المعرفة والابتكار أساس خريطة الإمارات للخمسين عاماً المقبلة

الشباب ركيزة الإمارات في رحلتها إلى "المئوية"

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكّد خبراء تقنية أنه رغم حداثة دولة الإمارات، إلا أنه بتركيزها على التكنولوجيا والتحول الرقمي والابتكار والأنظمة المستدامة وريادة الأعمال والتجارة، فإن الخمسين عاماً المقبلة ستكون مذهلة بشكل كبيرٍ، مشددين على أن الإعداد التقني السليم للشباب الإماراتي سيكون ركيزة أساسية لتسريع حقبة جديدة في الدولة قائمة على اقتصاد المعرفة والابتكار وتحقيق رؤية مئوية الإمارات 2071، التي تُعتبر خريطة طريق طموحة لدمج التقنية في الحياة اليومية بالإمارات، متوقعين مستقبلًا قائمًا على التقنية في القطاعين العام والخاص في الدولة. وأكد الخبراء أن الذكاء الاصطناعي سيكون قادراً على مساعدة الشباب على فهم الأدوار الأكثر ملاءمة لهم منذ سن مبكرة ومساعدتهم على اكتساب المهارات التي يحتاجونها لتعزيز مواهبهم لأعلى مستوى، لافتين إلى أن تنفيذ استراتيجيات الابتكار في الشركات، سيكون عاملاً رئيساً في خلق المزيد من الوظائف في الإمارات خلال السنوات الخمس المقبلة.

 

توجهات ناشئة

وقالت أمل جاردنر، نائب الرئيس ومدير عام شركة إنفور لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا: إن الكفاءات الشابة ستمارس دوراً هاماً في نمو الإمارات خلال الخمسين سنة القادمة. وسيكون للتوجهات الناشئة عن الابتكارات التقنية والتحولات الديموغرافية والعولمة تأثير على العمل وذلك بتغيير شكل الطلب على المهارات والأسلوب الذي يتبعه الناس في العمل،  فالوظائف الشائعة اليوم ستنقرض خلال عقد أو حتى عقدين، لكن بالمقابل ستظهر أدوار ومهام جديدة في عالم العمل. وبإمكان الشباب أن يمارسوا دوراً فاعلاً من خلال الانفتاح والمرونة والاستعداد لتعلم مهارات تضعهم في المقدمة.وأكدت أن الإمارات برزت بقوة جراء تبنيها للابتكار التكنولوجي ووضعها الأهداف لتصبح رائدة عالمياً على صعيد التقنية. فالتزام الإمارات نحو الحكومة الذكية واضح وجلي، وينعكس إيجاباً على القطاع الخاص من خلال تشجيع الاستثمارات في التقنيات الحديثة. وهذا ما يساعد المؤسسات في كافة القطاعات على احتلال مواقع ريادية على الصعيد الإقليمي والعالمي وتعزيز اقتصاد الدولة والمساعدة على حفز النمو والابتكار مستقبلاً.

الكفاءات الشابة

وقال محمد أبوخاطر، نائب الرئيس الإقليمي في الشرق الأوسط وإفريقيا في شركة «إف فايف»: إن شباب اليوم سيصبحون في الغد قادة أكفاء ومدراء وموظفين، ومن الضرورة بمكان أن يتم تشجيع الشباب على المشاركة بفعالية في المجتمع وتطوير مهارات شاملة، بما في ذلك امتلاك فهم قوي للتقنية. وسيطرأ على طبيعة العمل بحد ذاته تغيرات كبيرة خلال العقود القادمة، حيث إن التطورات الحاصلة على صعيد الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والأتمتة ستجعلها تتولى أداء المزيد من الأدوار في العمل، سيما الوظائف التي تعتمد بشكل مكثف على أداء مهام متكررة. لذلك من الضروري أن يطور الشباب مهاراتهم في إيجاد الحلول للمشكلات والتفكير المنطقي والقدرة على الابتكار.

