كشف تحليل حديث لغرفة تجارة وصناعة دبي، مبني على بيانات «يورومونيتر»، أن سوق تجارة التجزئة الإلكترونية في الإمارات قد حققت أعلى مستوياتها خلال عام 2020، مدفوعة بنمو الطلب بسبب جائحة «كورونا»، ووصلت قيمتها إلى 14.3 مليار درهم (3.9 مليارات دولار)، وبنسبة نمو بلغت 53% مقارنة بالعام 2019، مشيراً إلى أن حصة التجارة الإلكترونية في سوق التجزئة بالدولة ارتفعت من 2% في العام 2015 إلى 8% خلال العام الماضي.
وتوقع التحليل المبني أن تبلغ قيمة سوق تجارة التجزئة الإلكترونية في الإمارات، بحلول 2025 حوالي 8 مليارات دولار، وأن ترتفع بمعدل نمو سنوي مركب قدره 15.4% في الفترة 2020 ـ 2025.
التجارة عبر الهاتف النقّال
وأشار التحليل إلى أن الإمارات تتمتع بأعلى معدل لاستخدام الهواتف الذكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث بلغ 66% مما أثر على نمو التجارة عبر الهواتف النقالة في الدولة، لافتاً إلى أن حصة هذه التجارة من سوق التجارة الإلكترونية في الإمارات قد ارتفعت من 29% في 2015 إلى 42% في 2020. وبلغت قيمة تجارة التجزئة عبر الهاتف النقال في العام 2020 في الدولة 5.88 مليارات درهم (1.6 مليار دولار) بزيادة قدرها 56% عن العام السابق. ويتوقع أن تبلغ قيمة هذه التجارة 3.9 مليارات دولار بحلول عام 2025 وأن تسجل معدل نمو سنوي مركب قدره 18.9% في الفترة 2020 ـ 2025.
محركات رئيسة
وأشار التحليل إلى أن المحركات الرئيسية لسوق التجارة الإلكترونية في الدولة تتمثل في الدخل المرتفع للسكان، والمعدل المرتفع لاستخدام الإنترنت 99%، ووجود شبكة متطورة للوجستيات النقل، وأنظمة الدفع الرقمية الحديثة، وتزايد عدد الشباب المتمرسين في مجال التكنولوجيا، والدعم الحكومي القوي مثل مبادرة دبي الذكية 2021.
ولفت التحليل إلى أن الإمارات عموماً ودبي خصوصاً مركز لنمو التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أدى تغير عادات المستهلكين خلال أزمة وباء كورونا إلى تسريع نمو التسوق الرقمي. وطبقاً لبيانات من السجل الاقتصادي الوطني للإمارات، أصدر قطاع التجارة الإلكترونية أكبر عدد من الرخص في مايو 2020 حيث بلغ 196 رخصة.
تحديات سوق التجزئة
وأشار التحليل إلى وجود بعض التحديات التي تواجه سوق التجارة الإلكترونية أبرزها الدفع نقداً عند التسليم، في حين انخفضت طريقة الدفع عند التسليم بشكل كبير خلال فترة تفشي الوباء، وذلك بسبب التدابير الصحية وتطوير المدفوعات غير التلامسية. كما يجد بعض تجار التجزئة عبر الإنترنت صعوبة في جني الأرباح بسبب التكلفة العالية. وبصرف النظر عن تكلفة نقل وتغليف وتسليم البضائع، فإن إحدى أكبر التكاليف هي ارتفاع حجم السلع المعادة. وقد وجد الخبراء أن الأشخاص يعيدون ما بين 15% إلى 40% مما يشترونه عبر الإنترنت، مقارنة بـ 5% إلى 10% عند التسوق داخل المتجر. وعلى الرغم من ذلك، من المتوقع أن يقلل التحسين في تفاصيل المنتج المعروض للبيع عبر الإنترنت، ودعم العملاء، وعرض المنتجات عبر الصور، من كمية السلع المعادة.
تطوير حلول
وهيمنت التجارة الإلكترونية خلال فترة تفشي الوباء، حيث بذل العديد من تجار التجزئة الكثير من الجهد في إنشاء مواقع لمتاجرهم على الإنترنت وتحسينها والترويج لها. كما قام العديد من تجار التجزئة الصغار في الإمارات الذين لم يديروا متاجر عبر الإنترنت قبل الإغلاق، بتطوير حلول مؤقتة لبيع منتجاتهم عبر الإنترنت، على سبيل المثال، نشروا منتجاتهم على «أمازون» أو وسائل التواصل الاجتماعي وقدموا خدمات الاستلام أو التوصيل. أما الشركات التي كانت تبيع منتجات عالية الطلب، مثل المواد الغذائية وأجهزة الكمبيوتر، فقد زادت من حصتها في سوق التجارة الإلكترونية في الإمارات خلال فترة الوباء.
