشف مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، عن الصور الأولى من نوعها، التي ترصد بشكل كامل وغير مسبوق، ظاهرة الشفق المنفصل Discrete Aurora، في الغلاف الجوي للمريخ، أثناء الليل، باستخدام الأشعة الفوق بنفسجية البعيدة far ultraviolet. وتسهم هذه الصور الاستثنائية غير المسبوقة، في إثراء معارف العلماء والباحثين عند دراسة التفاعلات بين الإشعاع الشمسي والمجال المغناطيسي للمريخ وغلافه الجوي.

1000 غيغابيت من البيانات العلمية

وتتواصل المهمة العلمية لمسبار الأمل، حتى مايو 2023، قابلة للتمديد لمدة سنة مريخية أخرى، وسوف يجمع طوال هذه المدة، أكثر من 1000 غيغابايت من البيانات العلمية، والصور عالية الدقة، حول الغلاف الجوي لكوكب المريخ ومناخه.

تقدير عالمي

في لفتة تبين حجم التقدير العالمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، فاز المشروع بجائزة الإنجاز الدولي، خلال حفل توزيع جوائز السير آرثر كلارك المرموقة لعام 2020، وذلك تكريماً لهذا الإنجاز العلمي التاريخي، لدولة الإمارات العربية المتحدة.

Email