حمد المنصوري: الرهان على القطاع بدأ منذ عهد المؤسسين ومستمر لصنع مستقبل مستدام

الاتصالات دعامة رئيسة لريادة الامارات في الإنترنت والحكومة الرقمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال حمد عبيد المنصوري، مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، إن ما بين عصر التلغراف وعصر الحكومة الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي ثمة مسافة زمنية زاخرة بالأحداث الكبرى والتحولات المفصلية، واليوم، تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات باتت هي المحرك الأبرز للتقدم في مجالات العلوم والاقتصاد والتعليم والمواصلات والصحة وغيرها.

وأضاف المنصوري في حوار مع وكالة أنباء الإمارات " وام " أن أهمية الرهان المبكر على الاتصالات اتضحت منذ المراحل الأولى لمسيرة اتحاد دولة الإمارات التي انطلقت في العام 1971. حيث كان الاهتمام بهذا القطاع تجسيداً لحكمة الآباء المؤسسين في ذلك الوقت، إذ أحسنوا استشراف المستقبل، وأدركوا أهمية إقامة بنية تحتية قوية لقطاع الاتصالات، تلك البنية التي خضعت للمراجعات المتتالية، فباتت اليوم هي الدعامة الرئيسة لريادة دولة الإمارات في الإنترنت والحكومة الرقمية، فضلاً عن توجهاتها المستقبلية المتمثلة في الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي والمدن الذكية وغيرها.

ولفت إلى أن الخطوات الأولى لرحلة قطاع الاتصالات انطلقت في ظل باني نهضتنا ومؤسس اتحادنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وحمل رايتها من بعده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة "حفظه الله". وهي رحلة لم يعرف أصحابها الكلل أو الملل، ولم تنل من عزيمتهم التحديات، بل دفعتهم للمزيد من الإصرار على سباق الزمن، لضمان الريادة المستدامة.

 

المعرفة والابتكار

وقال المنصوري: " إننا اليوم حيث نسدل الستار على خمسين عاماً من عمر اتحادنا الشامخ، ونفتح عهداً جديداً لخمسين عاماً أخرى من النهضة والارتقاء، تمضي هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، ومعها شركاؤها في القطاعين الحكومي والخاص، في تحمل نصيبها من أعباء المرحلة المقبلة، حيث يتم التأسيس لواقع جديد يعتمد على الاستدامة والمعرفة والابتكار والسعادة، ضمن مئوية الإمارات 2071".

وبشأن أهم المراحل التي مر بها قطاع الاتصالات في دولة الإمارات قبل تأسيس الهيئة قال المنصوري : « لقد شهدت إمارات الدولة قبل قيام الاتحاد في العام 1971، مرحلة ازدهار اقتصادي ترافقت بدايات تصدير النفط في العام 1962 من أبوظبي، وكان منتصف القرن العشرين المنصرم، قد شهد وضع الأسس الأولى للعديد من الدوائر والمؤسسات والهيئات في إمارات الدولة، وكانت الانطلاقة للكثير من القطاعات ومن بينها قطاع الاتصالات الذي انطلق فعليا مع تأسيس أولى شركات الهاتف والبرق في الدولة، وهي "شركة تليفون دبي المحدودة" التي باشرت خدماتها الهاتفية في شهر يوليو من عام 1960، ثم تأسست شركات هاتف وبرق في كل من أبوظبي والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة».

وأشار إلى أن تلك الشركات استمرت في عملها إلى ما بعد قيام الاتحاد، وصولاً إلى الثلاثين من شهر أغسطس عام 1976 ، حيث أصدر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، مرسوماً بدمج كافة شركات الهاتف والبرق تحت اسم واحد هو مؤسسة الإمارات للاتصالات (اتصالات). وكان لتلك الخطوة أثرها المهم في تعزيز ريادة الدولة على مستوى المنطقة، تلك الريادة التي تعززت بمد شبكة الألياف الضوئية على كامل أنحاء الدولة. 

 

التحول الرقمي 

وقال المنصوري : لقد كان ذلك إنجازاً نابعاً من رؤية استباقية ثاقبة،لأنه في واقع الحال أسس لبنية تحتية رقمية مكنتنا من تحقيق الكثير في مجال التحول الرقمي. مؤكداً أن هذه البنية التحتية المتمثلة في الألياف البصرية والشبكة الإلكترونية الاتحادية وغيرها هي التي جعلت دولة الإمارات من أنجح الدول في مواجهة جائحة "كوفيد 19". حيث انتقلت الدولة فوراً إلى العمل والتعلم عن بعد وتقديم مختلف الخدمات عبر منصات رقمية. وفي فترات الإغلاق كانت عمليات شراء المستلزمات البيتية تتم بشكل كبير للغاية، كما أن الخدمة لم تنقطع عن أحد مطلقاً وتمكن ملايين الناس من التواصل مع أحبائهم طوال الوقت. من ناحية أخرى لعب قطاع الاتصالات دوراً حيوياً في تمكين القطاعات الأخرى جميعاً من أداء عملها كفاءة خلال الجائحة، مشيراً في هذا السياق إلى القطاع الصحي باعتباره يمثل خط الدفاع الأول عن المجتمع، حيث أدت التطبيقات والحلول الرقمية إلى تسهيل مهمة الجهات الصحية المختلفة.