وفقاً لبيانات «يورومونيتر»، في 2020، حصلت فئة الملابس والأحذية ضمن قطاع التجارة الإلكترونية على أعلى حصة بنسبة 33%، مسجلة 4.77 مليارات درهم (1.3 مليار دولار) في سوق تجارة التجزئة الإلكترونية في الإمارات. وعلى الرغم من بعض تدابير الإغلاق، فقد زادت حصة هذه الفئة عبر الإنترنت بشكل طفيف في عام 2020، بسبب الطلب المتزايد على الملابس ذات الطراز المريح، مثل القمصان والبلوزات والسترات. وجاءت الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية في المرتبة الثانية ضمن فئات تجارة التجزئة الإلكترونية في الإمارات بنسبة 31% (1.2 مليار دولار).
في هذه الفئة، كان الطلب مرتفعاً خصوصاً على أجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة الكمبيوتر الشخصية والأجهزة اللوحية، بسبب العمل عن بُعد والتعليم عبر الإنترنت. وحلت الأطعمة والمشروبات ثالثة (بحصة بلغت 11% أو 400 مليون دولار) في سوق تجارة التجزئة الإلكترونية في الإمارات خلال 2020. كان الطلب عبر الإنترنت في هذه الفئة مرتفعاً بشكل خاص على الأغذية الأساسية، وتلك الجاهزة للأكل والمنتجات الغذائية الصحية.
وقام العديد من كبار تجار التجزئة بتطوير وتعزيز تطبيقات الهاتف النقال بهدف زيادة مبيعاتهم عبر الإنترنت وتحسين قدرة المتعاملين للوصول إلى منتجاتهم. وطبقاً لأحدث البيانات الصادرة عن هيئة تنظيم الاتصالات في الإمارات هنالك ما مجموعه 52 تطبيقات للمشتريات في الدولة متخصصة في المنتجات الغذائية والمشروبات والأدوية. ويعتبر الشراء عبر تطبيقات الأجهزة النقالة مرتفعاً بشكل خاص بين الجيل الذي يلي جيل الألفية، لكن جيل الألفية كان يشعر بارتياح أكبر في إجراء معاملات الشراء عبر أجهزة سطح المكتب، حسبما ذكرت «يورومونيتر».
توقعات نمو
وفقاً للتقرير الصادر عن «يورومونيتر»، فإنه خلال فترة تفشي وباء «كورونا» (2019 ـ 2020)، حققت تجارة التجزئة الإلكترونية للأغذية والمشروبات ومنتجات الإلكترونيات الاستهلاكية معدلات نمو ذات ثلاث خانات. وتشمل مجموعات المنتجات الأخرى التي سجلت معدلات نمو تزيد على 50% منتجات التجميل والعناية الشخصية ورعاية الحيوانات الأليفة والملابس والأحذية.
وتوقع التحليل أن تكون المستلزمات الشخصية والنظارات أكثر المنتجات نمواً في سوق التجارة الإلكترونية في الإمارات، حيث يتوقع أن تسجل معدل نمو سنوي مركباً قدره 20% خلال الفترة من 2020 إلى 2025، تليها المنتجات الإعلامية ومنتجات رعاية الحيوانات الأليفة والعناية المنزلية.
سرعة مطردة
وكما هو الحال في الإمارات، فإن الرقمنة تنمو بسرعة مطردة، ولذلك سوف توفر التجارة الإلكترونية تجارب أسرع وأكثر أماناً وذات طابع أكثر شخصية للمستهلكين. وسيؤدي صعود التسوق الصوتي، والتجارة الاجتماعية، وإعادة الطلب الفوري الافتراضي، والاشتراكات للمنتجات جنباً إلى جنب مع وسائل الراحة مثل التسليم في اليوم نفسه والأسعار التنافسية، إلى جذب المزيد من المستهلكين لاختيار التجارة الإلكترونية وتفضيلها على القنوات التقليدية والشراء من المتاجر مباشرة.