وأضاف: تشهد التقنية تحولات بوتيرة متسارعة مدفوعة بالتعاظم المستمر لقدرات الحوسبة المطروحة، وينطبق الأمر ذاته على التقنية التي تشمل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وتقنيات الجيل الخامس والحوسبة الطرفية. وقد عملت الإمارات على تعزيز موقعها الريادي في التقنية في إطار رؤيتها الوطنية، ملتزمة بتسخيرها لإحداث تطورات إيجابية لصالح الاقتصاد والمجتمع. ونتوقع أن يكون دور الشباب رائداً في هذا المجال.

 

وظائف البيانات

وأكّد حيدر باشا، مدير أول ورئيس أمن المعلومات في بالو ألتو نتوركس في الأسواق الناشئة، أنه عند الحديث عن المهارات، من الضروري إدراك أن ما يزيد عن 40% من الوظائف التي ستوجد بعد 50 عاماً لم يتم إنشاؤها بعد. تماماً مثل وظائف عالم البيانات والمعالج بالجينات التي لم تكن معروفة قبل 50 عاماً.

ولذلك ستكون هنالك أدوار وظيفية جديدة كلياً في 2071. وسيلزم الشباب في كثير من الحالات التدريب على وظائف لسنا على دراية بها بعد. وأضاف: على سبيل المثال، قد تكون منصات الذكاء الاصطناعي قادرة على مساعدة الشباب على فهم الأدوار الأكثر ملاءمة لهم منذ سن مبكرة ومساعدتهم على اكتساب المهارات التي يحتاجونها لتعزيز مواهبهم لأعلى مستوى. كما سيكون للمرأة أيضًا دور أكبر بكثير تمارسه في جميع القطاعات،  ومن المهم أن تبقى الشركات على تواصل واطلاع حول الأفكار الجديدة لجيل الشباب وتطلعاتهم، والتعاون معهم لتحقيق أفكارهم، من خلال البرامج المشتركة مع الجامعات والمدارس.


نقلة تحولية

وقال: إن التقنية ستؤدي إلى إحداث نقلة تحولية في كل ناحية من نواحي الحياة في الإمارات خلال الخمسين عاما المقبلة في ضوء التزام حكومة الإمارات نحو تنمية الاقتصاد والمجتمع، مشيرين إلى أن الصحة والذكاء الاصطناعي والسفر إلى الفضاء ستحمل الكثير من التطورات الرائعة بوضوح خلال الخمسين سنة القادمة.

وتابع: سيشهد القطاع الصحي نقلة نوعية بفضل التطورات الحاصلة على عدة أصعدة مثل الهندسة البيولوجية والعلاج الجيني والتقنيات القابلة للارتداء، والتي ستفضي إلى تطورات غير مسبوقة في معالجة الأمراض والإصابات.
 
وأردف: «سيواصل الذكاء الاصطناعي تطوراته بوتيرة سريعة، مع إعطاء الأولوية للجانب «الذكي» وليس «الاصطناعي» من هذه التقنية. ومع تطور الذكاء الاصطناعي فإنه سيصبح ذو فائدة أكبر من أي وقت مضى من ناحية توقع المشكلات وحلها سواء كانت كبيرة أم صغيرة».

 

الآلات والروبوتات

 

وأفاد زكريا حلتوت، المدير التنفيذي لشركة إس إيه بي SAP في الإمارات بأن تدريب الشباب في الإمارات وإعدادهم للانخراط في قوى العمل المستقبلية أمر بالغ الأهمية، فتقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلات والروبوتات لن تحلّ محل الأفراد، وإنما سوف تدعمهم في أماكن العمل، وتمكّنهم من تولي وظائف أكثر إبداعًا وأبعثَ على الرضا. وأوضح أن التحوّل الرقمي والاعتماد الواسع على الابتكارات الناشئة، مثل السحابة والذكاء الاصطناعي وتعلم الآلات وإنترنت الأشياء والبلوك تشين، تقنيات من شأنها دعم تنفيذ المبادرات التي تطلقها وتقودها الحكومة الإماراتية.