وأضاف أن قطاع الفضاء أيضاً يعد من القطاعات المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالاتصالات، مشيراً إلى أن شركة الثريا للاتصالات قد تأسست في العام 1997 بهدف تطوير قمر صناعي يتيح لسكان المناطق النائية في أقصى أركان الأرض استخدام وسائل الاتصال، وقد أطلقت الشركة أول قمر صناعي لها، الثريا 1 في العام 2000، وأطلقت ثاني أقمارها الصناعية، الثريا 2 في العام 2003، ما ساهم في توسيع نطاق تغطيتها. وكانت تلك الجهود الأولى هي التي أسست للقفزة النوعية المتمثلة في رحلة مسبار الأمل إلى المريخ في العام الماضي.

 

خدمات 

أما فيما يخص الهواتف المتحركة، فقد لفت المنصوري إلى أن الإمارات كانت الدولة الأولى في منطقة الخليج العربي التي توفر هذه الخدمة في العام 1982، ثم كانت من أوائل الدول التي طرحت نظام "GSM" في العام 1994. وتعد الإمارات، ممثلة بشركة "اتصالات" أول من أطلق خدمات الجيل الثالث للهواتف المتحركة 3G على المستوى الإقليمي في العام 2003، السنة نفسها التي قدمت فيها خدمات الرسائل متعددة الوسائط MMS. ومرة أخرى كانت هي المزود الأول لهذه الخدمات على المستوى الإقليمي.

وفي رده على سؤال حول الإنجازات التي تحققت في القطاع خلال العشرين سنة الماضية قال المنصوري : إنه وبهدف تنظيم قطاع الاتصالات في الدولة صدر في العام 2003 قانون بإنشاء هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأيضاً لضمان كل من معايير الاستدامة والتنافسية العالمية وترسيخ مبدأ الشفافية بين مزودي الخدمة والمتعاملين والمساهمين، وضمان فاعلية إطارها التنظيمي ليكون المشتركون من الأفراد والشركات التجارية هم المستفيدين الأساسيين من إطلاق خدماتها المبتكرة. 

وأشار إلى أنه ولتحقيق هدفها في تنظيم القطاع وضعت الهيئة خطة وطنية للطيف الترددي، وتسعيره، ونشرت خطة الترقيم، وأصدرت سياسة تسجيل اسم النطاق، وأصدرت أول ترخيص ترددي لشركة خاصة. وفي العام 2006 سجلت الهيئة القمر الصناعي (دبي سات) مع الاتحاد الدولي للاتصالات، ووضعت سياسة إدارة أسماء النطاق العربي (ae.)، وتالياً أسست الهيئة نظام الاتصالات الخاص بالهواتف المتحركة على متن الطائرات، وقدمت خدمة "الواي ماكس" والبث التلفزيوني عبر الهاتف المتحرك، وأسست إدارة التجارة الإلكترونية.

 

بيئة تنافسية

وشكل العام 2005 منعطفاً في تاريخ قطاع الاتصالات بنقله من مزود خدمة واحد إلى بيئة تنافسية، وفتح مجال الاختيار أمام المستخدمين، ولترسيخ سوق المنافسة العادلة أنشئت شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة (دو)، شركة مساهمة عامة ذات مسؤولية محدودة، وشهد تاريخ تأسيسها بداية حقبة جديدة لقطاع الاتصالات بالدولة، حيث دخلت المنافسة للمرة الأولى في سوق يعد من أكثر الأسواق تطوراً وتشبعاً بخدمات الاتصالات في العالم.

وشهد عام 2006 إطلاق أول خدمات البلاك بيري في الشرق الأوسط، وفي العام 2010 تم استكمال شبكة الجيل الثالث المتطورة بتقنية (HSPA) لتصبح بذلك شبكة الجيل الثالث هي الأسرع والأوسع تغطية بالنسبة لمساحة الدولة في منطقة الشرق الأوسط، وفي العام 2011 تم إطلاق أول خدمات شبكة الجيل الرابع بتقنية التطور طويل الأمد 4G/LTE ، لتكون الشبكة الأولى من نوعها في الدولة والأوسع في المنطقة، وفي العام 2013 تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة دول العالم لجهة انتشار شبكة الألياف الضوئية  FTTH، وفي العام 2016 أجرت "اتصالات" أول تجربة حية في المنطقة لشبكة الجيل الخامس 5G وسجلت فيها سرعة قياسية بلغت 36 غيغابت في الثانية.

وقال المنصوري : في أواخر العام 2019 أطلقنا استراتيجية الإمارات للجيل الخامس، وذلك بالتزامن مع أول مؤتمر دولي للجيل الخامس يعقد في الدولة في 8 ديسمبر 2019. مشيراً إلى أن موقع إكسبو 2020 الذي سينطلق في أكتوبر المقبل سيكون بقعة مغطاة بالكامل بتقنية الجيل الخامس، كما أن أجزاء واسعة من المناطق المأهولة في الدولة مغطاة بتقنية الجيل الخامس.

Email