القمة العالمية للصناعة تستكشف آفاقاً جديدة لتعزيز الرقمنة وتحقيق الازدهار العالمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد برناردو كالزاديلا سارمينتو، المدير العام ومدير إدارة التجارة والاستثمار والابتكار في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، أن الثورة الصناعية الرابعة بعصر جديد من النمو الصناعي والتكنولوجي في جميع أنحاء العالم، حيث تساهم التقنيات الرقمية المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وسلاسل الكتل (البلوك تشين)، والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء، في تطوير وتسريع العمليات وتعظيم الإنتاج وتحسين أداء سلاسل التوريد وتعزيز التواصل بين البشر والآلات.

وأضاف أن النمو الهائل في التقنيات الرقمية ساهم في تطور العديد من القطاعات، والقطاع الصناعي على وجه الخصوص، وبوتيرة تتسارع عاماً بعد عام. حيث بات واضحاً اليوم أن الشركات التي توظف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في أعمالها تتسم بقدرة أكبر على التعافي من الأزمات المستجدة، مثل أزمة وباء كورونا، مقارنة بالشركات التي تعتمد على الأساليب التقليدية في إدارة أعمالها.

ولفت إلى أنه أصبح من الضروري أن تقوم الشركات والمجتمعات والدول بتوظيف الإمكانات الضخمة لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتعزيز السلامة ورفع الإنتاج وتحقيق الكفاءة الصناعية وابتكار الحلول للتحديات المختلفة التي نواجهها، مثل تغير المناخ، وتمهيد الطريق نحو الاقتصاد التدويري. ولا شك أيضاً أن توظيف التقنيات المتقدمة في الأعمال والصناعات والخدمات سيساعد على تحقيق أهداف خطة 2030، وخاصة الهدف التاسع، والذي ينص على «توفير بنية تحتية مرنة، وتعزيز التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة وتشجيع الابتكار».

ومن الضروري بذل كافة الجهود لمحاولة سد الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة والدول النامية ودعمها بشكل أكبر حتى تتمكن من توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في أعمالها ولتتمكن من الازدهار. ويشير تقرير التنمية الصناعية الصادر عن منظمة (اليونيدو) في 2020، إلى أن عشرة اقتصادات (معظمها في شمال العالم) تستحوذ على ما نسبته 90% من براءات الاختراع و70% من الصادرات المرتبطة بالابتكارات المتقدمة، في حين أن 88 دولة (معظمها في جنوب العالم) لديها مشاركة قليلة أو معدومة في هذا القطاع، سواء كمستهلكين أو منتجين، الأمر الذي يشير إلى اتساع الفجوة الرقمية. كما أن العالم يشهد تباينات كبيرة في البنية التحتية الرقمية، حيث تظهر الأرقام الصادرة عن الاتحاد الدولي للاتصالات في العام 2019، أن 85% من الأسر في أوروبا تملك اتصالاً بشبكة الإنترنت، في حين أن هذه النسبة تنخفض إلى حوالي 14% فقط في إفريقيا. وفي حال استمرت أوجه عدم المساواة هذه أو اتسعت، فلن نتمكن من القضاء على الفقر في جميع أنحاء العالم، وهو الهدف الشامل لخطة 2030، ولن نتمكن من تعزيز دور المرأة في الصناعات الرقمية، الأمر الذي يثير الكثير من القلق على المستوى العالمي.

وفي العام 2019، عقدت منظمة اليونيدو مؤتمرها العام الثامن عشر للتنمية الصناعية في الإمارات، الشريك القوي والمكرس لمنظمة اليونيدو، لمناقشة سبل تحقيق التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة وتحديد السياسات العامة للمنظمة. وشهد المؤتمر أيضاً اعتماد الدول الأعضاء في اليونيدو إعلان أبوظبي التاريخي، والذي دعا إلى تشكيل تحالفات وثيقة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الابتكار في مختلف المجالات، بما في ذلك خلق فرص العمل وتطوير البنية التحتية وخفض انبعاثات الكربون ونقل التكنولوجيا. ويؤكد الإعلان التزام دولة الإمارات بتسخير التقنيات المتقدمة وتعزيز الشراكات العالمية لبناء اقتصاد تدويري مستدام.

وفي 2020، أنشأت اليونيدو قسماً خاصاً للرقمنة والتكنولوجيا والأعمال التجارية الزراعية لدعم الدول الأعضاء في عملية توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وقد باشرت المنظمة العمل في العديد من مشاريع التعاون الفنية، بما في ذلك مشروع إنترنت الأشياء في كينيا في 2020، والذي يتم فيه توظيف إنترنت الأشياء للمساعدة في توفير الطاقة الحرارية الأرضية، كما قامت المنظمة بالتعاون مع مجموعة من الشركاء في غانا بتوظيف تقنية سلاسل الكتل (البلوك تشين) لتتبع سلاسل القيمة الخاصة بمحصول الكسافا، واستخدمت المنظمة تقنية الواقع المعزز الافتراضي لتسهيل تبادل الخبرات بهدف تطوير البنية التحتية، وفي ناميبيا، اعتمدت المنظمة على صور الأقمار الصناعية لوضع خطة لإبطاء عملية التصحر وتعزيز الإمدادات الغذائية، كما عملت المنظمة مع شركاء في الصين لتوظيف الروبوتات لتوصيل الطعام وإمدادات الطوارئ للعاملين في المستشفيات. ويقوم موظفونا حالياً بوضع اللمسات الأخيرة على منهجية لتقييم مدى إمكانية استخدام تقنية سلاسل الكتل (البلوك تشين) لتتبع سلاسل القيمة في الدول النامية.

وفيما يتعلق بدعم السياسات، سيركز تقرير التنمية الصناعية القادم لليونيدو على التعافي من وباء كورونا، حيث سيوفر «مركز المعرفة» التابع لليونيدو ومنصة التحليلات الصناعية أحدث الأبحاث المتعلقة بأفضل السياسات المتبعة، فيما سيوفر «مرفق تنمية التعلم والمعرفة» التدريبات اللازمة لاكتساب المهارات المستقبلية. وستساهم الدورة الرابعة من القمة العالمية للصناعة والتصنيع، والتي تقام تحت عنوان «الارتقاء بالمجتمعات: توظيف التقنيات الرقمية لتحقيق الازدهار»، في تحفيز عقد الشراكات واتخاذ الإجراءات وفتح أبواب الحوار بهدف تحقيق تنمية صناعية شاملة ومستدامة.

Email