وأردف قائلاً: «تُعد الإمارات رائدة عالميًا في استخدام التقنية، بدءًا من الأحداث الضخمة المرتقبة والمعتمدة على الإنترنت والاتصالات، مثل إكسبو 2020 دبي، ووصولًا إلى طموحات مدينة دبي الذكية، والتحوّل الرقمي في حكومة أبوظبي».

 

أهمية الأتمتة

 

وقال عبدالناصرعلي، مدير المبيعات في إبسون الشرق الأوسط: إن الجهود التي تبذلها الدولة تتسارع إلى تنفيذ أجندة متنوعة تشمل العديد من مبادرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتنموية لأجيالٍ قادمة. وتلعب التقنيات الحديثة دوراً هاماً في هذه المبادرات وعبر كل القطاعات تقريبًا، فالتقنيات الحديثة تعزز كفاءة الأعمال وتساعد على توفير خدمات أفضل للأجيال القادمة بما في ذلك صناعة المنسوجات وأتمتة المصانع والطباعة للأغراض الصناعية والتجارية.

وأضاف: «في إبسون، يعد التزامنا بالابتكار هو ما يميزنا ويضع منتجاتنا الأصلية في المقدمة، وتحرص الشركة على تقديم منتجات تقنية إبداعية لتلبية احتياجات العملاء وتحسين خدمة الأفراد، وتستثمر الشركة نحو 6.2 ملايين درهم يوميًا في الأبحاث والتطوير على مستوى العالم لأجل الابتكار. ونحن ملتزمون بصنع منتجات تقنية تهدف إلى تغيير العالم للأفضل، كما ندعم مبادرات الإمارات الرامية إلى تعزيز النمو وتحسين نتائج الأعمال والارتقاء بجودة الحياة».

الأمن السيبراني

وأكد مورغان رايت، كبير مستشاري الأمن السيبراني لدى «سنتينل وان» أن تعزيز الاستثمار في تطوير قدرات الأمن السيبراني في الإمارات سيكون عاملاً رئيسياً في إنجاح خطط التحول الرقمي والمبادرات الطموحة في الدولة، وقال: «كانت الإمارات ولا تزال سبَّاقة وحريصة على الريادة في التقنيات المتطورة. ولأكثر من عقدين من الزمن، شاهدت صعود الإمارات في المجتمع العالمي حيث واجهت الدولة تحديات تقنية معقدة وتوسعت في عمليات التحول الرقمي. وشمل ذلك مدينة مصدر، أول مدينة ذكية ومستدامة في الإمارات وواحدة من أوائل المدن في المنطقة بأكملها.

 والآن، أصبحت الإمارات مركزاً عالمياً للابتكار وتطوير تقنيات أحدث وأكثر أماناً والذي ساهم في تعزيز مكانة الدولة في خضم الأحداث السيبرانية والأمنية التي تعصف بالمنطقة. فالعديد من شركات التكنولوجيا لديها مكاتب في الإمارات، وعدم تواجدهم فيها يعني فقدان فرص متنامية ومثيرة لتغيير المنطقة والعالم. وقد تكون الإمارات دولة حديثة نسبياً، ولكن بتركيزها على التكنولوجيا والتحول الرقمي والتجارة والابتكار والأنظمة المستدامة وريادة الأعمال، فإن الخمسين عاماً القادمة ستكون مذهلة بشكل كبيرٍ».

السفر إلى الفضاء

قال حيدر باشا: «تخطو الإمارات خطوات هائلة في مجال السفر إلى الفضاء، كما اتضح جلياً في مهمة مسبار الأمل التي نجحت في إرسال مسبار إلى مدار حول المريخ الشهر الماضي. وهذه مجرد البداية، ويمكننا توقع رؤية المزيد من المهمات والأبحاث الصادرة عن الإمارات في هذا المجال، ما يمهد الدرب لإرسال المزيد من البعثات الفضائية حتى المأهولة منها. كما أن المعلومات المستقاة من تلك المهمات الفضائية سيكون لها عظيم القيمة هنا على كوكب الأرض».

Email